تشكل محافظة إدلب
السورية خاصرة مهمة لتركيا من ناحية التلاصق الحدودي معها وما يعكسه ذلك على الأمن
القومي التركي بالإضافة إلى التعداد البشري الكبير الموجود في المدينة والذي يشكل
هجوم نظام الأسد عليهم حاليا أزمة إنسانية جديدة لأنقرة.
وبدأ النظام السوري
بغطاء جوي روسي ودعم إيراني الهجوم على مناطق ريف إدلب الجنوبي وتمكن من السيطرة
على عدد من القرى في طريقه صوب مطار أبو الظهور العسكري كنقطة استراتيجية يسعى
لاستعادتها بعد خسارتها عام 2016.
وشهدت الأيام الماضية
دعوات متصاعدة من قبل فصائل المعارضة والجيش الحر لهيئة تحرير الشام من أجل تجاوز
الخلافات والتركيز على صد تقدم النظام على محور ريف إدلب أثمرت خلال اليومين
الماضيين على استعادة عدة قرى وإجبار قوات الأسد على التراجع عن مطار أبو الظهور عدة
كيلومترات.
وكانت مصادر في
الرئاسة التركية قالت إن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين
في اتصال هاتفي الخميس الماضي بضرورة وقف هجمات النظام على إدلب ومنطقة الغوطة
الشرقية قرب دمشق من أجل نجاح قمة سوتشي وعملية أستانة.
وبالنظر لأهمية إدلب
بالنسبة لتركيا تثار تساؤلات بشأن أوراق القوة التي تملكها أنقرة من أجل كبح تقدم
النظام للسيطرة لإضعاف سيطرة المعارضة على المحافظة.
تغيير المحاور
وقال المحلل والخبير
العسكري العميد أحمد الرحال إن هجوم النظام على ريف إدلب شكل انعطافة في المحور
الذي شكلته أنقرة مع موسكو وطهران بشأن الملف السوري بعد تمرد الإيرانيين ودفعهم
قوات النظام للهجوم.
وأوضح الرحال
لـ"عربي21" أن الروس لهم مصلحة في إضعاف جبهة إدلب بذرائع وجود هيئة
تحرير الشام (النصرة سابقا).
وأشار إلى أن أنقرة
تعاني من عدم وجود موقف عربي مساند وعرقلة من جهة الناتو وواشنطن التي تدعم
المليشيات الكردية المعادية لها والتي تشكل خطرا على حدودها.
ولفت إلى أن أنقرة
حاولت تغيير محورها بشكل مؤقت للضغط على واشنطن من خلال التفاهم مع الروس
والإيرانيين لكن في المقابل كانت طهران لا تؤمن سوى بالحل العسكري وموسكو لا تملك
الضغط عليها.
لكنه في الوقت ذاته
أكد أن الموقف التركي المبدأي مهم لدعم الثوار على الأرض والحراك المسلح حاليا
للفصائل والجيش الحر يشكل ورقة ضغط على الروس والإيرانيين.
وبشأن تقديم أنقرة
الدعم للفصائل السورية قال الرحال إن الفصائل لديها سلاح كاف لدحر النظام لكنها في
المقابل تحتاج إلى التخلص من قيود هيئة تحرير الشام وأعضاء المعارضة المشاركين في
مفاوضات أستانة والذي كبلوا حركتها خلال الفترة الماضية حتى أغري النظام بالتحرك
ضد إدلب.
العلاقة مع الفصائل
من جانبه قال المحلل
السياسي محمود عثمان إن الأتراك سعوا منذ فترة لتجنيب إدلب عملية عسكرية كبيرة
تحمل مآس لكن في المقابل الطرف الإيراني يعمل على تعطيل الأمر والروس يحاولون عدم
خسارة الطرفين.
وأوضح عثمان
لـ"عربي21" أن حاجة الروس للأتراك من أجل الحل السياسي تعد أحد أوراق
قوتها خاصة مفاوضات أستانة ومؤتمر سوتشي المقبل.
ولفت إلى أن العلاقة
الجيدة بين أنقرة وعدد كبير من الفصائل في الشمال السوري وقدرتها على إقناعهم بالحلول
السياسية تعد إحدى أوراق قوتها وهذا أيضا تحتاجه روسيا من أجل مشاركة أكبر عدد من
الأطراف السورية.
وأضاف: "لا
تستطيع روسيا إغضاب تركيا أو التخلي عن دورها وحصل نوع من التراجع عن العملية
العسكرية في إدلب لتجنب التوتر مع الأتراك لكن في المقابل تندفع إيران لإيمانها أن
الخيار العسكري هو الحل".
وبشأن تقديم الأتراك
الدعم للمعارضة قال عثمان إن تركيا قد تلجأ لهذا الخيار في حال تجاوزت الأطراف ما تم
الاتفاق عليه بشأن خطوط خفض التصعيد.
وأشار إلى أن تركيا "تملك
الحق في تقديم السلاح للمعارضة في حال تجاوز مناطق خفض التصعيد خاصة أن إيران لا
تكتفي بدعم قوات النظام بل وترسل مليشيات للمشاركة معه في التقدم صوب
حدودها وذريعة الدعم متوفرة".
وبشأن الحديث عن الدور
التركي من إدلب ومقارنته بالموقف مما حصل في حلب سابقا قال عثمان إن الدور التركي
عانى من ضعف في شرح مواقفه إبان الهجوم على حلب لكن وجودها الآن في إدلب يعطيها
مساحة أكبر للتحرك ومنع كارثة جديدة في إدلب.
لكنه في الوقت ذاته
شدد على أن تركيا ليس بمقدروها ممارسة دور مشابه لدور إيران المتمرد على كافة
القوانين الدولية وهامش المناورة لديها قليل لكن في المقابل الدور الذي ستلعبه في
إدلب سيكون أكبر من دورها في حلب.
ما علاقة تركيا بسفينة متفجرات قادمة إلى مصراتة الليبية؟
ماذا وراء اتهام روسيا "أحرار الشام" باستهداف "حميميم"؟
إلى أي مدى يذهب النظام السوري في هجومه على إدلب؟