نشرت صحيفة "
لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن قرية عروس السياحية
السودانية، التي كانت قاعدة لعناصر من جهاز المخابرات
الإسرائيلي "الموساد". وتهدف إسرائيل من خلال السيطرة على هذا المنتجع إلى ضمان سلامة
اليهود الإثيوبيين وإنقاذهم من الحرب الأهلية والأزمات الإنسانية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته، "
عربي21"، إن قرية عروس السياحية تتميز بشواطئها التي تطل على البحر الأحمر، ويحيط بها من جهات أخرى الصحراء الشاسعة. وتعد قرية عروس المنطقة السياحية الأولى في السودان، حيث يمكن ممارسة أنشطة مثل الغوص، والتمتع بالاسترخاء بينما تستلقي تحت أشعة الشمس، ناهيك عن توفير هذا المنتجع السياحي للعديد من الأنشطة السياحية لزوراه.
وذكرت الصحيفة أن الموساد أنشأ هذا المنتجع وأشرف على إدارته لتغطية عملية غير عادية تهدف إلى إنقاذ آلاف اليهود الإثيوبيين العالقين في مخيمات اللاجئين في السودان ونقلهم لإسرائيل، في إطار ما يسمى بعملية "الإخوة". وتعد عملية إنقاذ اليهود الإثيوبيين من الحرب الأهلية والأزمات الإنسانية، واحدة من أكثر عمليات جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) جرأة وتعقيدا وطولا. وبعد مرور 37 سنة، تم الكشف عن تفاصيل الأحداث التي وقعت في المنتجع السياحي بالسودان.
وبينت الصحيفة أنه في سنة 1977 انطلقت "حركة الإخوة" بالتزامن مع انتخاب مناحيم بيجين رئيسا للوزراء. وفي تلك الآونة، تلقت إسرائيل تقارير تفيد بانطلاق موجة نزوح في إثيوبيا هربا من الحرب الأهلية والمجاعة، وكان من بين النازحين عدد كبير من اليهود الإثيوبيين الذين التحقوا بمخيمات اللاجئين في السودان. ويعد السودان ممرا مثاليا للجالية اليهودية للوصول إلى إسرائيل، مع العلم أن الخرطوم تكن عداوة لليهود.
وأفادت الصحيفة بأن إسحاق حوفي، الذي كان يشغل منصب مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد في تلك الفترة، هو من اضطلع بهذه المهام. وبعد مرور أربع سنوات، أجرى الموساد الإسرائيلي عدة رحلات استكشافية في الساحل السوداني للتوصل لأماكن آمنة، حتى تتمكن البحرية الإسرائيلية من نقل اليهود الأفارقة إلى تل أبيب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد سنوات من البحث تمكن المستكشفون الإسرائيليون من العثور على منطقة في السودان يوجد فيها 15 منزلا خاليا على الشواطئ، وتحتوي هذه المنشآت على مطابخ ودورات مياه وغرف نوم، بناها رجال أعمال إيطاليون ومن ثم تخلوا عنها.
وتجدر الإشارة إلى أن الموساد نجح في إيهام وزارة السياحة السودانية بأنها تؤجر هذه المنطقة لشركة سويسرية ترغب في إنشاء وجهة سياحية جديدة في أفريقيا. وقد عينت الشركة الوهمية مجموعة من المسؤولين الأوروبيين، الذين كانوا في حقيقة الأمر عملاء للموساد.
ونوهت الصحيفة بأن جهاز الموساد استأجر من السودان هذا المنتجع لمدة ثلاث سنوات، حيث تم توظيف عدد كبير من العمال لترميم المنتجع من خلال توفير الكهرباء والمياه، تمهيدا لتحويله إلى موقع سياحي ضخم. وفي الحقيقة، لم يكن الموظفون العاملون في المنتجع يعرفون أي شيء عن الأهداف الحقيقية لباعثي هذا المشروع، ولا حتى الهويّات الحقيقية لرؤسائهم في العمل. كما أن الزائرين لم يكونوا مدركين للغاية الرئيسية من وراء فتح هذا المنتجع.
وأكدت الصحيفة أن اللاجئين الإثيوبيين اليهود توافدوا إلى المدينة السياحية، حيث تمكن رجال الموساد من التعرف عليهم، وجمعهم بشكل سري. وعموما، تنقل الجالية اليهودية من السودان إلى إسرائيل عن طريق شاحنات صغيرة أو على متن قوارب وطائرات سياحية صغيرة.
وذكرت الصحيفة أن السبب الرئيسي الذي دفع إسرائيل إلى التكتم عن عملية الإخوة، هو أن عدد اليهود الذين نقلهم الموساد من السودان إلى تل أبيب كان قليلا مقارنة "بعملية موسى". وفي تلك العملية، تمكنت السلطات الإسرائيلية من نقل أكثر من سبعة آلاف يهودي إثيوبي جوًا إلى إسرائيل من السودان، في أقل من ثلاثة أشهر بين 21 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1984 والخامس من كانون الثاني/ يناير سنة 1985.
وفي الواقع، حظيت "عملية موسى" بموافقة السلطات السودانية وهو ما أثار حالة من السخط في العالم العربي. وخلال سنة 1991، تمكنت السلطات الإسرائيلية من نقل قرابة 14 ألف يهودي إثيوبي في 36 ساعة فقط.
وفي الختام، نقلت الصحيفة تصريحا أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أكد فيه أن جهاز الموساد قادر على اختراق أي دولة في الشرق الأوسط، حتى لو كانت إيران؛ الأمر الذي يؤكد أن الحرب بين طهران وتل أبيب باتت وشيكة.