نشر موقع "هافينغتون بوست" الأمريكي تقريرا؛ تحدث فيه عن تأثير الأزمة المحتدمة بين
قطر وجاراتها من دول
الخليج؛ على
الرأي العام الأمريكي.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن طرفي الأزمة ينفقان أموالا طائلة على الاستثمارات الضخمة في مجال التأثير في الرأي العام. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تغريدة وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات العربية المتحدة، أنور قرقاش، في 17 آب/ أغسطس، قال فيها إن "أزمة قطر عش دبابير كبير سلاحه المال والنفوس الضعيفة"، وتحدث عن "ضرورة إعادة النظر في تكاليف توظيف المرتزقة، وثمن شراء الضمائر والأقلام بالنسبة للخليج والمنطقة".
من خلال هذه التغريدة، بين أنور قرقاش أن الاستثمارات الكبيرة التي وظفها الطرفان كانت لكسب الرأي العام، في الشرق الأوسط وباقي أقطار العالم، خاصة تلك الدول الحليفة لمجلس التعاون الخليجي. ولعل هذا ما ورد في تقرير أعدته صحيفة نيويورك تايمز سنة 2014 يظهر أن مراكز الدراسات في أمريكا تتلقى ملايين الدولارات سنويا في شكل مساهمات من دول الخليج.
وذكر التقرير حينها أن من بين تلك المراكز؛ مؤسسة بروكينغز التي تلقت 14.8 مليون من قطر خلال أربع سنوات، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي تلقى مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة من أجل بناء مقره الرئيسي. في المقابل، أثبت تقرير بريطاني حديث أن العائلة الملكية البحرينية قد دفعت 32 مليون دولار للمعهد البريطاني الدولي للدراسات الاستراتيجية من أجل كسب وده.
كما أورد الموقع أن هناك لوبيات عدة ومؤسسات تعمل على التأثير في الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ قد تلقت ملايين الدولارات من دول الخليج، وقدمت عطايا سخية لبعض القيادات الحكومية السابقة في كلا البلدين من أجل كسب مساندتهم، وذلك باتباع طرق خفية في إرسال الأموال.
وقال الموقع إن الدول العربية، كغيرها من الدول الخليجية، لديها العديد من وسائل الإعلام التي تعكس تصورها وتدافع عن رؤيتها، من صحف رقمية وورقية، وبث حي يبلغ أصقاع الأرض، وصحفيين، ومحررين، ومثقفين، علما بأن كل هؤلاء يتلقون أجورهم وهداياهم المالية من خزينة مال دول الخليج.
وأشار الموقع إلى أن المال الخليجي قد ألقى بثقله ليؤثر حتى في العلاقات بين الدول العربية، إذ تتجه الاستثمارات من الدول الغنية بالنفط إلى الدول الفقيرة بحسب موقفها من الانقسامات التي يمر بها مجلس التعاون الخليجي. فعلى سبيل المثال، يتمتع المغرب بالأموال الواردة من كلا طرفي الصراع الخليجي، وخاصة من قطر، بعد أن أعلن الملك محمد السادس موقف الحياد من الأزمة الخليجية، الأمر الذي أثار غضب دول الخليج المتخاصمة مع الإمارة الصغيرة.
وبين الموقع أنه لقياس مدى تأثير دول الخليج في الرأي العام الأمريكي، كلفت صحيفة "عرب نيوز" السعودية؛ شركة يوغوف، المختصة في أبحاث الأسواق ومقرها المملكة المتحدة، بالقيام بدراسة تشمل 2263 شابا أمريكيا في الفترة بين 19 و21 تموز/ يوليو حول دور دول الخليج في تغيير الرأي العام الأمريكي.
ولكن، لم تكن النتائج كما أراد ممولوها، فقد أثبتت أن طرفي الصراع الخليجي قد أضرا بسمعتهما في الولايات المتحدة الأمريكية. وبغض النظر عما إذا كانوا يعرفون هذه الدولة أم لا، صرح غالبية من شاركوا بالاستطلاع أن قطر إما دولة غير صديقة أو عدوة. كما أفاد بعضهم أن قناة الجزيرة لا تتصف بالمهنية، وتشيطن الولايات المتحدة، وتخوض جوقة إعلامية لصالح أسامة بن لادن.
وأورد الموقع أن نتائج الاستطلاع حول باقي دول الخليج ومصر كانت أفضل من تلك المتعلقة بقطر. لكن لم تنسب صفة الصديق لأي دولة في الخليج العربي، حتى الإمارات العربية المتحدة، عند أكثر من 39 في المئة من المستجوبين، وهو ما يثير التساؤلات حول "ثمن" هذا الصراع السياسي. فبعد هذا الإنفاق الكبير، من أجل التأثير في الرأي العام، تبين أن الاستطلاعات كانت مخيبة للآمال.
وأشار الموقع إلى أنه يمكن النظر إلى هذا الاستطلاع من زوايا مختلفة، إذ تدل النتائج بشكل ساخر على أن النسبة الضئيلة من الأمريكيين الذي يهتمون بالسياسة لا يبالون بالحملات التي تهدف إلى تغيير مواقفهم. في المقابل، تتابع هذه الفئة نشرات الأخبار ويوازنون وجهات النظر المتضاربة ويكونون حكمهم المستقل.
وأفاد الموقع أنه إذا كان هذا الاستطلاع حول وجهات نظر الأمريكيين صحيحا، فهو يقدم درسين لمجلس التعاون الخليجي، وخاصة قطر. أولا، أن إنفاق المال من عدمه لن يؤثر كثيرا في الرأي العام الأمريكي، أما ثانيا إن أرادت قطر التأثير في الرأي العام الأمريكي فعليها تغيير سياستها الحالية.