أثار إعلان الرئيس
التونسي الباجي قائد
السبسي حول قرار "تولي الجيش حماية مناطق إنتاج الطاقة في البلاد"، جدلا في الأوساط السياسية التونسية ما بين مؤيد لهذا القرار ورافض له.
حركة النّهضة (69 مقعدا بالبرلمان من مجموع 217) ونداء تونس (62 مقعدا)، أكبر حزبين في تونس كانت لهما آراء متماهية، فقد اعتبرا أن القرار صائب ويهدف إلى حماية إنتاج الثروات الطبيعية التي تعطل جراء
الاحتجاجات المتكررة.
ولكن هذا القرار لم يستهو أحزابا معارضة أخرى، سارعت برفضه واعتباره تعدّيا على ديمقراطية الدّولة ومبادئ الحرية والتظاهر التي كرستها الثورة.
واعتبر حسن العماري، النائب عن حركة نداء تونس، أن "القرار الذّي اتخذه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اليوم بتكفل الجيش بحماية مناطق إنتاج الثروات الطبيعيّة قرار صائب، وأنه لم يتّخذ بشكل متسرع".
وتابع في تصريحه للأناضول أنّه "كان بإمكان السّبسي بمجرد ترؤسه للبلاد في 2014 اتخاذ هذا القرار، ولكن الوضع في البلاد اليوم يفرض ذلك".
واعتبر في سياق متّصل أنّ "القرار صعب وليس هيّن".
وأشار إلى ضرورة أن "تكون لدى الجميع درجة من الوعي وتغليب مصلحة البلاد".
الأمر نفسه بالنسّبة إلى الناطق الرسمي باسم حركة النّهضة عماد الخميري، الذّي عبر عن "دعم حركتهم وتقديرها لما ورد في خطاب رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السّبسي".
كما أكد في تصريحه للأناضول "مسألة احترام الدولة للحق في التّظاهر والاحتجاج السلمي، ولكن لا بد من احترام حق العمل وضمان ديمومة الإنتاج وحق التونسيين في التنقل، وهي معادلة صعبة اليوم في تونس".
وقال إنّ "قرار دعوة المؤسسة العسكرية لحماية الثروات الطبيعية يدخل ضمن صلاحيات الرئيس دستوريا،" معتبرا أنّه "لا خوف من حماية الجيش للثروات؛ فهو كان الحامي للبلاد بعد الثورة ولمنشآتها ومؤسساتها واقتصادها".
وأكّد أن " في هذا القرار التزام من قبل الدولة بحماية كل المكاسب وتنبيه لمخاطر تعطيل الإنتاج وتداعياته على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذّي يحتاج إلى إنتاج للثروة".
وشدّد على أن "حماية الجيش لتلك المنشآت لن يمس من حق التونسيين في التظاهر والاحتجاج السّلمي، وهي وسيلة إجرائية كي تبقى مؤسسات الإنتاج قائمة، حتى نضمن ديمومة الإنتاج وتعافي الاقتصاد الوطني في ظل مؤشرات اقتصادية إيجابية للثلاثية الأولى للسنة الحاليّة".
اقرأ أيضا: سياسي تونسي للسبسي: الاستنجاد بالجيش إعلان عن عجز السياسة
من جانبه وصف الرئيس التونسي السابق ورئيس حزب حراك تونس الإرادة المعارض (4 مقاعد بالبرلمان) المنصف المرزوقي، "إقحام الجيش في نزاعات ذات صبغة سياسية نقابية خط أحمر" في أول رد رسمي على قرار الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي "تكليف الجيش بحماية مناطق إنتاج الثروات الوطنية".
ردّ المرزوقي كان في تدوينة نشرها أول أمس الأربعاء على صفحته الرّسمية على موقع "فيسبوك".
واعتبر المرزوقي أنّ "وجود المؤسسات الديمقراطية لا يعني منع الناس من مواصلة التعبير عن آرائها، والدفاع عن حقوقها خارج هذه الأطر وبتوازٍ معها، ومن ثمة جعل الدستور .....".
وفي تصريح للأناضول قال أيمن العلوي النائب عن ائتلاف الجبهة الشّعبيّة (ائتلاف حزبي يساري/15 مقعدا بالبرلمان) إنّ " خطاب السبسي يعدّ انتقالا للسلطات بصفة رسمية من القصبة (مقر الحكومة) إلى قرطاج (مقر قصر الرّئاسة)، ليحكم قبضته على البلاد. وبالنّسبة إلينا، فإنه سيكون مسؤولا من اليوم على أي أزمة تهدد البِلاد".
وتابع أنه "يجيب على أزمة حكومته بالعودة إلى الاحتجاجات التي تعرفها البلاد، بأن يحمل ذلك لمؤسسة الجيش الوطني ويعيدنا إلى المربع الأول من خلال حراسة المؤسسات من قبل الجيش، في حين أنه من الضروري حمايتها من الفساد وحوكمتها حتّى تؤدي دورها في التنمية وتستجيب لتطلعات الناس".
وتابع: "الرئيس أثبت أنه ذاق ذرعا من الاحتجاجات الاجتماعيّة، ما جعله يقدم خطابا هجوميا وتهديديا حتى يقول بأن هذا المسار لا يعجبه".
وينص الفصل 80 من الدّستور التونسي على أنّه "للرئيس وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة في حالة خطر داهم، مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب".
وسجلت البلاد خسائر في السنوات الماضية، جراء الاحتجاجات المندلعة في قطاع الفوسفات الذّي يُعدّ من أبرز الموارد الطبيعية في البلاد، وتعطيل إنتاجه، ما كلّف الدولة خسائر بنحو 5 مليار دينار (نحو 2.5 مليار دولار)".
وفي 2010، قدّر الإنتاج السنوي لتونس من الفوسفات بنحو 88 ملايين طن، ما منحها المركز الخامس عالميا.
ومنذ أكثر من شهر، تشهد محافظة تطاوين (جنوب)، احتجاجات تطالب بالتوظيف داخل حقول النفط ورصد 20% من عائدات الطاقة، لصالح تطاوين، إضافة إلى تشغيل فرد من كل عائلة وبعث (افتتاح) فروع للشركات الأجنبية داخل المحافظة.
ويخوض مئات الشباب اعتصاما على مقربة من حقول في منطقة الكامور، التي تبعد حوالي 100 كلم عن مركز محافظة تطاوين.
اقرأ أيضا: بعد احتجاجات.. السبسي ينشر جيش تونس لحماية الموارد (شاهد)