طرحت الضربات الجوية الأمريكية للجنوب الليبي، عدة تساؤلات حول أهداف العملية ونتائجها، وكيفية التنسيق مع الحكومة الليبية وإمكانية تكرار الأمر في مناطق أخرى من ليبيا قريبا.
وأكدت القيادة الأمريكية في أفريقيا "إفريكوم" أن "القوات الأمريكية نفذت غارة جوية قرب مدينة أوباري (جنوب ليبيا) أمس السبت، بالتنسيق مع حكومة الوفاق، وقتلت "إرهابيين اثنين"، دون وقع ضحايا من المدنيين"، وفق بيان للقوات.
من جهته، أكد المتحدث باسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، أن "الغارة الأمريكية جاءت بعد التنسيق مع حكومة الوفاق الوطني وأنها استهدفت تجمعا لقيادات "إرهابية" بمدينة أوباري، وقتلت اثنين من القادة هناك"، وفق كلامه.
"انتهاك للسيادة"
في المقابل، وصف عضو البرلمان الليبي عن الجنوب، علي السعيدي، قصف الطيران الأمريكي بأنه "انتهاك" للسيادة الليبية، مشيرا إلى أن "طيران حلف شمال الأطلسي "الناتو" أيضا يقوم بالانتهاكات، حيث تقلع طائرات تابعة للناتو من صقلية باتجاه الغرب"، حسب رأيه.
لكن عضو مجلس النواب الليبي، فرج الشلوي، أكد أن "الغارة الأمريكية تأتي في إطار سعي الولايات المتحدة لحماية مصالحها من الجماعات "المتطرفة"، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تعاني منها ليبيا.
اقرأ أيضا: الوفاق الليبية: قصف أوباري كان بتنسيق مع الولايات المتحدة
والسؤال: ماذا بعد هذه الضربات الأمريكية؟ ولماذا تجاوزت واشنطن التنسيق مع قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر؟ وهل ستتكرر الضربات؟
استراتيجية أمريكية
وأكد الخبير العسكري الليبي، عقيد عادل عبد الكافي، أن "أفريكوم" سبق أن عقدت تفاهمات مع المجلس الرئاسي بخصوص القيام بعمليات ضد الجماعات "الإرهابية" في ليبيا منذ توقيع الاتفاق السياسي ودعم المجتمع الدولي للحكومة.
وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21"، أن "المجتمع الدولي ومنهم واشنطن لا يعترفون بقائد عملية الكرامة، خليفة حفتر، وإنما يرونه لا يختلف عن أي قائد "ميليشيا"، لذلك لا تنسق معه "أمريكا" فى عمليات عسكرية، كونه جلب "مرتزقة" للجنوب وباع السلاح لتنظيم الدولة"، حسب معلوماته.
وتابع: "من كان سببا في الأزمة لا يمكن أن يكون جزءا من الحل (في إشارة لحفتر)، والإدارة الأمريكية لديها استراتيجية في مكافحة "الإرهاب" بأي منطقة سواء بالتنسيق مع الدول أو بدون تنسيق".
"ضرب" حفتر
وأكد الإعلامي من الشرق الليبي، أيمن خنفر، أن "تنسيق واشنطن مع حكومة الوفاق تحديدا هي دلالة وتأكيد على شرعية هذه الحكومة كجسم شرعي يتعامل معه العالم الخارجي كون رئيس المجلس الرئاسي يمثل القائد الأعلى للجيش الليبي".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن "هجوم ورفض بعض أعضاء البرلمان يدل على تورط القيادة العامة (قوات حفتر) واستعانتها بقوات تشادية في الجنوب، وستكون هدف مشروع للقوات الأمريكية مستقبلا".
زيارات "السراج"
لكن الباحث الليبي في الجماعات الإسلامية، علي أبو زيد، رأى أن "العملية جاءت ضمن التعاون الذي تم بعد زيارتين قام بهما رئيس الحكومة فائز السراج لمقر قيادة قوات "إفريكوم" في ألمانيا".
وبخصوص عدم التنسيق مع حفتر، قال أبوزيد لـ"عربي21": "التنسيق لم يتم مع "حفتر" لأنه استمرار للتنسيق الذي بدأ مع عملية "البنيان المرصوص" التي قضت على مقاتلي "داعش" في سرت، وطبيعي أن يقف أعضاء البرلمان غير المعترفين بحكومة الوفاق موقفا سلبيا".
قصف "مصر والإمارات"
وقال المدون الليبي، فرج كريكش، "لست متأكدا أن واشنطن نسقت أو تنسق أو تستأذن للقيام بعمليات عسكرية في أي مكان في ليبيا، والأمريكان لا يعترفون بحفتر لا قائدا عاما للجيش ولا حتى للكشافة، وإنما زعيم "ميليشيا"".
اقرأ أيضا: تأكيدا لمصدر "عربي21": أمريكا تتبنى قصفا بليبيا قتل مسلحين
وأوضح في تعليقه لـ"عربي21"، أن "رفض بعض أعضاء البرلمان للضربات والبكاء على سيادة ليبيا، لا يعدو كونه مناكفة سياسية تصرخ هنا وتصمت هناك، وحلال هنا وحرام هناك. وما ضربات سلاح الجو المصري والفرنسي والإماراتي بمباركة البرلمان "العتيد" عنا ببعيد".
استهداف "داعش"
وأشار الناشط السياسي الليبي، المبروك الهريش، إلى أن "ضربات القوات الجوية الأمريكية لعناصر إرهابية على الأراضي الليبية ليس أمرا مستغربا، وهذا يندرج تحت التعاون الأمريكي الليبي لمحاربة "الإرهاب" ويأتي امتدادا لضربات "الأفريكوم" لقوات "داعش" في ليبيا".
وتابع: "وبخصوص تكرار الضربات، نعم ستتم، لكن ليست بالحجم الكبير، ستقتصر فقط على ما تبقى من جيوب تنظيم "داعش" في ليبيا، وبالتنسيق مع حكومة الوفاق أيضا"، وفق تعليقه لـ"عربي21".