نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن حملة التطهير التي قادها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في المملكة العربية السعودية ضد الفساد، واعتقاله لمجموعة من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال، واحتجازهم داخل فندق ريتز كارلتون في الرياض، الذي يستعد لفتح أبوابه من جديد بعد الإفراج عن أغلبية المعتقلين.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن أغلبية الشخصيات البارزة الذين وقع احتجازهم قسرا داخل أجنحة الفندق في إطار مكافحة الفساد، قد تم الإفراج عنهم؛ إما بعد اعترافهم بالذنب وموافقتهم على الترتيبات المالية المتمثلة في إعادة الأموال أو المكاسب التي يزعم بأنها غير مشروعة، أو بعد تبرئتهم من ارتكاب أي مخالفات.
وأفادت الصحيفة بأنه بين أشهر هؤلاء السجناء المرموقين، يوجد الأمير الوليد بن طلال، صاحب أكبر ثروة في العالم العربي التي تقدر قيمتها بنحو 18 مليار دولار، والذي تم الإفراج عنه يوم السبت 27 كانون الثاني/ يناير. كما صرح الملياردير السعودي، في مقابلة تم تصويرها معه في اليوم السابق، أن اعتقاله كان مبنيا على "سوء فهم"، ونفى دفعه لأموال مقابل استعادة حريته، علما بأن كلامه لم يكن مقنعا.
اقرأ أيضا: "رويترز" تنشر مقابلة مع الوليد بن طلال من داخل "ريتز"
وحسب مجلة فوربس، تخلى الوليد بن طلال عن جزء كبير من أصوله، على الرغم من أنه لا يزال مالكا اسميا لشركة المملكة القابضة. ووفقا لما ذكره النائب العام للمملكة العربية السعودية، فإن هذا الإجراء غير المسبوق في سجلات المملكة قد در عليها حوالي 106 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشبكات الاجتماعية السعودية قد شهدت صخبا في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، على إثر موجة الاعتقالات التي طالت شخصيات من أعلى مستوى. وقد تم استدعاء العشرات من الشخصيات البارزة إلى الرياض بحجة مقابلة مع الملك، وراء الجدران العالية لفندق ريتز كارلتون، الذي أخلي مسبقا من زبائنه.
وإلى جانب الوليد بن طلال، وقع اعتقال عدة شخصيات مهمة على غرار وزير الحرس الوطني وابن الملك الراحل عبد الله، متعب بن عبد الله، والأخوان بن لادن، أصحاب عملاق البناء الذي يحمل نفس الاسم، والعشرات من الشخصيات الأخرى التي منعت من الفرار خارج حدود المملكة من قبل السلطات السعودية.
وأوردت الصحيفة أن حملة التطهير التي شنت ضد العديد من الشخصيات البارزة في المملكة تكتسب بعدا سياسيا، لأنها تهدف إلى توطيد سلطة ولي العهد محمد بن سلمان. كما نفذت موجة الاعتقالات تحت شعار "الأيادي النظيفة". ومنذ فترة طويلة، تستنزف النخبة السعودية أموال المملكة، التي تعاني بدورها من أزمة اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط. وخلال سنة 2016، أكد محمد بن سلمان أن الفاسدين لن يفلتوا من العدالة "حتى لو كانوا أمراء أو وزراء".
اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: ما هي آثار عملية التطهير على اقتصاد الرياض؟
وأفادت الصحيفة بأن تفاصيل الحياة داخل سجن الخمس نجوم قد ظلت طي الكتمان بسبب التعتيم الإعلامي. ومع ذلك، تداولت بعض المصادر عدة أخبار عن سوء المعاملة، والضغط النفسي الذي يتعرض له المعتقلون، بالإضافة إلى نقل بعض الأمراء إلى المستشفى، ووجود فريق من المرتزقة الأمريكيين الذين يشرفون على حراسة الفندق. لكن لم يتم تأكيد صحة هذه المعلومات.
وأوضحت الصحيفة أن التقرير الوحيد الذي تم تصويره داخل الفندق، كان لصالح قناة البي بي سي، وقد تمثل في مقطع فيديو لم تتجاوز مدته ثلاث دقائق، الذي أظهر قاعة مرصوفة بالرخام، وصالة بولينغ، وحمام سباحة مهجور وبعض الصور الظلية. كما أفاد مراسل البي بي سي بأن "هواتف السجناء قد صودرت لكنهم يستطيعون استعمال الخط الساخن لإجراء محادثات مع عائلاتهم ومحاميهم وشركائهم".
وأوردت الصحيفة أن متعب بن عبد الله كان أول من غادر الفندق، في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. وقد صرح مصدر حكومي بأن إطلاق سراح الأمير كان مقابل دفع مبلغ قدره مليار دولار. كما تتابعت عملية الإفراج عن المعتقلين بعد ذلك لتشمل، في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر، الرئيس التنفيذي السابق للاتصالات السعودية، سعود الدويش، ووزير الدولة دون محفظة، إبراهيم العساف، الذي شغل منصب وزير المالية لمدة عشرين عاما.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، طلبت السلطات السعودية مبلغ قدره ستة مليارات دولار مقابل الإفراج عن الوليد بن طلال. وفي الواقع، ارتبط هذا المبلغ الضخم بمدى ثراء الأمير ولاسيما مدى إزعاجه السياسي للسلطة. فقد صوت الوليد بن طلال ضد قرار تنصيب محمد بن سلمان وليا للعهد، خلال المشاورات التي عقدت في شهر حزيران/ يونيو، من قبل هيئة البيعة المسؤولة عن تنظيم شؤون الخلافة.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن محمد بن سلمان سيقوم بجولة خلال الأسابيع المقبلة إلى الولايات المتحدة ثم إلى فرنسا. كما سيكون حريصا خلال الرحلتين على جذب المستثمرين عن طريق تسويقه لصورة المملكة العربية السعودية الجديدة التي يدعي بناءها.
"وول ستريت" تكشف تفاصيل جديدة حول إطلاق محتجزي الريتز
"وول ستريت" تكشف واقع حملة ابن سلمان ضد الفساد ونتائجها
الأمم المتحدة تهاجم سجل الرياض الحقوقي وسياستها التعسفية