قال الحاخام اليهودي يوآل بن نون إن "مرور أكثر من اثني عشر عاما على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة يقدم دليلا جديدا على أن هذه الخطوة شكلت فشلا أخلاقيا في ميزان الربح والخسارة، نظرا للنتائج السيئة التي أسفرت عنها، وأخطرها ارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين من خلال الهجمات المسلحة، وكذلك زيادة أعداد القتلى الفلسطينيين الذين يقاتلون من أجل إنهاء الاحتلال".
وأضاف بن نون، في مقاله بصحيفة مكور ريشون، وترجمته
"عربي21" أن الحكومة الإسرائيلية آنذاك بزعامة أريئيل شارون، أطلقت على
انسحابها من غزة اسما أقل حدة وهو الانفصال عن الفلسطينيين، وهو أمر من الناحية
العملية غير متحقق في ظل مساحة إسرائيل الصغيرة.
كما ظهرت أصوات متزايدة في إسرائيل حينها تؤيد هذه
الخطة بزعم أن الاحتلال مفسد للدولة، وطالبوا بالخروج من غزة ليس انطلاقا من أسباب
سياسية وأمنية، وإنما من اعتبارات أخلاقية، كي يبدو الإسرائيليون كشعب مثل باقي
شعوب العالم، مع أني كنت مقتنعا، وما زلت، أن الكراهية هي التي تفسد الدولة، وليس
الاحتلال فقط، زاعما عدم وجود فرق بين الاحتلال والانسحاب، وليس من اختلاف بين
الحرب والسلام.
بن نون، وهو من أبرز حاخامات المستوطنين اليهود في
الضفة الغربية، قال إن المطالبات بإنهاء الاحتلال لم تتوقف حتى بعد الانسحاب من
غزة، والدليل أنها انتقلت إلى الضفة الغربية، والنتيجة النهائية أنه بعد 12 عاما
على ما وصفه تخريب المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، فإن لغة الأرقام تظهر خطأ هذه
الخطوة، بدليل أنه في أعوام السيطرة الإسرائيلية على غزة التي بلغت 38 عاما، بين
عامي 1967-2005، قتل فيها وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن إسرائيل 230 إسرائيليا،
و2640 فلسطينيا، معظمها خلال مظاهرات واحتجاجات نظمها الفلسطينيون، وبادروا اليها.
اقرأ أيضا: الاحتلال يبحث إعادة بناء 4 مستوطنات جرى إخلاؤها في الضفة
في حين أن السنوات العشر الأولى بعد الانسحاب
الإسرائيلي من غزة، بما فيها حرب غزة الأخيرة في 2014، قتل على حدود قطاع غزة
وبسبب إطلاق القذائف الصاروخية من غزة أكثر من مئة إسرائيلي وأربعة آلاف فلسطيني.
وأشار بن نون، وهو من أهم مرجعيات التيار الديني
الصهيوني، إلى أن هذه حصيلة إحصائية رقمية تعني أن الانسحاب من غزة أدى إلى ارتفاع
هائل في أعداد القتلى من الجانبين، وهذا يعني إخفاقا أخلاقيا من العيار الثقيل، مع
أنه لم يكن صعبا توقع مثل هذا السيناريو المأساوي.
ونقل عن رئيس الحكومة الراحل اسحاق رابين أنه أبلغه
خلال محادثات اتفاق أوسلو، أنه يدعم بقاء مستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة، قائلا
له: "إن لم نبق ماكثين في غوش قطيف، فإن عمليات حماس وهجماتها ستحل
محلنا"، نافيا صوابية أن يكون ما وصفه تخريب المستوطنات اليهودية الـ21، ثمنا
مجزيا للسلام مع الفلسطينيين، لأنهم هم أنفسهم، لن يقبلوا بتخريب 21 قرية فلسطينية
من أجل تحقيق السلام مع الإسرائيليين.
وختم حديثه بالقول: "هناك قناعات مخيفة بين الفلسطينيين،
من المثقفين والأكاديميين غير المنخرطين في الأعمال المسلحة، عن تاريخ بدء
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية فأجاب معظمهم أنه بدأ عام 1948، وآخرون
قالوا إنه بدأ عام 1917، بل إن هناك رواية فلسطينية منتشرة بينهم مفادها أن بداية
الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم بدأ عام 1882.
هذه القناعات تعني أن أي فلسطيني لا يعتقد بأن
الاحتلال الإسرائيلي بدأ عام 1967، كل ذلك يعني أن الانسحاب الإسرائيلي من غزة
أشاع أجواء الكراهية أكثر، ولم يجلب السلام، وهذا هو الفشل الحقيقي.
كيف علق قادة الاحتلال على اغتيال المقاوم أحمد جرار؟
ما قصة رسائل الجزيرة لمنظمات مؤيدة لإسرائيل بأمريكا؟
معاريف: تدهور الوضع في غزة لا يخدم إسرائيل