في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة قد حسمت أمرها بتوجيه ضربات عسكرية للأسد، على خلفية الهجوم الذي قام به نظام الأخير بالكيماوي في
دوما، قلل محللون تحدثت إليهم "
عربي21" من تأثير هذه الضربات الوشيكة على الواقع الميداني في الأرض السورية.
وأرجع المحللون سبب رؤيتهم هذه إلى تحكم أطراف دولية بقرار المعارضة العسكري، الأمر الذي يحول دون فتح أي معركة قد تمكن المعارضة من الاستفادة من تضعضع محتمل في صفوف قوات النظام فور تعرضها للضربات.
وأبعد من ذلك، اعتبروا أن خارطة النفوذ الحالية بمنزلة الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها من أي طرف من الأطراف.
وفي هذا السياق، اعتبر العضو السابق في الائتلاف السوري المعارض، سمير نشار، أنه "دون النظر إلى حجم هذه الضربات وبنك أهدافها، فإن تنفيذها يصب في مصلحة الثورة السورية، لكن ليس على حساب الخارطة العسكرية".
موضحا ما يعنيه، أضاف لـ"
عربي21": "إضعاف النظام وتقويضه، ولو جزئيا، يصب في مصلحة الثورة سياسيا، لكن عسكريا فإن هيمنة الأطراف الدولية ووصايتها على فصائل المعارضة تمنع الأخيرة من المبادرة بفتح معركة ما".
ويعتقد نشار أنه "لم يعد يسمح للمعارضة بالقيام بعمل منفرد سواء كان في الجنوب السوري أو في الشمال أو الشرق السوري".
وفي السياق، رأى أن التقديرات الأولية تؤكد أن الضربات ستكون بالقوة التي قد تؤدي إلى قصم ظهر النظام، ما لم يتم التوصل إلى صفقة غير مستبعدة في عالم السياسة.
وقال نشار: "إن تنفيذ الضربات يعني أن هناك توجها دوليا نحو الحل السوري، وخصوصا أن المؤشرات تشير إلى أن هناك تحالفا بدأ يتبلور ضد النظام السوري".
بدوره استبعد الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد حاتم الرواي، أن تستفيد المعارضة من الضربات بشكل مباشر، معربا عن اعتقاده بأن المعطيات على الأرض وواقع حال المعارضة يحولان دون ذلك.
وقال لـ"
عربي21" إن الضربات الوشيكة قد تستهدف مقرات النظام بشكل مباشر، إلى جانب مقرات لإيران، ما يفسح المجال أمام المعارضة لتقديم أفكارها بخصوص الحل السياسي، متسائلا بالمقابل: "لكن هل تستطيع المعارضة بتشرذمها الحالي وبضعف بنيتها التعامل مع الروس والأمريكان؟".
وأضاف الراوي: "لذلك تتشجع الولايات المتحدة اليوم لتنفيذ الضربات لأنه ما من قوة مرشحة لتهديد النظام وخصوصا في العاصمة ومحيطها، وتحديدا بعد خروج فصائل الغوطة منها".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تبدو مطمئنة في حال نفذت هذه الضربات، لأنه ليس من بديل".
وتوقع الراوي ألا تخرج فصائل المعارضة عن اتفاق "خفض التصعيد" حتى في حال كانت الفرصة مواتية لذلك، مضيفا: "نستطيع القول إن المعارضة العسكرية رضيت تماما بواقعها".
لكن ومقابل كل ذلك، أعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن الضربات ستخلق بيئة مواتية لتجميع المعارضة لذاتها للتعامل مع الحالة الجديدة الناجمة عن تضعضع النظام لفترة طويلة الأمد.
من جانبه، رجح كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات السابقة، محمد صبرا رجح في حديث مع "
عربي21"، أن تستهدف الضربات الأهداف الإيرانية بشكل أولي، قائلا: "لن تحد هذه الضربات فقط من قدرات الأسد الإجرامية، وإنما ستحد بشكل ما من التوحش والتوغل الإيراني في
سوريا والمشرق العربي".
ما يعني، بحسب صبرا، أن التأثير المتوقع لها من شأنه إفادة المعارضة بطريقة أو بأخرى.