شكك قانونيون وقضاة سابقون بعدالة ونزاهة العديد من الأحكام الصادرة عن محكمة الأمور المستعجلة في مصر، واصفين تلك الأحكام بالمسيسة.
وأصدرت
محكمة الأمور المستعجلة في مصر عشرات الأحكام التي أثارت جدلا واسعا في الشارع
المصري، منذ تموز/ يوليو 2013، وصفها خبراء قانون وقضاة بـ"العبثية"،
وغير "القانونية"، ولا تدخل في اختصاصها، وبأن أحكامها ذات طابع
"سياسي".
ويرى خبراء بالقانون
وقضاة أن تلك المحكمة طالما تعدت اختصاصها بالتطرق إلى قضايا تفوق سلطاتها، بالرغم من المادة 191 من الدستور المصري، التي تنص على أن
محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بنظر منازعات التنفيذ على أحكامها، كما أن حكم
الإدارية العليا لا يجوز الطعن عليه ولا وقف التنفيذ إلا عن طريق الإدارية العليا، وفقط بحسب القانون.
ومن أشهر الأحكام التي
أصدرتها محكمة الأمور المستعجلة بما يخالف القانون كان وقف حكم منع تصدير الغاز
"للكيان الإسرائيلي" في نيسان/ أبريل 2009، وإلزام الدولة بعودة الحرس
التابع لوزارة الداخلية للجامعات في شباط/ فبراير 2014، واعتبار جماعة الإخوان
المسلمين جماعة إرهابية في شباط/ فبراير 2014، وحظر نشاط حركة حماس، والتحفظ على
مقراتها في أيلول/ سبتمبر 2014، وإلغاء حكم بطلان اتفاقية تسليم جزيرتي
"تيران وصنافير" في نيسان/ أبريل 2017، وأخيرا إلغاء حكم إضافة علاوات
المعاشات لأصحاب المعاشات في آذار/ مارس 2018 .
أداة
في يد السلطة
وصف
وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان، ما يصدر عن محكمة الأمور المستعجلة
"بالعبث والبلطجة"، وقال لـ"عربي21": إن
"أحكام محكمة الأمور المستعجلة وقتية، بحسب القانون المدني، فهي تفصل في
المنازعات التي يُخشى عليها من فوات الوقت، وأحكامها مسيسة بالدرجة الأولى؛ لأنها
أداة في يد السلطة".
واتهم
سليمان السلطات المصرية باستغلال "محكمة الأمور المستعجلة في إصدار قرارات
تعرقل الكثير من حقوق المصريين، سواء في الشق المتعلق بالجانب الحقوقي أو السيادي
أو الاقتصادي، وهو أمر مخالف لكل الأحكام"، مشيرا إلى أنه "في الوقت
الذي تقضي فيه المحكمة بأن جماعة حماس منظمة إرهابية، تقضي بعدم اختصاصها نظر دعوى
تطالب إسرائيل باعتبارها إرهابية".
وأضاف
أن "كل الأحكام التي تصدرها تلك المحكمة تصب في مصلحة الدولة في المقام
الأول، كما رأينا في وقف حكم الإدارية العليا ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، والذي
نقضه القضاء الإداري لاحقا عندما قضت بعدم الاعتداد بجميع الأحكام الصادرة من قضاء
الأمور المستعجلة، وفي وقف حكم إضافة علاوات أصحاب المعاشات".
محكمة
الأمور المستعجلة "السياسية"
وفند
الخبير القانوني، السيد أبو الخير، دور القضاء المستعجل في وقف الأحكام ونقضها
بداع ومن دون داع، وقال لـ"عربي21": إن "مجلس الدولة والقضاء الإداري
هو المختص في المنازعات الإدارية حتى في وقف التنفيذ، وكل الأحكام الصادرة من
القضاء المستعجل منعدمة؛ لأنها مغتصبة سلطة، وصادرة من محكمة غير مختصة، ويمكن نقض
أحكامها أمام القضاء الإداري بانعدام الحكم؛ لأنه ليس قضاء موضوعا إنما قضاء
شكلي".
وبشأن
لجوء السلطات إلى تلك المحكمة في ما يتعلق بالأحكام التي لا تأتي على هواها، أوضح
"أن القضاء المستعجل أصبح أداة في تنفيذ رغبات النظام، وما يصدر عنه هي أحكام
سياسية وليست قضائية، ولا تمت للقانون بأي صلة، ويمكن تسميتها محكمة الأمور
المستعجلة (السياسية)".
"قضاء
محل شك"
من
جهته، قال مدير المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان، علاء عبدالمنصف،
لـ"عربي21" إن "القضاء المستعجل جزء من منظومة القضاء المصري وفق
القوانين المعنية، وبالتالي هو جزء أصيل من "منظومة العدالة المصرية"،
التي من المفترض أن تُبنى عليها "قواعد الأمان" لشرائح المجتمع
المختلفة، من نزاهة واستقلالية وحيادية".
مضيفا:
"نظام القضاء المستعجل ما وضع إلا لتحقيق الفصل في المنازعات التي يُخشى
عليها فوات الوقت، فصلا مؤقتا لا يمس أصل الحق، مع توفير الحماية الوقتية
العاجلة لحقوق الخصوم ومصالحهم. إلا أن النظام المصري،
منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك حتى عهد نظام السيسي، يستخدم هذا القضاء كعصا
السلطة التنفيذية القضائية".
واستدرك
بالقول: "هذا الاستخدام تم توصيفه من جميع المراقبين والمتابعين على أنه
استخدام سيئ وقمعي وتعسفي لنصوص قانونية؛ من أجل الالتفاف على أحكام قضائية تصدر
من المحاكم المختصة في مصر"، لافتا إلى أن "سمعة هذا القضاء باتت محل
شك؛ لكونه أصبح أداة قمع، وليس أداة عدالة وأمان".
اقرأ أيضا: لماذا فشل قضاة مصر في مواجهة "تغول" السيسي؟
رايتس ووتش تدعو "حلفاء مصر" إلى وقف انتهاكات السيسي
انتقادات غربية للسيسي بسبب الحملة غير المسبوقة على الصحافة
"مراسلون بلا حدود" تدعو لوقف حملة قمع الصحافة بمصر