قصف النظام السوري مدينة دوما بريف دمشق السبت، الأمر الذي فاجأ الجميع، وأعاد المطالبات الدولية بمعاقبة نظام الأسد إلى الواجهة من جديد بعد أن كان النظام يتقدم في حملته على الغوطة وكاد ينتهي منها.
وإثر العملية العسكرية وإجلاء بعض المقاتلين والمدنيين، تمكن النظام السوري من إعادة سيطرته على 95 في المئة من الغوطة الشرقية لتبقى دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام.
وأثار القصف الذي حمل بصمات النظام بسبب العدد الكبير للضحايا وعوارض الغازات الكيميائية على الجثث الجدل حول ما دفع النظام لارتكاب المجزرة.
الخبير العسكري العميد أحمد رحال، أوضح لـ"عربي21" أن المسؤول عن ملف التفاوض مع جيش الإسلام هو الطرف الروسي، وليس النظام، مشيرا إلى أن الجانب الروسي استبعد موفد النظام في الجولة الثانية من المفاوضات بسبب عرقلته للعملية.
مفاوضات لا تعجب النظام
وأشار إلى أنه عندما اقترب التوصل لاتفاق بين الجانب الروسي، قام النظام بقصف أحياء المزة وساحة الأمويين، ثم أعلن النظام أن فصائل المعارضة هي التي قصفت المدنيين هناك.
وفي إطار المفاوضات أيضا، قال رحال إن الاتفاق كان يقضي بدخول سلطة مدنية فقط للنظام إلى داخل المدينة، وشرطة عسكرية روسية، وبقاء عناصر جيش الإسلام هناك، الأمر الذي أزعج النظامين السوري والإيراني معا.
ونفذ بعد ذلك النظام ضربة أولى بغاز الكلور، وبعدها ضربة ثانية لاحقا بغاز السارين.
ولفت رحال إلى أن روسيا تراجعت خطوة إلى الوراء في الاتفاق لعلمها بصعوبة تهجير 150 ألفا و12 ألف مقاتل لجيش الإسلام هناك الأمر الذي لم يعجب الجانب الإيراني الذي يريد "دمشق" نقية خالصة من أي بؤر للمعارضة، على غرار حزام بغداد في العراق.
اقرأ أيضا: هل يؤخر "الكلور" تدخل الغرب في سوريا ويحركه "السارين"؟
وتوقع رحال أن يتم الإعلان اليوم عن اتفاق روسي مع جيش الإسلام.
وعن رسائل النظام، قال الخبير العسكري، إن القصف يحمل رسالتين؛ الأولى للقلمون الشرقي، وأخرى لريف حمص الشمالي.
وحاولت "عربي21" التواصل مع الناطق باسم جيش الإسلام إلا أنها لم تفلح في الحصول على رد من الفصيل.
من الذي يفاوض؟
وأكد رحال على أن روسيا لا تريد أن يكون الفضل في "الانتصار" بالغوطة للنظام، ولذلك تم استبعاد سهيل الحسن من المشهد، وهي التي تتولى التفاوض مع جيش الإسلام.
وفي وقت سابق، نقل التلفزيون الرسمي التابع للنظام السوري عن "مصدر رسمي في الحكومة قوله إن التفاوض مع جماعة جيش الإسلام سيجري الأحد بعد أن طلبت الجماعة المعارضة ذلك".
وذكر المصدر أن "إرهابيي ما يسمى جيش الإسلام يطلبون التفاوض مع الدولة السورية وإن الدولة ستبدأ التفاوض خلال ساعتين"، بحسب تعبيره.
غير أن فضائية أورينت المعارضة قالت إن المفاوضات تجري بين جماعة جيش الإسلام والروس للتوصل لاتفاق نهائي بشأن مصير مدينة دوما في الغوطة الشرقية.
وارتكبت قوات النظام السوري مجزرة جديدة في دوما بريف دمشق السبت، أدت لمقتل 150 مدنيا على الأقل، بهجمات كيميائية على المدينة الواقعة في الغوطة الشرقية.
وقال الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إن قوات النظام وداعميه استهدفوا دوما بأسلحة كيميائية.
ردود فعل دولية
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن "التقارير عن سقوط ضحايا بأعداد كبيرة في هجوم كيماوي في دوما بالغوطة الشرقية في سوريا مروعة وإنها إذا تأكدت فإنها تتطلب ردا دوليا".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناورت في بيان السبت: "هذه التقارير مروعة وتتطلب ردا فوريا من المجتمع الدولي إذا تأكدت".
وحذرت روسيا من أي تحرك يستهدف النظام السوري، وقالت وزارة الخارجية الروسية بأن تقارير هجوم الغاز بسوريا زائفة ومحاولة لحماية "الإرهابيين وتبرير الاستخدام الخارجي للقوة".
وكانت واشنطن نفذت سابقا ضربة عسكرية بشكل منفرد على مطار الشعيرات الذي يستخدمه النظام السوري، بعد هجمات كيميائية بغاز السارين أسقطت قتلى في خان شيخون في أبريل/ نيسان 2017.
وندد البابا فرنسيس الأحد باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا معربا عن أسفه لسقوط "عشرات الضحايا" في مدينة دوما.
وقال البابا أمام الآلاف الذين تجمعوا في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان: "تأتينا أخبار مروعة من سوريا حيث سقط عشرات الضحايا بينهم الكثير من النساء والأطفال (...) تأثر كثيرون بتداعيات المواد الكيميائية في القنابل".
بعد دوما في الغوطة الشرقية.. أين تتجه حملة النظام السوري؟
ماذا وراء تصعيد النظام وروسيا في إدلب؟
تسخين روسي لبدء معركة جنوب دمشق.. ما الحجة التي تروجها؟