نشرت صحيفة "
لوتون" السويسرية تقريرا ذكرت فيه أن
تنظيم الدولة، الذي فقد مساحة كبيرة من مناطقه، بدأ يغير طريقة عمله من خلال تبديد ثروته، التي تقوم أساسا على عائدات النفط، داخل الشرق الأوسط وخارجه.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة ما زال، منذ سنة 2014، يضع يده على آبار النفط على الرغم من تضييق الخناق عليه في كل من سوريا والعراق. وتجدر الإشارة إلى أن التنظيم ما زال يواصل أعماله الاقتصادية المتأتية من بيع النفط.
وأكدت أن الجيش السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون، في غرب سوريا، بصدد مواصلة عملياتهم الهجومية. أما شمالا، فتتقدم القوات الموالية للأمريكيين، وعلى رأسها الأكراد، إلى جانب بعض العشائر العربية. وقريبا، سيجد هذان الشقان نفسيهما وجها لوجه على ضفاف نهر الفرات، تحديدا في ضواحي مدينة دير الزور.
وفي المقابل، على بعد كيلومترات من مركز هذه المدينة، تتركز أهم آبار النفط وحقول الغاز في البلاد، التي ما زالت تحت قبضة تنظيم الدولة الذي يسيطر عليها منذ سنة 2014.
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من تعرضه للقصف، إلا أن تنظيم الدولة يواصل إلى حد الآن استخراج، وتكرير، وبيع النفط بسعر مرتفع تماشيا مع ارتفاع الطلب. وعموما، لا تتم عملية البيع بين المناطق المحاذية له فحسب، وإنما تمتد أيضا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
وأشارت إلى أن ذلك يؤكد أن التنظيم ما زال يغذي تمويلاته عن طريق عائدات النفط إلى يومنا هذا، حيث تسير قافلات هامة من الشاحنات، يتكفل بنقلها أشخاص غير تابعين لتنظيم الدولة، قبل أن تجتاز الخطوط العسكرية وتزود مراكز أعداء التنظيم في حلب أو في غيرها من المناطق.
وأفادت الصحيفة بأن تنظيم الدولة سطر "نموذجه الاقتصادي" الخاص به بهدف مجاراة الخسائر التي مني بها، خاصة مع فقدانه لقرابة 90 بالمائة من مناطقه في العراق و85 بالمائة منها في سوريا بحسب توقعات عسكريين أمريكيين.
وخلال الأشهر الأخيرة، أطلق تنظيم الدولة عملية واسعة بهدف "تغيير منهجيته" الاقتصادية والعمل على جمع أكبر قدر ممكن من الأموال. علاوة على ذلك، يرنو التنظيم لزيادة هذه المرابيح من خلال استثمارها في عدة أنشطة بغض النظر عما إذا كانت مشروعة.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة على لسان لورنس بيندر، التي شغلت سابقا منصب مديرة مركز تحليل
الإرهاب، وساهمت في تحرير تقرير نشر سنة 2015 حول تمويلات تنظيم الدولة، قولها إن "الهدف يكمن في خصوصية النموذج الاقتصادي للتنظيم الذي يقوم على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتجنب الاعتماد على التمويل الأجنبي والتبرعات... وقد كان تنظيم الدولة يرنو إلى تحقيق هذا المبتغى منذ تأسيسه".
في المقابل، شكل فقدان التنظيم لمساحة هامة من مناطقه عائقا أمام تحقيق هذا الاكتفاء الذاتي. وفي هذا الصدد، أكدت لورنس بيندر أنه "مع تراجع مساحته، لم يفقد تنظيم الدولة جزءا هاما من مخزونه من الموارد الطبيعية فحسب، وإنما فقد أيضا "مخزونه البشري" خاصة في ظل خسارته للمدن الكبرى".
وذكرت الصحيفة أن الفارين من دير الزور تحدثوا عن الوجه الثاني لآلية تنظيم الدولة الذي يسعى من خلالها للحفاظ على تمويلاته. وبحسب شهاداتهم، رفع التنظيم في قيمة الضرائب في شتى مجالات الحياة اليومية. بالإضافة إلى ذلك، أصدر التنظيم عملته الخاصة "الدينار الذهبي" منذ سنتين تقريبا، ولكنه لم يبدأ فعليا العمل بها سوى مؤخرا في المناطق الخاضعة تحت سيطرته.
وبحسب مؤسسة "عنب بلدي" الإعلامية السورية، فإن "كل من يعتمد عملة أجنبية، في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، على غرار الليرة السورية والدولار يكون عرضة للسجن لمدة سنتين، دون أن نخوض طبعا في إمكانية تعرضه لعقوبات أخرى على غرار الغرامات والتعذيب".
ونوهت الصحيفة بأن عملة تنظيم الدولة تحتوي على الذهب، كما أن مقاتليه هم الذين يحددون قيمتها بما لا يتماشى مع ظروف المواطنين، الذين تنتظرهم آفة أخرى متمثلة في أن العملة المصنوعة من النحاس لا قيمة لها خارج "أرض الخلافة". وعلى العموم، هرب العديد من السكان من المناطق التابعة للتنظيم وتم إلقاء القبض عليهم وعثروا بحوزتهم على هذه العملات التي استخدمت كدليل ضدهم حينما تم اتهامهم بالتعامل مع مقاتلي الدولة.
وفي الختام، نقلت الصحيفة قول الباحث في معهد "
تشاتام هاوس"، ريناد منصور، قوله إن "تنظيم الدولة يعتمد على "واسطة" في بغداد وفي عدة أماكن أخرى بهدف "غسيل" احتياطياته النقدية... ويتم ذلك عبر تقديم راتب جيد "للواسطة" بهدف تنمية الأعمال التجارية القانونية التي تصب في صالح التنظيم".
وواصل الباحث حديثه قائلا: "ويمكن أن تكون هذه الواسطة في شكل شركات مختصة في المعدات الإلكترونية، وبيع السيارات، والمصحات الخاصة، وإنتاج المواد الغذائية".