اهتمت المحافل الإسرائيلية المختلفة، بالضغوط الكبيرة التي يمارسها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، قبيل زيارته لواشنطن، "ليثبت للإدارة الأمريكية الجديدة أنه يحكم سيطرته على المناطق الفلسطينية".
تشديد الضغط
وأكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها اليوم أعده الصحفي جاكي خوري، أن السلطة الفلسطينية "تعتزم خلال الأيام القريبة القادمة الإعلان عن سلسلة عقوبات تستهدف تشديد الضغط على حماس واستعادة جزء من صلاحياتها في قطاع غزة".
وبحسب مصادر في محيط رئيس السلطة، لفت خوري، إلى نية السلطة تقليص موازنة وزارة الصحة بغزة "بشكل ذي مغزى؛ بحيث سيتم دفع رواتب العاملين فيها والامتناع عن تمويل النفقات الإدارية الجارية".
ونوه مستشار كبير لعباس في حديثة مع "هآرتس"، أن السلطة "فكرت بتقليص ميزانية وزارة التعليم بغزة، ولكنهم تخلوا عن الفكرة لأن السنة التعليمية تقترب من نهايتها، وقال: "على حماس أن تقرر؛ إذا كانت ستدير القطاع بشكل كلي بما في ذلك النفقات الجارية، أم أنها ستدع الحكومة الفلسطينية تحكم القطاع".
ولفت خوري، إلى أن الإجراءات سبقها خصم 30 بالمئة من رواتب نحو 60 ألف موظف في غزة يتقاضون رواتبهم من السلطة، إضافة لقرار الحكومة الفلسطينية عدم تخفيض الضرائب المفروضة على شراء السولار لتشغيل محطة توليد الطاقة في غزة؛ وهي الخطوة التي فاقمت أزمة الكهرباء في القطاع.
وذكر الصحفي، أن السلطة "تخطط لفرض عقوبات أخرى على غزة، مثل تجميد مشاريع في مجال البنية التحتية، وتقليص المخصصات للمعتقلين الفلسطينيين وعائلاتهم، كما أن عباس يعمل على تجميد أموال حماس في البنوك الفلسطينية".
وأشار إلى أن عباس سيتوجه للدول العربية بطلب دعم الخطوات التي يقوم بها، وسيطالبها بعدم إجراء أي اتصال مباشر مع حماس، منوها إلى أن مسؤولين في السلطة "يشككون بنجاعة هذه الخطوات، في ضوء العلاقات الوثيقة لحماس مع دول مثل قطر وتركيا".
وقبيل سفر عباس لواشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثالث من الشهر المقبل، تعاظم خطاب السلطة حول تشديد العقوبات في محاولة لممارسة الضغط على حماس التي لا تبدي خوفها من آثار الخطوات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية.
من جانبه، رأى المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئيل، أن "الصراع والتوتر المتصاعد بين عباس وحماس له تأثير مباشر على سكان القطاع، ويثير اهتمام إسرائيل"، مؤكدا أن صعوبة الحياة في قطاع غزة من شأنها أن "تؤثر بشكل سلبي على الوضع الأمني الإسرائيلي".
وأشار هرئيل، إلى خطاب عباس في البحرين قبل نحو أسبوعين ونصف، حيث تعهد بالقيام بـ"إجراءات غير مسبوقة" تجاه غزة، في حين شدد على أنه غير مستعد لتحويل الأموال إلى القطاع دون موافقة حماس على منحنه صلاحيات كاملة في إدارة القطاع وتمكين الحكومة الفلسطيني من ذلك"، منوها إلى تصريحات "مسؤولين في السلطة هددوا بأن يجعلوا غزة تغرق في الظلام".
ولفت المحلل العسكري، إلى أن هناك "تأثيرا فوريا على أزمة الوقود وتزويد الكهرباء، ففي مدن وأحياء القطاع تقلص عدد وصول الكهرباء من 6 – 4 ساعات يوميا، في حين تجد حماس مشكلة في علاج هذه المشكلة، لأنها تعاني من ضائقة مالية؛ حيث نجحت هذا العام في تجنيد 190 مليون دولار كمساعدة خارجية، وهذا يشير إلى انخفاض بنحو الثلث مقارنة مع السنة الماضية.
وفي ظل إدراك الإدارة الأمريكية الحالية، لمزاعم الحكومة الإسرائيلية بأنه لا يمكن التقدم في العملية السياسية مع عباس لأنه لا يمثل جميع الفلسطينيين ولا يسيطر على غزة، أكد المحلل الإسرائيلي، المعلومات الواردة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي توضح أن "عباس حاول أن يفرض على حماس خطوة تؤكد، ولو بشكل رمزي، بأن هناك وحدة فلسطينية".
وفي ظل ما يجري، رجح هرئيل، أن يصل عباس إلى واشنطن "دون أي إنجاز رمزي يقدمه لترامب كإثبات على قوة مكانته".
وعن كثب تتابع "إسرائيل هذا الصراع وتحاول عدم التدخل به حاليا"، بحسب المحلل الإسرائيلي، الذي أكد أن الأوضاع في غزة تتدرج نحو حالة عدم الاستقرار، في ظل تولي قيادة حماس بالقطاع يحيى السنوار، وهو أحد قادة الذراع العسكري، مع بدء الأعمال الإسرائيلية لإقامة عائق أرضي ضد الأنفاق؛ وهذا الوضع يثير غضب حماس.