تسبَّب قيام التليفزيون
المصري، بنقل شعائر صلاة الجمعة، من مسجد جمعون بمنطقة شلاتين، المتنازع عليها مع
السودان، بحضور محافظ البحر الأحمر، اللواء أركان حرب أحمد عبد الله، ومسؤولي الحكومة المصرية، في اندلاع غضب سوداني جديد من نظام حكم رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي.
ويأتي هذا الغضب في وقت علقت فيه السودان على رد الخارجية المصرية على استفسارها لمصر بشأن تصريحات مندوبها في مجلس الأمن الدولي، في أثناء تداول لجنة العقوبات حول خطة عمل فريق الخبراء بدارفور، بالقول إنها إثارة لموضوعات قديمة تم تجاوزها.
وقال إمام وخطيب مسجد صلاح الدين بالقاهرة، الشيخ يسري عزام، تعليقا على خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد جمعون بمنطقة شلاتين، وبثها التليفزيون المصري، إن البث يهدف إلى نقل اهتمام الدولة (مصر) بأهالي شلاتين، ورسالة واضحة بأن
حلايب وشلاتين جزء من مصر، وذلك وفق صحيفة "الوطن"، السبت.
لكن صحيفة "القدس العربي" نقلت على لسان النائب البرلماني السوداني، عن دائرة حلايب، أحمد عيسى، قوله إن "التنمية الضخمة للمصريين في مثلث حلايب، والتصعيد الإعلامي، ومن ضمنه نقل صلاة الجمعة على الهواء مباشرة، لن يغير من سودانية الأرض، ولا انتماء المواطنين، وعاداتهم وثقافتهم السودانية".
اقرأ أيضا: شخصيات مصرية تحذر من الفتنة بين الشعبين المصري والسوداني
وأشار عيسى إلى أن اتخاذ السودان لبعض الإجراءات مثل فرض تأشيرة دخول لفئات عمرية محددة من المصريين، وإيقاف الفواكه المصرية، ثم التقارب الشديد بين الخرطوم وعواصم دول الخليج، كل ذلك أدى لتلويح مصر بكرة حلايب، بحسب قوله.
وأضاف أنهم في البرلمان "يتفقون مع الحكومة في معالجة القضية عبر الخيار السياسي والدبلوماسي، وعدم التصعيد المضر بالعلاقات بين الشعبين"، مؤكدا أنهم "مطمئنون تماما لموقفهم بوجود الوثائق والمستندات والواقع على الأرض الذي يؤكد سودانية المثلث"، على حد تعبيره.
ومن جهته، قال القيادي في شرق السودان، عيسى محمد عيسى، إن "ما حدث أمس لن يغير شيئا في هوية ومزاج المواطنين الموجودين في حلايب وشلاتين"، حسبما ذكرت "القدس العربي".
تبريد سوداني لأزمة العقوبات
ويُذكر أن الخارجية السودانية، استفسرت نظيرتها المصرية، في وقت سابق، بشأن موقف مندوبها بمجلس الأمن الداعي لإبقاء العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار "1591"، لكن الأخيرة ردَّت بأن المندوب لم يصوت في جلسة العقوبات الخاصة بدارفور لصالح الإبقاء على العقوبات.
ومعلقا على رد الخارجية المصرية، صرح وكيل وزارة الخارجية السودانية عبد الغني النعيم، وفق صحيفة "سودان تربيون"، الجمعة، بأنه لم يكن هناك تصويت في الجلسة مثار الجدل، التي انعقدت في الأسبوع الماضي، وإنما مشاورات حول خطة عمل قدمها فريق الخبراء لدارفور.
وأضاف أن معلومات وردت إلى الخارجية (السودانية) مفادها أن "السكرتير الثاني للبعثة المصرية أثار موضوعات قديمة تم تجاوزها منذ فبراير الماضي تتعلق بتجديد مهمة الخبراء بإقليم دارفور في أثناء تداول لجنة مجلس الأمن المعنية بالسودان".
وبشأن الرد المصري على استفسار السودان، قال النعيم: "ما يهمنا الآن أن يستمر الموقف المصري في مساندة قضايا السودان العادلة على النحو الذي خبرناه في السابق.. هذا هو الفيصل في الأمور، ما مضى قد مضى، وانتهى.. ننظر في ما هو قادم".
بيان مصري.. ودعوات للتصعيد
وأصدرت الخارجية المصرية بيانا، الجمعة، قالت فيه إن مصر تتبنى المواقف الداعمة لمصلحة الشعب السودانى، سواء خلال مداولات مجلس الأمن أو لجان العقوبات التابعة له.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد أبو زيد، إن اجتماعات لجان العقوبات تقتصر على أعضاء مجلس الأمن فقط، وإنه كان من الأحرى أن يستقي الأشقاء السودانيون معلوماتهم بشأن المواقف المصرية من بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة بشكل مباشر، خاصة أن التنسيق بين البعثتين المصرية والسودانية قائم ومستمر بشكل دوري.
وأكد أبو زيد أن لجنة العقوبات الخاصة بالأوضاع في دارفور لم تناقش في اجتماعاتها الأخيرة مسألة تمديد العقوبات على السودان، موضحا أن مجلس الأمن أصدر بالفعل القرار 2340 في 8 شباط/ فبراير الماضي بتمديد تلك العقوبات لمدة عام قادم.
وأضاف أن "مصر كانت من أكثر الدول التي قامت بدور فعال في اعتماد قرار متوازن يحافظ على المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق"، بحسب وصفه.
وبرغم هذا الرد الدبلوماسي المصري، دعت أصوات مصرية إلى التصعيد مع السودان.
وحسبما نقلت صحيفة "المصري اليوم"، السبت: "علق السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، على "التصعيد السوداني" بقوله إنه جاء بعد تطور علاقات الخرطوم مع قطر، ويجب على مصر أن تكون لها وقفة حاسمة تجاه هذه التصريحات"، ناصحا وزير الخارجية سامح شكري، بعدم الذهاب إلى السودان، لأن الأخيرة تخطت كل الحدود تجاه القاهرة، وفق قوله.
اقرأ أيضا: السودان يصعّد بملف حلايب.. شكل لجنة لـ"إخراج" المصريين منها
ومن جانبه، قال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، إن التصريحات السودانية الأخيرة استمرار لحملة التصعيد ضد مصر، التي انخرط فيها أخيرا الرئيس السوداني بنفسه، عند افتتاحه أحد المصانع الغذائية بالمنطقة الشمالية، إذ تناول، بطريقة غير مباشرة، ما يتم ترويجه في مواقع التواصل الاجتماعي من أن بعض السلع الغذائية المصدرة إلى السودان فاسدة.
واعتبر رسلان أن توظيف قضية حلايب ليس إلا توظيفا سياسيا لتصعيد العداء مع مصر، وتصويرها باعتبارها خصما، بحسب تعبيره.
وفي السياق نفسه، قال الخبير العسكري المصري اللواء ناجى شهود، إن المسؤولين السودانيين اعتادوا أن يوجهوا الشعب السوداني إلى المشكلات الخارجيةلإلهائهم عن المشكلات الداخلية عندما يحدث قلق داخل السودان.
وانتقد "شهود" التصريحات المنسوبة لوزير الدفاع السوداني بأن مصر تمارس استفزازا للجيش السوداني على الحدود، مضيفا أن موضوع حلايب وشلاتين انتهى منذ عام 1991، ولذلك تحاول السودان إثارة المشكلات، على حد قوله.