روتين عايشه جيل من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات ، تستيقظ كل يوم في السادسة صباحا، تخترق الأزقة المتشابكة، لتصل إلى مدرسة " الوكالة" المصنوعة من صفيح الـ"زينكو"، مرورا بـ“طوابير الرجال والنساء” الذين يقفون بالساعات في انتظار مساعدات وكالة الغوث من الطحين والـ"البكج".
ما زالت عبارة "نموت وتحيا فلسطين".. المرسومة على أحد الجدران الداخلية لمدارس مخيم الشهيد عزمي المفتي في الأردن، عالقة في ذهني منذ ثمانينيات القرن الماضي، كان روتينا يوميا أن يطلب أحد المدرسين من زميل الدراسة "رشدي" أن ينشد "هبت النار والبارودِ غنى"، لتعم الصف حالة ثورية لدقائق، تعيد إحياء القضية في نفوس الجيل الثالث من النكبة.
قبل تقليص خدماتها، كانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، توزع "البكج" وهي عبارة عن طرود ملابس تقدم للاجئين الحاملين "لكرت المؤن" الذي يصرف لكل رب عائلة، إلى جانب مواد غذائية أساسية، استمرت الوكالة في توزيعها حتى أواخر الثمانينيات، لتبدأ فيما بعد إجراءات التقليص على حساب الخدمة المقدمة.
تلاشت القرطاسية المجانية، وتلاشى برنامج تغذية الطلاب، تحت مسمى "عجز الميزانية"، وأصبحت مساعدات "الأونروا" تقدم لمن هم أشد فقرا، مع تردي جودة الخدمة في التعليم والصحة والنظافة، بسبب ارتفاع أعداد اللاجئين نتيجة الزيادة السكانية، وضعف التمويل المقدم للوكالة بضغط من اللوبي الصهيوني.
كلاجئ فلسطيني، يعلق اسم "الأونروا" بقضية شعب هجر من أرضه، وتذهب بمفهومها لأبعد من كونها منظمة إغاثية، لتكون شاهدا على أكبر عملية تهجير تعرض لها شعب على يد الاحتلال الإسرائيلي وتواطؤ دول غربية تحاول التنصل من مسؤولياتها في دعم الأونروا.
اليوم تشتد محاولات تصفية "الأونروا" وتصفية حق العودة، بعد سلسلة من الإجراءات لطمس ارتباط أجيال ما بعد النكبة بقضيتهم الفلسطينية، من خلال طمس مناهجهم، وحذف تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وتجريم من يتعاطف مع القضية داخل مؤسسات الأونروا، تحت "مبدأ الحيادية".
يدرك اللاجئون في مخيمات الشتات أن صراعهم لإبقاء "الأونروا" هو صراع وجود، ودفاعا عن حق الشعب الفلسطيني بالعودة لمدنهم وقراهم التي هُجروا منها، حق لا يملك أي زعيم عربي أو أجنبي التنازل عنه.