في ظل قطع كل من
السعودية والإمارات والبحرين ومصر لعلاقاتهما مع
قطر، إثر اتهامهم لها بدعم "الإرهاب"، هل ستصمد الدوحة أمام "الحصار" حتى سنة 2020؟.. سؤال حاولت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية الإجابة عنه.
ونقلت الصحيفة الروسية عن مصدر بوزارة الخارجية القطرية قوله إن "العلاقة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي تفتقر للثقة، مما يعني أنه من الصعب، بل قد يكون من المستحيل تجاوز هذه الأزمة".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن آراء الخبراء الغربيين بشأن الأزمة الخليجية تضاربت، مشيرة إلى أن أغلبهم يرى أن التوتر القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي سوف يستمر كحد أقصى إلى سنة 2020.
وأضافت الصحيفة أن الدوحة تحاول، في الوقت الراهن، إيجاد بدائل عن السوق السعودية وبقية الدول الأخرى قاطعت الدوحة.
وأوضحت "نيزافيسيمايا" أن لقطر القدرة على إيجاد بديل للأسواق الخليجية، ونقلت عن دبلوماسي قطري قوله: "نحن قادرون على إيجاد بديل للواردات الخليجية، وقد شرعنا في النظر في الاختيارات المتاحة بالفعل".
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر تتمتع بعلاقات متميزة مع العديد من دول أوروبا الغربية، على غرار المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، بالإضافة إلى تركيا وغيرها من الدول الأخرى، مضيفة أن كل هذه الدول تربطها مصالح اقتصادية كبيرة بقطر. وبالتالي، لن تسمح هذه الجهات بتقويض مصالحها وستعمل على دعم قطر.
وتطرقت الصحيفة إلى زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى موسكو، والتصريحات التي أدلى بها عقب محادثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وفي هذا السياق، أعرب الوزير القطري عن امتنانه لروسيا ومؤسساتها خاصة في ظل محاولاتها الحثيثة لدعم الدوحة.
فضلا عن ذلك، أورد وزير الخارجية القطري أنه يتطلع إلى حل الأزمة الخليجية بمساعدة لاعبين فاعلين على الصعيد العالمي والإقليمي. وقد صرح محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قائلا: "أعتقد أنه من الأفضل حل الأزمة من خلال وساطة كويتية نظرا لأنها أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي"، وذلك وفقا لما أكده مصدر من وزارة الخارجية.
وأشارت الصحيفة إلى زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، أمس الأربعاء، إلى الدوحة، إذ شدد الجانب التركي على أن الاتهامات التي وجهت لقطر لا أساس لها من الصحة، علما أن العلاقات التركية السعودية تشهد استقرارا ملحوظا. وفي ظل الحصار الذي فرضته دول مجلس التعاون الخليجي على قطر، سارعت كل من الدوحة وأنقرة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما.
والجدير بالذكر أن التعاون القطري التركي يبدو جليا، خاصة في مجال قطاع البناء. ومن المرتقب أن يزور ممثلون من شركات تركية مختصة في مجال البناء الدوحة للمشاركة في إعداد المنشآت التي ستحتضن كأس العالم 2022.
وأوضحت الصحيفة أن تركيا تعد من أبرز الجهات الدولية التي عمدت إلى تأمين المواد الغذائية الأساسية لقطر في ظل الحصار الإقليمي المفروض عليها، فضلا عن إيران، التي تعد أحد أسباب المقاطعة. ووفقا لعدد من الخبراء والمحللين الدوليين، فقد حلت كل من تركيا وإيران محل بلدان مجلس التعاون الخليجي في مجال تصدير المواد الغذائية لقطر.
وبينت الصحيفة أن قطر تواجه معضلة حقيقية جراء هذا الحصار، تتمثل في اعتماد الدوحة بشكل كلي على معبر بري وحيد مع المملكة العربية السعودية، الذي يسمح بمرور المواد الخام الضرورية لاستكمال مشروعات البنية التحتية اللازمة لمونديال 2022. وبالتالي قد تكلفها إجراءات غلق الحدود البرية مع المملكة العربية السعودية خسائر كبيرة.
ومن المثير للاهتمام أن قطر قد أثبتت قدرة غير مسبوقة في التكيف مع العقوبات والتدابير الاقتصادية التي اتخذتها الدول العربية ضدها، حسب ما أكده بعض الخبراء الغربيين. ووفقا لمايكل ستيفنز، الباحث في شؤون الشرق الأوسط ورئيس المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) في قطر، فقد "تمكنت الدوحة بفضل دعم تركيا وإيران من اجتياز المرحلة الأولى من الأزمة بأخف الأضرار".
وذكرت الصحيفة أن صادرات الغاز الطبيعي لم تتأثر بشكل كبير في ظل هذه الأزمة، كما أنه من غير المرجح أن تتأثر إيرادات النفط على المدى القصير والمتوسط. في المقابل، من المتوقع أن تحاول قطر الحد من بعض مشاريعها المستقبلية في قطاع الطاقة تحسبا لانخفاض الإيرادات في حال استمرت الأزمة مع جيرانها الخليجيين. وفي السياق ذاته، من المرجح أن تبذل الخطوط الجوية القطرية جهودا حثيثة حتى تتمكن من البقاء في دائرة المنافسة.
والجدير بالذكر أن أكثر ما يقلق قطر، في الوقت الراهن، وفقا للخبراء، هو العواقب الاقتصادية التي قد تطالها على المدى الطويل. فعلى الرغم من أن قطر تتمتع بموارد مالية كافية، إلا أنها ستضطر للزيادة في حجم نفقاتها نظرا لعملية استيراد السلع والمواد الأساسية من بلدان جديدة.
وأكدت الصحيفة أن قطر، وعلى المدى القصير، قادرة على الصمود في وجه الأزمة، في المقابل، قد تخلف هذه الأزمة على المدى المتوسط والطويل العديد من العواقب الاقتصادية، وبالتالي ستكون الدوحة عاجزة عن التصدي لها. ومن هذا المنطلق، يمكن الجزم بأن قطر لن تكون قادرة على تحمل الأزمة الخليجية لفترة تتجاوز سنة 2020، خاصة وأن ذلك من شأنه أن يؤثر على فعاليات كأس العالم 2022 التي تنظمها قطر للمرة الأولى في تاريخها.