شهدت مدينة بنغازي خلال الأيام القليلة الماضية نشوب خلافات حادة بين وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فرج قعيم، وقائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وبدأت حدة هذا الخلاف عندما أصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، في نهاية آب/ أغسطس الماضي، قرارا بتكليف فرج محمد منصور قعيم العبدلي بمهام وكيل وزارة الداخلية بحكومته.
العواقير يباركون
وباركت قبيلة العواقير، تكليف قعيم وكيلا لوزارة الداخلية، في حال اعتماد التكليفات في بعض المواقع وقبولها في برقة، وفي حال رفضها يجب عدم التعامل مع المكلفين من قبل حكومة الوفاق وعدم السماح لهم بالقيام بأي مهام في أي مجال.
وجاء ذلك في بيان صدر عن المجلس الأعلى لقبيلة العواقير، ومشايخ وأعيان وشباب وقادة المحاور لقبائل العواقير، في الخامس من أيلول/ سبتمبر الماضي، عقب اجتماع عقد في منطقة برسس شرق بنغازي حيث مسقط رأس قعيم.
حفتر يرد غاضبا
وسرعان ما رد اللواء المتقاعد خليفة حفتر على قرار السراج الذي أثار غضب حفتر، عندما أصدر الأخير قرارا بمنع أي أعمال لأي مسؤول في حكومة الوفاق الوطني بالمناطق المحررة والخاضعة لقيادته، وعدم تنفيذ تعليماته أو التعاون معه.
ووجه حفتر هذا القرار الصادر في الأول من أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى رئيس الأركان العامة، ورؤساء الأركان بالقوات المسلحة، ورئيس هيئة السيطرة، وآمري المناطق العسكرية، وجميع آمري الوحدات بالقوات المسلحة التابعين له، مطالبا إياهم بتنفيذ هذه التعليمات حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة.
وفي الوقت ذاته، جدد عدد من أعيان ومشايخ قبيلة العواقير من بينهم نائب رئيس المجلس الرئاسي علي القطراني، وعميد بلدية بنغازي عبدالرحمن العبار، دعمهم لجيش حفتر، وعبد الرازق الناظوري، ولمجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، وللحكومة المؤقتة المنبثقة عنه برئاسة عبدالله الثني.
قرار للتحدي
ويرى بعض المراقبين في صدور هذا القرار من السراج، أنه بمثابة تحد للواء المتقاعد خليفة حفتر، وفتح معارك جديدة محلية وإقليمية ودولية بين الرجلين، رغم الجهود الدولية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، التي كان آخرها إعلان باريس في تموز/ يوليو الماضي.
وبدأ حفتر يشعر بالقلق خوفا من خسارة نفوذه في المنطقة الشرقية، التي يبسط سيطرته على معظم مناطقها، ما يعني فقد جزء من الدعم الإقليمي له من قبل دولتي الإمارات ومصر، خاصة بعد أن حقق فائز السراج المدعوم دوليا مكاسب سياسية على الأرض باتخاذه لقرارات جريئة وحاسمة مؤخرا من بينها قرار تكليف قعيم.
دور قعيم وقوته
ولعب قعيم في الآونة الأخير دورا بارزا في شرق البلاد، وشكل ورقة سياسية مهمة لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج في عمق نفوذ حفتر.
وتوجه قعيم فور تكليفه بمهام وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، إلى مدينة بنغازي لمباشرة مهامه، متحديا قرار حفتر القاضي بـ"منع أي أعمال لأي مسؤول في حكومة فائز السراج بالمناطق المحررة والخاضعة لقوات حفتر".
قوات قعيم
وتتمركز قوات فرج قعيم على امتداد الطريق الساحلي شرقي بنغازي، ولديه مقرات عدة في شرق البلاد أهمها مقر جهاز "قوة المهام الخاصة" بمنطقة بودزيرة القريبة من وسط المدينة.
وأعلن قعيم خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة بنغازي في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدء تفعيل خطة لتأمين المدينة بالتعاون مع قوات عملية الكرامة وجميع الوحدات داخل المدينة.
غرفة الكرامة تنفي
إلا أن آمر غرفة عمليات الكرامة عبد السلام الحاسي، نفى تعاون الغرفة مع وكيل وزارة الداخلية المفوض بحكومة الوفاق الوطني، بشأن تأمين بنغازي، أو أن يكون من ضمن قوة الغرفة، أو تصدر إليه أوامر وتعليمات من قبلها.
وأضاف آمر غرفة عمليات الكرامة، أن هناك أوامر صادرة عن رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني بصفته وزيرا للداخلية تقضي بالقبض على كل من يتعامل مع حكومة الوفاق الوطني "غير الشرعية" في مناطق نفوذها، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الليبية.
محاولتا اغتيال فاشلتان
وتعرض قعيم مؤخرا لمحاولتي اغتيال فاشلتين، كانت الأولى في الخامس من الشهر الجاري عندما نجا من محاولة اغتيال، إثر استهدافه بسيارة مفخخة في منطقة سيدي خليفة شرق مدينة بنغازي، أدت إلى وقوع أربعة جرحى على الأقل من عناصر قعيم.
وبعد خمسة أيام، تعرض فرج قعيم لمحاولة الاغتيال الثانية، التي أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص من أفراده وإصابة خمسة آخرين، بجروح خطيرة، جراء استهداف مقر "قوة المهام الخاصة" بمنطقة بودزيرة، التابع لوكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، بعدة قذائف هاون.
قعيم يخرج عن صمته
وعقب هذه العملية، خرج فرج قعيم عن صمته، واتهم في مداخلة تلفزيونية، اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالوقوف وراء محاولة اغتياله، كما أنه اتهم أيضا حفتر وأعوانه بقيامهم بعمليات خطف وقتل وسرقة المصارف واختلاس أموال بالعملة الصعبة في بنغازي.
ودعا قعيم، إلى اجتماع في منطقة برسس شرق بنغازي، لتفويض آمر قوات الخاصة "الصاعقة" ونيس بوخمادة لتولي زمام الأمور في مدينة بنغازي وتأمينها وللخروج بها من هذه المرحلة ومن هذا المأزق الذي تعيشه.
ومنح قعيم كل من يحمل صفة، أمثال سليم الفرجاني وعون الفرجاني وعلي الفرجاني المواليين لخليفة حفتر، الخروج من مدينة بنغازي خلال 48 ساعة، وهدد قائلا: "دق الطبل"، وفق تعبيره.
حفتر يبدأ الهجوم
وفي اليوم التالي من هذه التصريحات اللاذعة لفرج قعيم ضد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، اقتحمت قوات تابعة للأخير، صباح السبت الماضي مقر "جهاز قوة المهام الخاصة" التابع لوكيل وزارة الداخلية، في منطقة بودزيرة شرق بنغازي، واستولت على كافة تمركزات قوات قعيم.
وزحفت قوات بإمرة خالد وصدام، نجلي خليفة حفتر، إلى منطقة برسس شرقا حيث مسقط رأس فرج قعيم، ما أجبر الأخير على الانسحاب من ساحة المواجهة والاختفاء في مكان مجهول إلى هذا اليوم.
دور قعيم في السابق
ويعد فرج قعيم الذي يحمل رتبة نقيب، أحد القادة البارزين في عملية الكرامة منذ انطلاقها، وتولى منصب رئيس جهاز قوة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب بالحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني قبل قرابة الثلاث سنوات.
وأُنشئت قوة المهام الخاصة تحت اسم "قوة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب"، بإمرة فرج قعيم، أثناء تولي عمر السنكي وزارة الداخلية بحكومة البيضاء، وغَيَّر اسمها رئيسُ الحكومة المؤقتة عبد الله الثني لتصبح جهاز "قوة المهام الخاصة".
حفتر يعتقل ضابطا كبيرا في قواته.. هل بدأ الصدام؟
اتهامات للنظام المصري بقصف درنة وحفتر ينفي مسؤوليته
جريمة "الأبيار" تدق طبول الحرب بين "الوفاق" وحفتر