نشرت صحيفة "موند أفريك" الفرنسية تقريرا تطرقت فيه إلى دور المملكة العربية
السعودية في تمويل الحرب على
الإرهاب في الساحل الأفريقي. كما تعهد كل من الرئيس الفرنسي، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية بتقديم تمويل عسكري للقوات المشتركة لدول الساحل الأفريقي الخمس في حربها ضد الجماعات المسلحة التي تنتشر في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه خلال قمة بروكسل المزمع عقدها في شهر شباط/ فبراير من سنة 2018، سيوقع رسميا إتمام وتنفيذ هذا الاتفاق بين الدول المتعهدة بمساعدة بلدان الساحل الأفريقي. كما تم اعتبار الخطوة التي اتخذتها السعودية، بعد استعدادها لتقديم الدعم المالي، جزءا من مسار جديد في العلاقات الدولية.
وأضافت الصحيفة أن وزير الشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد صرح في قناة "فرانس24" أن الدعم المالي الذي التزمت به بلاده لفائدة دول الساحل الأفريقي الخمس يندرج ضمن إطار "التزام السعودية بمحاربة الإرهاب والتطرف".
وأشارت الصحيفة إلى أن مشروع تركيز قوة مشتركة تضم مجندين من مجموعة الدول الخمس يتطلب تمويلا هائلا، مما يعرقل إتمام تشكيلها بسرعة. ومن هنا تأتي أهمية الدعم السعودي لسد هذه الثغرة. ففي الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفارط، منيت القوات الأمريكية والنيجيرية بفشل ذريع بعد أن وقعت في شباك كمين نصبته مجموعة من المسلحين التي تحظى بدعم من الأهالي.
ونوهت الصحيفة بأن مجموعة دول الساحل الخمس تعمل على تكوين قوة عسكرية مشتركة تتكون من خمسة آلاف جندي قبل بلوغ منتصف سنة 2018. وقد تم الإعلان عن هذا القرار خلال القمة المصغرة التي جمعت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، برؤساء الدول المعنية (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد) يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر الماضي في باريس. وقد شارك في هذه القمة أيضا كل من المستشارة الألمانية، ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وبحضور ممثلين لأول مرة عن من السعودية والإمارات.
وأفادت الصحيفة بأن 250 مليون يورو مبلغ ضروري مبدئيا، قبل تجهيز مبلغ آخر قدره 400 مليون يورو لدعم جهود دول الساحل الأفريقي الخمس في
مكافحة الإرهاب. في المقابل، يبدو أن دول الساحل الأفريقي غير قادرة لوحدها على تحصيل المبلغ الأول، أي 250 مليون يورو. ولكن السعودية، من جهتها، عبرت عن استعدادها لدفع 100 مليون دولار كدعم للقوات المشتركة لدول الساحل الأفريقي.
وقالت الصحيفة إن الخطوة السعودية تأتي ضمن تغييرات في ميزان العلاقات الدولية، حيث تتلقى إدارة ترامب عدة توبيخات، علاوة على موجة "التحديث" السياسي والاجتماعي التي يقودها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في بلاده، بالإضافة إلى التوترات بين الرياض والدوحة.
وأوردت الصحيفة أن الحل العسكري لوحده لا يكفي لكبح جماح التنظيمات المسلحة في مالي، حيث ينتشر الفكر الوهابي جغرافيا واجتماعيا. وفي هذا السياق، أفاد الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا أولاند، بعد انطلاق عملية برخان العسكرية الفرنسية بالساحل، التي أودت بحياة قرابة أربعين مقاتلا، أن "قتل بعض الإرهابيين غير كاف بالمرة، لأن الأمر يتطلب أيضا حربا لتطهير "القلوب والعقول" على حد تعبيره.
وذكرت الصحيفة أن التوقعات تشير إلى أن قرابة 15 بالمائة من سكان العاصمة المالية، باماكو، يدينون بالمذهب الوهابي ما يعني أن هذا المذهب متجذر أساسا في البلاد. وفي الإطار ذاته، أكدت العاملة بإحدى المنظمات الإنسانية، الفرنسية صوفي بيترونين، أنه خلال إنجازها لمهام في مجال الإغاثة في عدة بلدات محيطة بمدينة "غاو" المالية اكتشفت أن أغلب الأهالي يتبعون الوهابية.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن مشروع الدول المتحالفة مع مجموعة الساحل الأفريقي الخمس تنوي تركيز إصلاح عسكري واجتماعي لتحارب به الفساد داخل هذه المجتمعات. أما بالنسبة للسعودية، فقد نجحت سابقا في نشر المذهب الوهابي الذي يعد في الوقت الحاضر بمثابة قاعدة للتنظيمات المسلحة المنتشرة حول العالم. ولكن، في الوقت نفسه، تشارك المملكة في حرب إمبريالية لتفكيك هذه التنظيمات والقضاء عليها.