نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا؛ نقلت من خلاله فحوى مقابلة أجرتها مع المدير العام السابق لقناة
الجزيرة، وضاح خنفر؛ الذي وجه انتقادات لاذعة للدول التي تحاصر
قطر وتطالب بإغلاق قناة الجزيرة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذا الوجه الإعلامي، الذي اعتبر الربيع العربي بمثابة "حدث تاريخي"، قد حرص على إعطاء الأولوية لمواكبة الاحتجاجات الشبابية التي جابت شوارع تونس ومصر وليبيا، من خلال القناة التي كان يشرف على إدارتها آنذاك.
وحول الأسباب التي تقف وراء اعتبار قناة الجزيرة بمثابة تهديد كبير على
السعودية، أكد وضاح خنفر أن "ذلك يعزى إلى استماتة الجزيرة في الدفاع عن مبادئ الديمقراطية والحرية". وقال إن "تبني مثل هذه القيم يعد أمرا خطيرا في المنطقة التي لا زالت تخشى الآثار المترتبة عن ثورات الربيع العربي. وبغية إخماد شعلة الربيع العربي، إثر اندلاع الثورات المضادة في مصر وليبيا واليمن والحرب الأهلية في سوريا، تسعى هذه الأطراف إلى التخلص من قناة الجزيرة؛ نظرا لأنها كانت من أبرز المدافعين عن حرية التعبير".
وفي الحديث عن دور قناة الجزيرة في إطلاق شرارة للربيع العربي، قال المدير العام السابق للقناة: "لا أستطيع القول إن الجزيرة كانت تقف وراء ثورات الربيع العربي. ولكن القناة قدمت الدعم المعنوي للشباب العربي الذي خرج إلى الشوارع للمطالبة بحقوقه، كما لم تتوان عن مساندته".
وأضافت الصحيفة أن الوجه الإعلامي المعروف لا زال يؤمن بأن الربيع العربي كان يمثل لحظة تاريخية بامتياز؛ نظرا لأن "المعركة من أجل الحرية والديمقراطية في العالم العربي لم تنته بعد. وفي ظل الصراعات المستعرة في المنطقة، لم تقدم القوى المعادية للثورة بدائل جدية. وعلى الرغم من أنها ستتمكن من البقاء في الحكم في مصر وليبيا واليمن، إلا أنها سوف تخفق مستقبلا في الحفاظ على كرسي الحكم؛ لأنها لا تعد بالحرية والديمقراطية والتطور الاقتصادي".
وقال خنفر أيضا: "السعوديون اعتقدوا أنهم سيتمكنون من إخماد صوت الديمقراطية من خلال إغلاق قناة الجزيرة، لكنهم لم يفلحوا في ذلك. فضلا عن ذلك، تحاول هذه الدول حظر شبكات التواصل الاجتماعي التي يعتمدها الشباب العربي للتواصل فيما بينهم وللتعبير عن آرائهم. وفي الوقت الراهن، يمكن أن تصل عقوبة نشر تغريدة على موقع "تويتر" تتطرق إلى جوانب من الحياة الاجتماعية والسياسية من شأنها أن تزعج السلطات، إلى 10 سنوات سجنا في أبو ظبي والرياض".
وفيما يتعلق بمدى نجاح حصار قطر أو فشله في المستقبل، يقول خنفر: "لا أرى أية بوادر لإمكانية نجاح العدوان ضد قطر. ويعزى ذلك بالأساس إلى أن السعوديين فشلوا في تقييم ميزان القوى في المنطقة. وبشكل عام، اعتقدت الرياض أن بإمكانها إخضاع قطر وجعلها ترضخ لمطالبها. لكن هذه القيادات تناست أن تركيا وإيران قوات تتمتع بثقل كبير في المنطقة، ولا يمكن أن تسمح بإعادة تعديل ميزان القوى" الذي ترغب المملكة السعودية في تشكيله وفقا لمتطلبات مصالحها الخاصة.
ويشار إلى أنه بعد الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، تعرض صحفيو قناة الجزيرة إلى التنكيل. وفي هذا السياق، أشار خنفر إلى أن "صحفيي الجزيرة لطالما أثاروا مخاوف مراكز النفوذ. وفي معظم البلدان العربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة أو روسيا، كانت السلطات تتعامل بقسوة مع هؤلاء الصحفيين، وذلك نظرا لأنهم يحرصون على نقل موقف مستقل ومحايد فيما يتعلق بالأحداث التي يشهدها العالم".
وتساءلت الصحيفة عن نتائج هذا الصراع في العالم العربي وكيف سينتهي. وفي هذا الصدد، ذكر خنفر أن "العالم العربي مليء بالسجون. وتحاول بعض القيادات العربية سجن جيل بأكمله ومنعه من المضي قدما"، محذرا من أن "هذا الوضع سيولد ثورة جديدة، وستكون أسوأ بكثير من الأولى، ولن تكون هذه الثورة سلمية أو تدريجية. فعلى العكس تماما، من المؤكد أنها ستكون عنيفة للغاية، وذلك لأن الضغوط الممارسة ضد الشباب في العالم العربي لم يعد بالإمكان تحملها".
وفي الحديث عن الدور الذي يضطلع به العالم الغربي في خضم هذه التجاذبات، أورد المدير العام السابق لقناة الجزيرة أن "السياسيين الأوروبيين والأمريكيين لم يترددوا في دعم ما يعتبرونه "إرساء للاستقرار في المنطقة". ومن المفارقات أن الاستقرار في العالم العربي يحيل إلى السجون والقمع ومنع حرية التعبير عن الرأي. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى إقحام العالم العربي في الفوضى".
ونقلت الصحيفة عن خنفر أن "جميع الأصوات الصادحة بمبادئ الديمقراطية تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في جميع أنحاء العالم. وفي حال دعمت هذه الأصوات الطغيان في العالم العربي، فستعاقب حتما من قبل جيل الشباب الجديد، الذي لن يتحمل الظلم والاستبداد لفترة أطول".