توقفت الاحتجاجات في الأردن بعد أن أعلن رئيس الوزراء الاردني المكلف عمر الرزاز الخميس التوصل إلى توافق على سحب مشروع قانون ضريبة الدخل المثير للجدل الذي أثار حركة احتجاج واسعة في المملكة منذ اسبوع.
وخلافا لليالي السابقة التي شهدت خلالها عمان احتجاجات كبيرة على مشروع القانون المثير للجدل، ساد الهدوء مساء الخميس العاصمة الأردنية حيث لم يتجمع سوى 100 متظاهر فقط عند "الدوار الرابع"، مركز التظاهرات الليلية التي نظمت على مدى أسبوع قرب مبنى رئاسة الوزراء، والتي أدت إلى استقالة حكومة هاني الملقي، فيما قال البعض إن الأمر كان بمثابة احتفال، حيث جاب شباب بسياراتهم الشوارع محتفلين بالإنجاز الذي تحقق بسبب الاحتجاجات، ممثلا في إسقاط الحكومة، وبعد ذلك الوعد بسحب قانون الضريبة المثير للجدل.
وسادت حالة من الرضا والابتهاج الشارع الأردني، بعد تصريحات رئيس الوزراء المكلف، حيث شعر الأردنيون بأن احتجاجهم قد أسفر عن تحقيق، ولو جزء أساسي من مطالبهم.
وقال الرزاز للصحافيين ردا على سؤال إن كانت الحكومة تنوي سحب القانون بعد اداء اليمين المتوقع الأسبوع المقبل: "بالتأكيد سيكون ذلك".
وأوضح أنه "بعد التشاور مع مجلس النواب ومجلس الأعيان (...) هناك توافق على سحب مشروع قانون ضريبة الدخل لأسباب عديدة".
وأضاف "أولها أنه سيحتاج ويتطلب نقاشا وحوارا عميقا يأخذ مجراه حتى نصل للقانون لأنه يؤثر على الجميع".
وتابع الرزاز "ثانيا القانون لا يجب أن يدرس بمفرده، وإنما الأثر الضريبي الكلي على المواطن، سنأخذ الأثر الضريبي الكامل بعين الاعتبار عند دراسته".
من جهته، أكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز للصحافيين أنه "بعد أداء القسم الدستوري سيسحب (رئيس الوزراء) القانون"، مشيرا إلى أن "هذه رسالة إلى الشعب لوقف الاحتجاجات".
وأضاف "أطالب الجميع بتهدئة الوضع وتهدئة النفوس وتهدئة الاحتجاجات. فقد اتفقنا على سحب القانون".
وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل هو المطلب الرئيسي للمحتجين.
والتقى الرزاز بعد الظهر ممثلي النقابات المهنية الذين اعترضوا بشدة على مشروع القانون ونفذوا إضرابين عن العمل.
وقال الرزاز خلال اللقاء أنه "من وحي كتاب التكليف السامي قررنا سحب مشروع القانون".
وأضاف: "هذا قانون مهم جدا ويمس كل مواطن وكل فئات المجتمع وهو لم يأخذ حقه بالنقاش وعليه دراسته وإجراء مراجعة قانونية دقيقة له"، مشيرا إلى أن "أي قانون ضريبي سيتضمن مواضيع خلافية".
من جهته، قال علي العبوس رئيس مجلس النقابات المهنية في اتصال هاتفي مع فرانس برس أن اللقاء "كان إيجابيا جدا لمسنا خلاله تغييرا في النهج وطريقة التعامل حيث وعد رئيس الوزراء بسحب مشروع قانون الضريبة".
وأضاف أن رئيس الوزراء وعدنا كذلك بتغيير طريقة التعامل مع "النقابات في القضايا التي تمس قضايا الأمة والشعب عبر الحوار، وأنه لن تكون هناك قرارات تنزل علينا بالمظلات".
وأشار إلى أنه "بذلك تكون مهمتنا كنقابات مهنية قد أنجزت، كان لدينا مطالب وتحققت".
ويواجه الرئيس المكلف مهمة تبدو صعبة للغاية في ضوء الوضع الاقتصادي للمملكة التي تعتمد إلى حد كبير على المساعدات الخارجية ولا تمتلك موارد طبيعية، وكانت تعهدت لصندوق النقد الدولي العمل للحد من ديونها في مقابل الحصول على قروض بمئات الملايين الدولارات.
ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى 20%، ونسبة البطالة إلى 18,5% في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
واحتلت عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة "إيكونومست".
وقال المحامي محمد الفايز لفرانس برس خلال مشاركته في احتجاج أمام مقر النقابات المهنية الأربعاء إن مشروع قانون ضريبة الدخل "كان أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير".
وكانت دعوة العاهل الأردني الثلاثاء إلى إجراء "مراجعة شاملة" لمشروع قانون الضريبة واستقالة رئيس الوزراء السابق هاني الملقي غير كافية لوقف حركة الاحتجاجات، ولكن تعهد رئيس الحكومة المكلف بسحب مشروع قانون الضريبة بعد حصوله على الثقة أدى إلى حالة من الرضا العام.
وكان مجلس الوزراء أقر في 21 أيار/مايو مشروع قانون ضريبة الدخل وأحاله إلى مجلس النواب للتصويت عليه. ومشروع القانون يؤثر بنسبة أكبر على الطبقة الوسطى كالأطباء والمحامين والمهندسين.
وينص مشروع القانون الجديد على زيادة المساهمات الضريبة على الأفراد والشركات ومعاقبة التهرب الضريبي بغرامات مالية وعقوبات بالسجن.
وقال العاهل الأردني في الكتاب الرسمي لتكليف عمر الرزاز تشكيل حكومة جديدة، "على الحكومة أن تطلق فورا حوارا بالتنسيق مع مجلس الأمة بمشاركة الأحزاب والنقابات ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، لإنجاز مشروع قانون ضريبة الدخل".
ويشهد الأردن أزمة اقتصادية متفاقمة خصوصا في ظل تجاوز الدين العام 35 مليار دولار.
وحركة الاحتجاجات الحالية هي الأكبر منذ نهاية عام 2011 عندما رفعت الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية.
ويعتمد الأردن الذي يستورد معظم احتياجاته النفطية من الخارج، بشكل كبير على المساعدات الخارجية خصوصا من الولايات المتحدة ودول الخليج.
وبحسب الأمم المتحدة، هناك نحو 630 ألفف لاجئ سوري مسجلين في الاردن، بينما تقول المملكة إنها تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/مارس 2011. وتقول عمان إن كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.
اقرأ أيضا: ماذا قال الرزاز لشاب أردني يفكر بالهجرة؟.. وتعليقات