مع التغطية الكبيرة التي حظي بها كشف "إسرائيل" عن تدميرها مفاعلا نوويا سوريا قيد الإنشاء، تحدث جنرال إسرائيلي، عن الدروس المستفادة إسرائيليا بعد أربعة تحديدات نووية واجهتها "تل أبيب" خلال الفترة الماضية.
وأوضح رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي السابق
الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، أن "إسرائيل واجهت أربعة تحديات في
المجال النووي؛ أولها عندما تبين أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حصل على
مفاعل نووي من فرنسا، يسمح بطبيعته التقنية بإنتاج البلوتونيوم كأساس لإنتاج
الأسلحة النووية".
وفي أوائل الثمانينيات، "قرر رئيس الوزراء
الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، أن إسرائيل لن تسمح للدول التي تطمح في تدميرها
بالوصول إلى قدرة إنتاج الأسلحة النووية، وعلى هذا الأساس تم تدمير المفاعل في
حزيران 1981".
اقرأ أيضا: خبير عسكري: هذا رد الأسد بعد كشف قصف إسرائيل للمفاعل
ونوه عميدرور في مقال له بصحيفة "إسرائيل
اليوم" العبرية، إلى أنه "منذ ذلك الحين، يسمى المفهوم الإسرائيلي في
هذا المجال (نظرية بيغن)"، موضحا أن التحدي الثاني هو أنه عندما "اكتشفت
الاستخبارات الإسرائيلية التهديد في وقت مبكر عام 1995، فقد حذرت من جهد إيراني لبناء
قدرات لتخصيب اليورانيوم".
وأضاف: "بعد ذلك اتضح أن إيران تقوم ببناء دورة
وقود كاملة، من إنتاج اليورانيوم الطبيعي وحتى تخصيبه لمستوى عسكري"، لافتا إلى
أن "إسرائيل بادرت إلى العمل، وحاولت تقويض قدرات إيران؛ ونجحت بالفعل في
تأخير تطوير التهديد".
وفي الوقت نفسه، وفق الجنرال فقد "دفعت تل أبيب
دول العالم، لفرض عقوبات على طهران، وبعد سنوات من الضغوط، وصلت إيران إلى طاولة
المفاوضات"، مشيرا إلى أن "إدارة المفاوضات تمت من قبل الدول الخمس
دائمة العضوية بمجلس الأمن (الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة)
إضافة لألمانيا، وعمليا كانت واشنطن هي التي تقود العقوبات والمفاوضات حتى انتهت عام
2016".
المسار النووي
وينص الاتفاق في جوهره على وقف الجهود الإيرانية
لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما، ويمكن "بعدها أن تعود بكامل الجهد لتخصيب
اليورانيوم"، وفق عميدرور الذي أكد أنه "يجري الآن اختبار مصير للاتفاق
في ظل وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم مواصلة العمل به، حيث لا يزال التحدي
الإيراني قائما، وفي المستقبل القريب ستتضح قوته وتعقيداته".
وأما التحدي النووي الثالث، فكان في بداية هذا القرن،
وتمثل في "اكتشاف الاستخبارات الأمريكية والمخابرات البريطانية، تطوير معمر القذافي
(الرئيس الليبي المخلوع) قدرات تخصيب اليورانيوم لإمكانية إنتاج أسلحة نووية".
وبين الجنرال، أنه تم "بشكل سري ودون إحاطة
إسرائيل، إجراء هذين البلدين مفاوضات مع القذافي بداية 2003 وقادتا إلى تفكيك
البرنامج النووي في نهاية ذلك العام، دون أي تعويض".
اقرأ أيضا: محللون يقرأون سر توقيت الكشف عن قصف إسرائيل مفاعل سوريا
ولفت إلى أن التحدي النووي الرابع، عندما
"واجهت إسرائيل تحديا من قبل دولة تتقدم على المسار النووي عام 2007، وبناء
على استنتاجات الاستخبارات الإسرائيلية اتضح أن سوريا أقامت مفاعلا نوويا شبيها
بمفاعل معروف تستخدمه كوريا الشمالية لإنتاج البلوتونيوم"، وقال: "كان
القرار في إسرائيل تنفيذ نظرية بيغن للمرة الثانية وتدمير المفاعل".
وتساءل: "ما الذي يمكن تعلمه من كل هذه التحديات؟"،
وأجاب الجنرال: "هناك بعض الدروس التي يجب عدم تجاهلها؛ ويجب الأخذ بالحسبان
أن دولا أخرى في الشرق الأوسط ستحاول الوصول لقدرات نووية عسكرية عندما تتاح لها
الفرصة والمعرفة والقدرة"، وذلك في إشارة منه إلى السعودية التي أعلنت أنها
"تريد ممارسة حقها في تخصيب اليورانيوم".
مظلة نووية
وتابع: "قد ترغب السعودية في خلق وزن مضاد
لإيران وإنتاج سلاح نووي ذاتي"، منوها إلى أن "أصواتا أقل وضوحا تخرج من
مصر، ولا ينبغي أن نفاجأ إذا سعت دول أخرى لإنشاء مظلة نووية لنفسها".
وأكد عميدرور، أن "حيازة الأسلحة النووية، أو
على الأقل القدرة على صنع مثل هذه الأسلحة، قد يكون الحد الأدنى المطلوب لأي دولة
تعتبر نفسها جدية"، ملمحا إلى وجود فشل استخباري إسرائيلي "على الأقل
مرتين (ليبيا وسوريا)، حيث لم تتمكن المخابرات الإسرائيلية من تحديد هذه الجهود في
ليبيا؛ لأنها كانت خارج مركز اهتمام الاستخبارات، وفي سوريا رغم أنها كانت في مركز
الاهتمام".
وذكر أنه من خلال هذا الواقع، "يمكننا أن نتعلم
أنه لا يوجد ضمان بأن مثل هذه الجهود سوف يتم اكتشافها في المستقبل، ومن المستحيل
معرفة أين توجد الثقوب في الغطاء وأين تنقص أجزاء في فسيفساء الواقع الذي يراه
البحث".
اقرأ أيضا: لماذا ضربت إسرائيل المفاعل النووي السوري قبل 10 أعوام؟
وقال: "من الضروري توفر التواضع الاستخباري
والجهود الدؤوبة لتحسين التغطية والبحث، وهذا الجهد لا نهاية له وسيكون فيه دائما
نقص في الوسائل؛ لا سيما الرجال والنساء النوعيين والأموال"، مؤكدا أن
"إسرائيل لا يمكن أن تعتمد على حلفائها، بما في ذلك أكبر صديق لها؛ الولايات
المتحدة".
وبناء على ذلك، شدد الجنرال على أنه "يجب على
إسرائيل أن تبني قدراتها لتدمير جهود أعدائها للحصول على قدرات الأسلحة النووية،
وتطويرها والحفاظ على حيويتها، لأنه من الصعب معرفة متى يجب استخدام هذه
القدرات"، مؤكدا أن "المفهوم القائل بأن على إسرائيل أن تكون قادرة عن
الدفاع عن نفسها بنفسها، يتعزز مع كل حدث من هذا القبيل، ومن المؤكد أن هناك ثمنا،
ويجب أن تكون مستعدة لدفعه".
وأما الدرس الأخير فإنه "يتعلق بجودة صنع القرار،
فمناحيم بيغن وإيهود أولمرت اتخذا قراريهما الواضح بعد مناقشات معمقة"، وفق
عميدرور الذي شدد مجددا على وجوب أن "تعيد إسرائيل النظر في كل وقت، في كيفية
الحفاظ على نظرية بيغن؛ وهو ما يحتاج لفهم وعناية وحذر دقيق ونظام يعرف وقادر على
اتخاذ القرار".
خبير عسكري: هذا رد الأسد بعد كشف قصف إسرائيل للمفاعل
وزير إسرائيلي سابق: دوافعنا كبيرة لتفعيل قوتنا في سوريا؟
تباين إسرائيلي داخلي حول مواجهة النفوذ الإيراني بسوريا