أعلنت داخلية الانقلاب في
مصر افتتاح متاجر ضخمة "هايبر ماركت" لبيع السلع والمنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، بدعوى مواجهة ارتفاع الأسعار وجشع التجار.
وقال العميد خالد فوزي مدير إدارة التفتيش بمباحث التموين، في تصريحات تلفزيونية الاثنين الماضي، إن الوزارة ستفتتح قريبا "هايبر ماركت" في الأماكن المزدحمة لتنافس التجار المحتكرين للسلع الاستراتيجية، داعيا المصريين إلى شراء احتياجتهم من المنافذ الموثوق فيها، في إشارة إلى المنافذ التابعة للوزارة.
ولم تفصح الوزارة عن موعد محدد لافتتاح "هايبر
الداخلية" أو حجم الأموال المستثمرة في هذا المشروع أو كيفية توزيع أرباحه.
وتأتي هذه المشروعات الاقتصادية التي تنفذها داخلية الانقلاب لتنافس مشروعات مشابهة تملكها القوات المسلحة، وسط اتهامات للمؤسستين بإهمال مهامهما الأساسية وهي تأمين البلاد والانشغال بأنشطة ليست من اختصاصهما سعيا وراء الأرباح المالية.
تضارب في المصالح
وأعلنت الوزارة في بيان لها أن وزير الداخلية مجدي عبد الغفار وجه بمشاركة الداخلية في محاربة الغلاء والاحتكار وضبط الأسعار والحفاظ على استقرار كافة السلع والمواد التموينية وضبط حركة الأسواق لتخفيف ورفع العبء والمعاناة عن المواطنين.
لكن مراقبين يقولون إن تضاربا واضحا للمصالح، يحدث بسبب ممارسة الداخلية لهذا النشاط الاقتصادي، فهي من ناحية تعمل بالسوق باعتبارها أحد المتنافسين، بينما تقوم من ناحية أخرى بمراقبة التجار عبر مباحث التموين.
وفي هذا السياق أكد اللواء ياسر صابر مدير الإدارة العامة لشرطة التموين، في تصريحات صحفية يوم الثلاثاء، على تكثيف الرقابة على الأسواق خلال الفترة المقبلة لضبط الأسعار والتصدي لمحتكري السلع الغذائية، وفي ذات الوقت، أوضح أن شرطة التموين تقوم بعرض السلع المضبوطة على المواطنين بأسعار مخفضة خاصة في القرى الفقيرة بمحافظات الصعيد والمناطق الشعبية لسد احتياجاتهم.
وكانت داخلية الانقلاب قد توسعت خلال الشهور الماضية في افتتاح منافذ أمان التابعة للوزارة، وافتتحت عددا كبيرا من المنافذ بمحافظات أسيوط وقنا والأقصر والإسكندرية لبيع المنتجات الغذائية للمواطنين، حيث أوضح العميد خالد فوزي أن الداخلية بدأت بـ50 منفذا وأن عددها وصل الآن قرابة 600 منفذا.
كما بدأت الداخلية الأسبوع الماضي في إقامة "شوادر" صغيرة لبيع الخضروات والفاكهة بأسعار مخفضة بجوار منافذ أمان التي تبيع السلع الغذائية الجافة والمعلبة والمجمدة، مؤكدة أن تلك المنافذ تهدف إلى ضمان وصول السلع الغذائية إلى المواطنين بأسعار مخفضة.
دور اجتماعي
من جانبه رأى أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة مصطفى عطوة أن المؤسسات الكبيرة غير الاقتصادية قد تقوم في بعض الأحيان بدور اجتماعي لتضيفه إلى وظيفتها الأساسية، من خلال المساهمة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وأن هذا هو ما تقوم به وزارة الداخلية التي هي مؤسسة أمنية في المقام الأول.
وأوضح عطوة، في تصريحات لـ"
عربي21" أن الداخلية تسعى للعب دور في خفض أسعار السلع الغذائية من خلال مشروعاتها التجارية ومنافذ بيع المنتجات للمواطنين بأسعار أقل من مثيلاتها في الأسواق.
وأشار إلى أن الموضوع ليس له علاقة بالجوانب السياسية بل هو أمر اقتصادي بحت، فالداخلية لديها فائض في الأموال وتريد أن تستثمرها في مشروعات تفيد الشعب وتخفف من الأعباء عليه في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة والارتفاع الشديد في الأسعار، على حد قوله.
وأضاف أنه من الممكن أن يكون هذه المشروعات نتيجة توجيه من السلطة السياسية لوزارة الداخلية بذلك، حتى تساند وزارة التموين في مهمتها الثقيلة، مستبعدا أن يوثر هذا النشاط الاقتصادي للوزارة على المنظومة الأمنية أو الأعمال الشرطية المكلف بها الداخلية.
أمر مرفوض
لكن أستاذ العلوم السياسية يوسف محمود قال إن توسع الشرطة في الأنشطة الاقتصادية أمر مرفوض، على الرغم من أن حجم هذه الأنشطة قليل جدا وليس بجحم مشروعات الخدمة الوطنية التابعة للقوات المسلحة، وحتى لو كانت هذه الأنشطة مفيدة إلا أنها تشغل الشرطة عن دورها الأساسي وهو توفير الأمن والأمان للمواطن.
وأضاف محمود، لـ "
عربي21"، أن منافسة الداخلية في المشروعات الاقتصادية يقتل الاستثمار في هذه المجالات لأن القوانين العقيمة الموجودة حاليا تجعل فرص المنافسين أقل بكثير من المؤسسات الأمنية، فضلا عن أن الشرطة ليس لديها خبرة في إدارة المجمعات الاستهلاكية أو مشروعات بيع المنتجات للمواطنين، والأفضل هو ترك هذا النشاط للشركات المتخصصة في ذلك.
واختتم تصريحاته بالقول إنه لا توجد منافسة سياسية بين الشرطة والقوات المسلحة في مجال المشروعات الاقتصادية لأن حجم المشروعات التي تتولاها الشرطة أقل بكثير من مشروعات
الجيش، مشيرا إلى أن الأمر اقتصادي بحت لأن الشرطة رأت أنها ستربح كثيرا من هذه المشروعات فقامت بتنفيذها طمعا في تحقيق عوائد مالية كبيرة.