شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا توترا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة؛ وفي ظل التجاذبات التي تحكم علاقة البلدين، تحاول كل منهما استخدام أوراق الضغط التي تمتلكهما للتأثير على قرارات الآخر.
وانتهجت تركيا في عدة مواقف مؤخرا مبدأ المعاملة
بالمثل ردا على قرارات أمريكية اعتبرتها أنقرة انتهاكا لسيادتها، ووسط هذا التوتر
المتبادل في العلاقات يتبادر تساؤل حول حقيقة توجه الولايات المتحدة إلى ضرب
علاقاتها مع تركيا، في ظل تقارب الأخيرة بشكل لافت مع روسيا.
بدوره، أوضح الباحث في العلاقات الدولية والشؤون
الاستراتيجية علي باكير، أن "الخلافات بين تركيا وأمريكا متراكمة منذ بضع
سنوات وليست وليدة هذه المرحلة"، مؤكدا أن القناعة التركية في المرحلة الحالية
أن الولايات المتحدة لا تعمل معها كحليف، وهو ما أضر بمصالحها وخاصة في بعض ملفات
المنطقة.
"أمريكا تحاول اللعب بجميع الأوراق التي تمتلكها في إطار سياستها للضغط على تركيا"
وأشار باكير في حديث خاص لـ"عربي21" إلى
أن التخلي الأمريكي عن تركيا دفعها لتحسين العلاقة مع روسيا وإيران للحفاظ على
مصالحها الاستراتيجية وعدم المساس بأمنها القومي، مشددا على أن "أمريكا تحاول اللعب
بجميع الأوراق التي تمتلكها في إطار سياستها للضغط على تركيا".
وذكر باكير أنه "لا يوجد توجه أمريكي جديد لضرب
العلاقات مع تركيا وقطعها بشكل نهائي"، مستبعدا في الوقت ذاته تحسن العلاقات بين
البلدين في الفترة القريبة.
ونوه الباحث في العلاقات الدولية والشؤون
الاستراتيجية إلى أن "تركيا طلبت من أمريكا أكثر من مرة بتسليم المشتبه
بمشاركتهم في محاولة الانقلاب العام الماضي والمقيمين حاليا على الأراضي
الأمريكية، إلا أن هذه المطالبات لم تلق استجابة أمريكية".
اقرأ أيضا: التقارب التركي مع روسيا.. خطوات تكتيكية أم رؤية استراتيجية؟
وقال باكير إن "أمريكا رغم عملها الحثيث على
الإضرار بتركيا إلا أنها لن تلجأ لقطع علاقاتها معها بشكل كامل"، معللا ذلك
بقوله: "كل طرف يحاول استخدام الأوراق التي بين يديه للضغط على الآخر في
تحقيق مصالحه الخاصة".
وبين أن "الظروف القائمة سواء ما يحدث من عدم
استقرار في دول المنطقة أو توتر العلاقات التركية الأمريكية، يدفع الجانبين
للإبقاء على هذه الحالة وسط صعود وهبوط في توتر العلاقات دون الوصول إلى قطعها
بشكل نهائي".
من جهته، رأى المحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا أن
"الاستهداف الأمريكي ضد تركيا منذ فترة طويلة، دفع تركيا لتحصين نفسها من
خلال تحسين علاقاتها مع الجوار وخاصة روسيا".
"تركيا ستبقى مستعدة لمواجهة أمريكا في جميع الأصعدة وبأي طريقة كانت"
وقال ياشا في حديث خاص لـ"عربي21" إن "العلاقات
التركية الأمريكية تعتمد بالدرجة الأولى على موقف واشنطن، بمعنى المشاكل التي تسبب
تدهور العلاقات الثنائية واضحة وهي الدعم الأمريكي لأعداء تركيا وعلى رأسهم حزب
العمال الكردستاني وجماعة غولن".
وأكد أن تركيا ستبقى مستعدة لمواجهة أمريكا في جميع
الأصعدة وبأي طريقة كانت، ولن تسمح لها تمرير مؤامراتها وأجندتها سواء داخل تركيا
أو خارجها.
وأضاف المحلل السياسي التركي أن "تركيا ستواصل تعزيز علاقاتها في كافة الاتجاهات بما فيها روسيا وإيران لأجل إحباط الأجندات
الأمريكية".
اقرأ أيضا: أردوغان يهاجم الدور الأمريكي في سوريا ويتوعد بـ"تطهير" عفرين
ما دوافع واشنطن لإعلان قطع الدعم عن "الوحدات" بسوريا؟
هل اقترب موعد العملية العسكرية التركية في عفرين؟
التقارب التركي مع روسيا.. خطوات تكتيكية أم رؤية استراتيجية؟