ينظر الأردنيون بقلق كبير إلى مخيم
الركبان للاجئين السوريين، رغم وجوده في المنطقة المحرمة المنزوعة السلاح، وبعمق ثلاثة كيلومترات في الأراضي السورية، إلا أنه كان محط أنظار السلطات الأردنية منذ وجوده بفرض الواقع عام 2015، قبل أن يتحول إلى تجمع بشري ضخم يضم ما يقارب الـ80 ألف لاجئ.
وزاد الموقف الأردني تصلبا من إدخال اللاجئين السوريين وتقديم المساعدات لهم، إثر "تفجير الركبان" الذي وقع في 21 حزيران/ يونيو 2016 بشاحنة مفخخة تابعة لتنظيم الدولة، ما أدى إلى مقتل سبعة من عناصر حرس الحدود الأردني، لتعلن السلطات الأردنية في أكثر من تصريح أن المخيم بات مرتعا لـ"داعش".
وقامت المملكة بعد الحادثة مباشرة، بإغلاق الحدود مع
سوريا رسميا، على طول الشريط الممتد على 378كم، الأمر الذي أدى إلى توقف دخول حملات الإغاثة ومعالجة الجرحى إلى المخيم، وفاقم من معاناة قاطنيه.
المخيم على وقع المفخخات
ولم يسلم المخيم من سلسلة تفجيرات طالت "الجيش السوري الحر" المتواجد داخله، ممثلا "بجيش أحرار العشائر" المدعوم أردنيا، لترتفع رقعة هذه التفجيرات مؤخرا بعد ارتفاع سخونة المعارك في البادية السورية بين المعارضة وتنظيم الدولة من جهة، وبين النظام من جهة أخرى.
ورأى خبراء عسكريون وقادة فصائل سورية معارضة في تصريحات لـ"
عربي21" أن التفجيرات التي شهدها المخيم مؤخرا تشكل "رسائل للأردن من قبل النظام السوري وتنظيم الدولة".
واتهم المحلل العسكري السوري، العميد الركن أحمد رحال (منشق) النظام السوري بالوقوف وراء التفجيرات وإثارة الفوضى في المخيم.
وقال لـ"عربي21" إن "الدور الأردني في الجنوب السوري يقلق النظام، وخصوصا مع اقتراب حل سياسي، ولا يملك النظام هو وإيران وحزب الله، ومن خلفهم روسيا، إلا الخيار العسكري"، لافتا إلى أن "أي مكان يحقق منفعة لنظام الأسد؛ تجد أن داعش (تنظيم الدولة) تتحرك فيه لإثارة القلق".
وربط المحلل بين ارتفاع وتيرة التفجيرات في المخيم، وبين تمرين
الأسد المتأهب الذي يجري في الأردن، مؤكدا أن "عمليات الإرهاب التي يمارسها داعش في
مخيم الركبان؛ تأتي بسبب خوف النظام من مناورات الأسد المتأهب، وخشيته من قيام القوات المشاركة في المناورات بعمل عسكري في الجنوب لاستئصال داعش".
إقرأ ايضا: ما الذي يخيف الأسد.. من مناورات "الأسد المتأهب"؟
وفي محاولة منها لضبط الحدود المتاخمة للركبان؛ دربت المملكة الأردنية جيش أحرار العشائر، وأنفقت عليه من ميزانيتها الخاصة، بينما أكد قادة فصائل معارضة أن "جيش العشائر حل مكان الهجانة السوريين من البدو الذين كانوا يراقبون الحدود في عهد النظام السوري".
وأيد مدير الهيئة السورية للإعلام، إبراهيم الجيباوي، الأصوات التي تتهم النظام السوري بمحاولة إشاعة الفوضى على الحدود الأردنية؛ داخل مخيم الركبان.
وقال لـ"
عربي21" إن "نظام الأسد من مصلحته إثارة الفوضى على الحدود الأردنية؛ كرسالة منه للمملكة بعد تداول وسائل الإعلام تصريحات لمسؤولين أردنيين أكدوا فيها أن الأردن سيدافع عن حدوده في العمق السوري إذا تطلب الأمر".
أما في ما يخص تنظيم الدولة؛ فرأى الجيباوي أنه "يحاول أيضا عمل خلخلة بمنطقة الركبان، وخصوصا في مخيم اللاجئين، بعد أن تم تضييق الحصار على التنظيم من قبل فصائل الجيش الحر بالبادية السورية، ما دفعه إلى محاولة إيقاف تقدم تلك الفصائل، وإشغالها من خلال استهداف المدنيين بمخيم الركبان".
مفخخات من كل الأنحاء
من جانبه؛ أكد المقدم مهند طلاع قائد جيش مغاوير الثورة (مدعوم من البنتاغون) في البادية السورية، أن "أغلب الهجمات التي نفذها داعش في المخيم استهدفت الجيش الحر، ولكنها مؤخرا استهدفت جيش العشائر".
وقال لـ"
عربي21": "لا يوجد لدي تفسير لما يحدث في مخيم الركبان، لكن كل يوم هناك مفخخة، والمخيم مفتوح، حيث لا يوجد ساتر ترابي، ولا بوابة، ومن أي جهة تأتي منها السيارة المفخخة فإنها تنفجر وتقتل الناس".
وفيات بين الأطفال
إنسانيا؛ وثق مجلس عشائر تدمر والبادية السورية، لعشرات حالات الوفاة بين الأطفال في مخيم الركبان؛ بسبب غياب العناية الصحية.
وقال الناطق باسم المجلس عمر البنية لــ"
عربي21" إن "عدد الوفيات بين الأطفال بلغ 28 وفاة منذ مطلع العالم الحالي، بسبب غياب الخدمات الطبية، وتحكم جيش أحرار العشائر بتوزيع المساعدات وفق أسس غير عادلة".
اقرأ ايضا: الموت البطيء يواجه الأطفال السوريين بمخيم الركبان
خاصرة رخوة
من جهته؛ رأى اللواء الأردني المتقاعد، محمد فلاح العبادي، أن مخيم الركبان خاصرة رخوة تشكل تهديدا للأردن.
وقال لـ"
عربي21" إن "ما يحدث من عمليات تفجير داخل مخيم الركبان؛ ما هو إلا محاولة للضغط على الأردن"، مؤكدا أن "هذا المخيم بالذات يختلف عن باقي مخيمات السوريين؛ بأن أكثر الموجودين فيه ليسوا لاجئين، وإنما أفراد في فصائل معارضة".
وأضاف: "مهما يكن حجم التحديات الإنسانية في هذا المخيم، فإن علينا نحن الأردنيين أن لا نكون عاطفيين؛ لأن العاطفة قد تؤثر سلبا علينا، وخاصة أن أجهزتنا الأمنية والسياسيين يعلمون بأن هنالك عددا كبيرا من اللاجئين الموجودين في هذا المخيم؛ هم أعضاء في تنظيمات إرهابية".
وكان تنظيم الدولة قد وجّه تهديدا عنيفا للمملكة الأردنية في نيسان/ أبريل الماضي، داعيا أنصاره إلى التحرك من أجل تنفيذ عمليات على غرار هجوم الكرك الذي نفذه التنظيم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأقدم عناصر من التنظيم في تسجيل مصور حمل اسم "فأبشروا بما يسوؤكم" على نحر أربعة سوريين قالوا إنهم من "الصحوات الذين تدربوا في الأردن لقتال الدولة الإسلامية".