من تفكك العائلات، إلى الانقطاع عن الدراسة والطرد المفاجئ، تنعكس الأزمة الدبلوماسية بين
قطر وجاراتها في الخليج سلبا على حياة القطريين، مع دخول الإجراءات العقابية المتخذة بحق الإمارة الغنية شهرها الثالث.
من بين هؤلاء، سارة، القطرية البالغة من العمر 29 عاما، التي كانت تتطلع لمتابعة دروسها الجامعية في دبي، قبل أن تقرر الدول المقاطعة للدوحة في الخامس من يونيو/ حزيران طرد الرعايا القطريين من على أراضيها.
وتقول سارة: "قيل لنا فجأة إنه لم يعد بإمكاننا الدخول إلى قاعات الدراسة، وإنه بات يتوجب علينا أن نعود إلى الدوحة".
تواجه قطر أسوأ أزمة دبلوماسية منذ عقود، وتقود المملكة
السعودية حملة مقاطعة تشارك فيها البحرين ودولة
الإمارات العربية المتحدة ومصر، بدأت بتعليق جميع العلاقات مع الدوحة، بعد اتهامها بدعم الإرهاب وتمويله.
كما تشمل عقوبات، بينها طرد الرعايا القطريين من الدول الخليجية، وحظر استخدام قطر لموانئ وأجواء تلك الدول، ما تسبب بمعاناة لدى سكان قطر، البالغ عددهم 2,4 مليون، 90 في المئة، منهم أجانب، خصوصا من ناحية السفر والتنقل.
ترفض قطر الاتهامات الموجهة إليها، وتقول إن الدول المقاطعة لها تحاول فرض حصار دبلوماسي واقتصادي عليها؛ بهدف التحاكم بسياستها الخارجية.
ومع أن قطر عملت على إدخال الطلاب العائدين إلى جامعاتها، إلا أن هؤلاء رأوا في الإجراءات العقابية مسألة شخصية تتعدى الأزمة الدبلوماسية.
وتوضح سارة: "عندما يمنعك أحدهم من الدراسة، فإنه يحطم أحلامك. هكذا، فجأة، ومن دون إنذار، يقال لك إنه عليك أن تلزم البيت، وإن الدراسة لم تعد متاحة لك".
عائلات مفككة
بينما تتواصل فصول الأزمة، وهي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات، تدخل العائلات الخليجية المختلطة في دوامة التفكك مع الحصار المفروض على القطريين المتزوجين من جنسيات خليجية أخرى.
وسارة، التي فضلت عدم الكشف عن شهرتها؛ خوفا على أفراد عائلتها، أمها إماراتية وأبوها قطري.
وتوضح الشابة وهي تحاول حبس دموعها: "نصف عائلتي في دبي في الإمارات. كما أن لدي أقرباء في البحرين"، مشيرة إلى أن جدتها المقيمة في دبي تعرضت لوعكة صحية مؤخرا، لكن والدتها لم تستطع زيارتها؛ خوفا من منعها من العودة إلى قطر في وقت لاحق.
ورغم دعوات الدول الخليجية الثلاث لرعاياها إلى مغادرة قطر، إلا أن العديد من هؤلاء الرعايا الذين تربطهم علاقات عائلية بقطريين بقوا في الإمارة الصغيرة؛ خشية منعهم من العودة إليها لاحقا.
وتقول سعودية تعيش في قطر منذ سنوات، إنها تشعر بالخوف على مستقبلها ومستقبل ابنتها في قطر.
وتوضح المرأة، التي رفضت الكشف عن هويتها: "نشعر أننا محاصرون. علينا أن نجدد أوراق إقامتنا خلال عام، لكننا نشعر بالخوف مما قد يحصل"، مضيفة أنها تخشى كذلك خسارة الراتب التقاعدي لزوجها السعودي الراحل.
يشعر قطريون آخرون، في مركز في الدوحة يعنى بقضايا المتأثرين بالإجراءات العقابية، بالقلق من إمكانية تجميد حساباتهم المالية في الدول الأخرى وفقدان أملاكهم.
نور تملك شقة في دبي لا تستطيع الوصول إليها، وأحمد وعبدالله يربيان مجموعة من الجمال باهظة الثمن في السعودية، إلا أنهما غير قادرين على الاعتناء بها بأنفسهم.
ورغم دخول الأزمة شهرها الثالث، لا يزال بعض القطريين يشعرون بالصدمة تجاه الإجراءات المتخذة بحقهم وبحق دولتهم الغنية بالغاز.
فيرى أحمد أن الأزمات السياسية "يجب أن تنحصر بالقادة" أنفسهم، بينما يشكو عبدالله قائلا: "لم أظن يوما أن هذه الأمور يمكن أن تحدث بين الإخوة".