أفردت الصحافة الإسرائيلية مساحة واسعة للحديث عن عملية تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي نفقا تابعا للمقاومة الفلسطينية في غزة، اخترق حدود القطاع إلى داخل الأراضي الفلسطينية، التي تحتلها إسرائيل.
الانتقام و الردع
واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن "تدمير كل نفق يحفر باتجاه إسرائيل هو هدف شرعي، وواجب على القيادة السياسية الإسرائيلية أن تصدر تعليماتها للجيش بتدميره"، مدعية أن "إسرائيل طورت تقنيات لتدمير الأنفاق".
كما "أبدت إسرائيل قدرة على دفن اتفاق المصالحة الفلسطيني إذا لم تتوفر الشروط الأساسية التي تطلبها تل أبيب"، مؤكدة أن "شرط إسرائيل الأساس هو تجريد قطاع غزة من السلاح، ونقل المسؤولية الأمنية إلى السلطة الفلسطينية، بحيث لا تصبح غزة لبنان، ولا تصبح حماس والجهاد الإسلامي حزب الله"، بحسب الصحيفة.
وأشارت إلى أن "الاستعدادات لتدمير النفق استمرت أيام طويلة؛ حيث دخلت وحدات في قيادة المنطقة الجنوبية في شعبة الاستخبارات وفي سلاح الجو في حالة تأهب منذ نهاية الأسبوع"، منوهة إلى أن "إسرائيل لا تزال تأخذ في الحسبان أن حركة الجهاد الإسلامي ستسعى للانتقام والردع".
وأوضحت الصحيفة أن "حركة الجهاد هو تنظيم عسكري تصنعه وتموله إيران، ولديه صواريخ تصل لنصف حجم الوسائل القتالية التي لدى حماس"، معتبرة أن "الجهاد يمكنه بقوة وفقا لقرار إيراني عرقلة كل خطوة حوار مع السلطة أو مع إسرائيل".
وفي "حال أطلقت حركة الجهاد النار، سترد تل أبيب، وعليه ستتطور تبادلات إطلاق النار، وستجر حماس إلى الدوامة. وفي مثل هذه الحالة، يمكن للمصريين أن يخرجوا رجالهم من القطاع، ويبلغوا الأمريكيين بأنه يمكن التخلي عن حلم خطة المصالحة الإقليمية، التي تعد المصالحة بين فتح وحماس جزءا منها".
تهديد وتهدئة
وأضافت "يديعوت": "لقد أوضح تدمير النفق للسلطة الفلسطينية أن اتفاق المصالحة الحالي مع حماس سيضعها كل يوم في اختبار ومواجهة جبهوية أمام إسرائيل"، مضيفة: "من هنا، وحتى القطيعة المطلقة، والمواجهة بين إسرائيل والسلطة، الطريق قصيرة".
من جانبها، قدرت صحيفة "هآرتس"، في مقال نشرته للمحلل العسكري عاموس هرئيل، أن "تفجير النفق يزيد التوتر بين الطرفين إلى ذروة لم تكن منذ انتهاء حرب 2014"، متوقعة أن تدفع نتائج تدمير النفق (أدى لاستشهاد 7 مقاومين) حركة الجهاد إلى "القيام بعملية انتقامية".
وأكدت أن الجانب المصري "يسعى منذ ساعات مساء أمس ويبذل جهودا كبيرة لتهدئة النفوس"، موضحة أن العدد الكبير من الإصابات والشهداء "حصلت صدفة، وليست نتيجة عملية استخبارية تم الحصول عليها مسبقا، ويبدو أن العملية الإسرائيلية نجحت أكثر قليلا من المتوقع".
وأضافت: "عدد القتلى الكبير سيجعل الفلسطينيين يقومون بالرد، بصورة يمكنها أن تجر الطرفين للتصعيد، أو أن تؤثر على المصالحة الفلسطينية الداخلية".
وبحسب أقوال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منليس: "النفق لم يشكل أي تهديد فوري على أمن الإسرائيليين قرب الجدار، لكن حفره كان خرقا فاضحا لسيادة إسرائيل".
وكشف الصحيفة أن "قرار تفجير النفق تم اتخاذه بعد مشاورات أجريت مؤخرا في المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل"، معتبرة أن "توقيت العملية جاء في توقيت حساس، لسببين؛ اتفاق المصالحة بين حماس وفتح الذي تم التوصل إليها بوساطة مصرية، واستمرار بناء العائق الإسرائيلي ضد الأنفاق على طول حدود القطاع".
فرضية معقولة
ونوهت "هآرتس" إلى أن "التصعيد مع إسرائيل سيظهر عيوب اتفاق المصالحة، الذي امتنع عن علاج نزع سلاح المقاومة والأنفاق والصواريخ، علما بأن إسرائيل بحاجة لفترة سنة تقريبا لإكمال بناء العائق، الذي يتوقع أن يمنع حفر أنفاق أخرى مستقبلا".
وفي جهاز الأمن الإسرائيلي، أكدوا "أن إسرائيل مستعدة لكل الاحتمالات، وما زال الوقت مبكرا للتقدير بصورة مؤكدة كيفية رد الجهاد الإسلامي وحماس على العملية الإسرائيلية"، وفق الصحيفة، التي أكدت أن "استمرار التدهور في الوقت الحالي يمكن أن يؤدي لتكرار سيناريو 2014، كما أن تأجيل مشاريع تساعد في تخفيف المشكلات الاجتماعية الكبيرة في غزة، من الممكن أن يساعد في حدوث انفجار آخر في نهاية المطاف".
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، بدورها، ألمحت إلى أن "النفق كشف بمعونة جملة من المعلومات الاستخبارية والتكنولوجيا التي يستخدمها الجيش لاكتشاف الأنفاق".
وأوضحت في تقرير لها كتبه الخبير الأمني الإسرائيلي، يوسي ميلمان، أن هناك "فرضية معقولة أخرى؛ هي أن الجيش على علم مسبق متى بدأ حفر النفق في غزة، لكنه انتظر حتى يصل إلى إسرائيل كي يفجره، وذلك كي لا يتهم بانتهاك سيادة حماس في غزة، الأمر الذي كان سيؤدي إلى توتر وتصعيد".
وأكدت الصحيفة أن "النبأ العاصف عن كشف النفق لا يغير الواقع الاستراتيجي على الحدود مع غزة، فهو يفيد بأن حماس تفعل كل ما في وسعها كي تتعزز عسكريا وتتسلح وتستعد للمواجهة التالية، بالضبط مثلما تفعل إسرائيل"، موضحة أن "حماس والجهاد الإسلامي من ناحية إسرائيل هما واحد، فلم يتخليا عن حفر أنفاق كأداة من أدواتهم العسكرية، رغم بناء العائق التحت أرضي".
ولفتت إلى أن "تقويمات الوضع الاستراتيجي لم تتغير حتى في أعقاب تفجير النفق، فالطرفان غير معنيين حاليا بجولة حربية رابعة"، بحسب تقديرها.