نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقريرا لمراسلتها إريكا سولومون، عن الأزمة الخليجية، تقول فيه إن قناة "
الجزيرة" مستهدفة في الحملة ضد الدوحة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك، قام قبل فترة من اندلاع ثورات الربيع العربي، التي أطاحت به، وقامت قناة "الجزيرة" ببث الاحتجاجات ضده، بزيارة مبنى القناة الصغير عام 2010، وعلق ساخرا: "هل علبة الكبريت هذه، سبب إزعاجنا؟".
وتقول سولومون إن "القناة، التي انطلقت عام 1996، أثارت الكثير من الجدل في العالم العربي، منذ تأسيسها ولغاية يومنا هذا".
وتبين الصحيفة أن "القناة، التي غيرت وجه الإعلام الناطق باللغة العربية، تتعرض لهجمة، فهي واحدة من أهداف الحملة
السعودية الإماراتية؛ من أجل كبح جماح الجارة الصغيرة، التي تغرد خارج السرب،
قطر، المتهمة بتمويل الإرهاب، والتقارب مع إيران عدوة السعودية اللدودة، فلم تغلق السعودية والإمارات ومصر والبحرين المجال الجوي والبري والبحري فقط، بل قامت بمنع بث قناة (الجزيرة) أيضا، وأغلقت بعضها مكاتب القناة في عواصمها".
ويلفت التقرير إلى أن "الجزيرة" تعد بالنسبة للجمهور المتابع لها مهمة؛ لأنها قامت بتقديم آراء متعددة ومتباينة في منطقة راكدة، عادة ما يأخذ المواطنون فيها الأخبار والمعلومات التي تخضع للرقابة من الحكومات.
وتستدرك الكاتبة بأن البعض الناقد لـ"الجزيرة" يرى أنها مسيسة، وأعطت صوتا قويا للإسلاميين، ولراعيتها الدولة القطرية، البلد الصغير الغني، دورا أكبر من حجهما، وتأثيرا على الرأي العام في العالم العربي.
وتنقل الصحيفة عن المحاضرة في الجامعة الأمريكية في مصر رشا عبد الله، قولها: "عندما قررت قطر إلغاء وزارة الإعلام رحبنا بهذه الخطوة، لكن مع مرور الوقت اكتشفنا أن (الجزيرة) لم تصبح وزارة الإعلام القطرية فقط، بل وزارة خارجيتها أيضا".
ويفيد التقرير بأن العديد من الإعلاميين يرون أن قناة "الجزيرة" ستكون محور المساومة الرئيسي في أي مصالحة تبرمها الدوحة مع جيرانها في الدول الخليجية، لافتا إلى أن الكثير أشار إلى أن هذه القناة سيتم إغلاقها.
وتستدرك سولومون بأن المعلق السياسي الإماراتي عبد الخالق عبدالله قلل من أهمية هذه التكهنات، مشيرا إلى أن الهدف هو الحد من الأفكار المؤيدة للإسلاميين، خاصة الإخوان المسلمين، وتلك الناقدة للحلفاء في السعودية والبحرين، وقال: "سيطلب منهم التخفيف من الآراء السياسية في برامجهم، وليس إغلاقها، وأضاف: "إنها القائدة في الفضائيات العربية أحببت ذلك أم كرهته".
وتورد الصحيفة أن قناة "الجزيرة" تقول إن من إشارات الضغط عليها هي تعرضها المتكرر للهجمات الإلكترونية.
وينوه التقرير إلى أن قطر عبرت عن ترحيبها بالمبادرة الكويتية، وقالت إنها ستتفهم مطالب جيرانها، وأبدت استعدادها لتقديم بعض التنازلات، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه التنازلات ستشمل القناة، وقال سفير الدوحة في واشنطن: "لو شعروا أن (الجزيرة) مصدر تهديد لهم فإن السؤال سيصبح فلسفيا أكثر"، وتساءل قائلا: "هل هم خائفون من الإعلام الحر وحرية التعبير؟".
وتذكر الكاتبة أن القناة أثارت الجدل، من خلال استضافة شخصيات سياسية وشخصيات معارضة وإسلامية، وحتى إسرائيلية، وهي أول قناة عربية تفعل هذا الأمر، وقابلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وبثت أشرطته بعد هجمات 11/ 9، وكانت أول فضائية عربية تهتم بالاحتجاجات في تونس، التي قادت إلى اندلاع الثورات العربية.
وتلفت الصحيفة إلى أن المعارضة والعدوانية ضد "الجزيرة" بدأت تتزايد بعد انهيار الربيع العربي والثورات المضادة، التي أعادت الحكام الديكتاتوريين، ويرى نقادها أن القناة ظهرت داعمة للرئيس المصري السابق محمد مرسي، وناقدة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، حيث تقول رشا عبد الله من الجامعة الأمريكية: "منذ عام 2013 غيرت القناة من مهنيتها، وأصبحت مؤيدة بشكل كامل للإخوان المسلمين".
وتعلق سولومون قائلة إن "(الجزيرة)، حتى لو استطاعت الصمود أمام الضغوط السعودية الإماراتية، فإن شعبيتها تتراجع؛ بسبب انتشار الفضائيات، ومعظمها تتبنى القضية ذاتها، وتقدم خدمة لمن انجذبوا لها في البداية، وتواجه الآن منافسة شديدة من (سكاي عربي) و(العربية) المدعومة من السعودية، و(الميادين) اللبنانية".
وينوه التقرير إلى أن هناك عاملا آخر في تراجع شعبية القناة، وهو زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التي تجذب الجيل الجديد.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك من يشعر بالإحباط، حتى بين متابعي "الجزيرة"، مع أن ما تقدمه يخدم فكرتهم، مثل الثورة السورية، حيث يقول ناشط سوري: "إنها ناطقة باسم الإخوان المسلمين، واختفت الإثارة لمتابعة برامجها أثناء الثورة".