نشرت صحيفة "أفريك لا تريبين" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن خفايا الجولة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القارة السمراء، التي انطلقت من الخرطوم، لتكون تونس المحطة الثانية للقاء الرئيس الباجي قائد السبسي ثم إلى إنجامينا للاجتماع بالرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنقرة ترغب من خلال إثبات وجودها في القارة السمراء في تحقيق عدة أهداف، وعلى رأسها مواجهة الخصم الإماراتي الذي أخذ في تعزيز وجوده العسكري هناك. بالإضافة إلى ذلك، تسعى أنقرة للمشاركة في السباق الاقتصادي العالمي نحو السوق الأفريقي.
وأفادت الصحيفة أن رجب طيب أردوغان ومنذ دخوله إلى قصر أكسراي بأنقرة، قام بزيارة 21 بلدا أفريقيا خلال 3 سنوات. في الأثناء، وفي إطار هذه الجولة، التي قادت أردوغان إلى السودان يوم الأحد الماضي ومنها إلى تونس ثم إلى تشاد، بلغ عدد الزيارات التي أداها الرئيس التركي للعواصم الأفريقية، 24 زيارة.
والجدير بالذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وصل إلى السودان على رأس وفد مؤلف من 150 رجل أعمال تركي، في زيارة استغرقت 48 ساعة للقاء نظيره السوداني عمر البشير. وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس تركي إلى السودان.
وأكدت الصحيفة أنه ونتيجة لهذه الزيارة سيتمكن عمر البشير، الذي يعيش حالة من العزلة داخل المجتمع الدولي الغربي، من استعادة شرعيته الدولية وكسب الدعم المالي. أما بالنسبة للجانب التركي، فلن يغادر الرئيس رجب طيب أردوغان الخرطوم خالي الوفاض. فقد أسفرت هذه الرحلة عن توقيع اثنا عشر اتفاقا للتعاون في المجالات الزراعية والاقتصادية والعسكرية، فضلا عن اتفاق لإنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي بين الطرفين.
بالإضافة إلى ذلك، فقد توصل مسؤولون في إطار منتدى اقتصادي سوداني تركي إلى زيادة حجم الشراكة التجارية التركية السودانية، التي تبلغ حاليا 500 مليون دولار، لتصل بشكل مبدئي إلى مليار دولار، ثم بلوغ الهدف النهائي ألا وهو 10 مليارات دولار.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس التركي توجه إلى تونس لإجراء زيارة قد تدوم 48 ساعة، ليلتقي الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي. إثر ذلك، سيحط أردوغان الرحال في تشاد حيث سيجتمع بالرئيس إدريس ديبي إتنو.
وأفادت الصحيفة أنه من بين أبرز الأهداف التركية للتوجه نحو القارة الأفريقي مواجهة الوجود العسكري المتنامي لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبرها أنقرة من ألد خصومها. وتمتلك هذه الإمارة، التي تدعم الجنرال الليبي خليفة حفتر، قاعدتين عسكريتين بحريتين في مدينة بربرة التابعة لجمهورية الصومال ومدينة عصب الإريترية.
في الأثناء، تعد الأهداف الاقتصادية من أبرز الدوافع التركية نحو بسط نفوذها في القارة الأفريقية، خاصة وأن تركيا تمثل قوة صاعدة تسعى لاكتساح أسواق جديدة لفائدة شركاتها المتحدة تحت مظلة تعاونية توسكون القوية. ويندرج هذا الاندفاع التركي القوي نحو القارة السمراء في سياق التسابق العالمي نحو أسواق القارة الأفريقية، على غرار ما قامت به كل من الصين وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة واليابان والولايات المتحدة، بالإضافة إلى المغرب الذي التحق مؤخرا بهذا الركب.
ونوهت الصحيفة إلى أن الاستثمارات التركية في أفريقيا تبلغ اليوم أكثر من 5 مليارات دولار. ففي الواقع، تمتلك أنقرة جزءا كبيرا من السوق الاستهلاكية والصناعية في دول المغرب العربي، في حين تعتبر أبرز مصدر للحديد والصلب في مناطق أخرى. في المقابل، تستفيد أنقرة من إنتاج الطاقات والمعادن هناك.
وبينت الصحيفة أن تركيا تسعى إلى بسط نفوذها في القارة الأفريقية من خلال سياسة القوة الناعمة، أي عبر توظيف البعثات الإنسانية والصحية التي ترسلها إلى القارة. كما تجوب شركة الطيران الوطنية للخطوط الجوية التركية سماء القارة السمراء، حيث تتمتع بخمسين وجهة أفريقية.
وذكرت الصحيفة أنه يمكن تبين انعكاس النفوذ التركي من خلال مراقبة الشبكة الموسعة للتمثيليات التركية في أفريقيا، والسفارات التابعة لها التي تتجاوز الأربعين سفارة. ومن المرتقب أن تشرع سفارات جديدة في مهامها في وقت قريب، لتنضاف إلى قائمة تضم قرابة ثلاثين قنصلية تخدم مصلحة أنقرة في أفريقيا. كما تنشط تركيا من خلال وكالة "تيكا" للتنمية، التي تعمل على تلميع صورتها من خلال توظيف المجال الثقافي.
وذكرت الصحيفة أن تركيا، ومن خلال بسط نفوذها في القارة السمراء، ترغب في كسب بعض الحلفاء لمساعدتها في قطع الطريق أمام التهديدات التي تمثلها "شبكة غولن"، نسبة لقائدها فتح الله غولن الإمام التركي الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن تركيا التي كانت في الماضي قوة استعمارية لجزء من القارة الأفريقية، ترغب في تأكيد عودتها إلى "ممتلكاتها" الاستعمارية السابقة، فضلا عن اللحاق بالركب العالمي الذي يرى في القارة السمراء سوقا مستقبلية ومطمعا لتحقيق أهدافه الاقتصادية.
هل ينجح وزير الخارجية المصري في "كسر الجمود" مع إثيوبيا؟
هل تستعيد تركيا البوابة الأفريقية عبر السودان بدل مصر؟
لماذا تحرض بعض اتجاهات الإسلاميين السلطة على مخالفيهم؟