نظمت لجنة العدالة والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، الاثنين، اجتماعا جانبيا في مقر مجلس
حقوق الإنسان بجنيف، بالتزامن مع أعمال الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس؛ لمناقشة
الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومة
المصرية بحق المدنيين الذين تم محاكمتهم عسكريا منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن.
وقالت المنظمة العربية للإصلاح الجنائي ولجنة العدالة إن "إحالة المدنيين إلى
المحاكمات العسكرية في مصر أصبحت وسيلة ممنهجة يتبعها النظام السياسي المسيطر منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى وقتنا الحالي لمواجهة المعارضة السياسية والاجتماعية، على الرغم من مخالفتها لأبسط معايير العدالة الجنائية طبقا للمواثيق والمعاهدات الدولية الملزمة لمصر".
وأكدت المنظمتان -في بيان لهما الاثنين- أن "المحاكمات العسكرية للمدنيين في مصر تمت شرعنتها وتحويلها إلى جزء أصيل من منظومة العدالة المصرية بدلا من كونها استثناء، حيث تم حرمان أكثر من عشرة آلاف شخص من الحرية منذ 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، بسبب أحكام السجن الصادرة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية المختلفة على مستوى الجمهورية، بالرغم من كونهم مدنيين".
وقامت لجنة العدالة بإعداد تقرير يبحث المحاكمات العسكرية للمدنيين في مصر، يشير إلى أنه من خلال دراسة 50 قضية عسكرية، تم الانتهاء من كل سبل التقاضي بحق 492 مدنيا أحيلوا إلى القضاء العسكري، وصدرت ضدهم أحكام نهائية، ووقع ذلك نتيجة ممارسة عدد من الانتهاكات القانونية والتشريعية، وإهدار لحقهم في المحاكمة العادلة من قبل المحاكم العسكرية في مصر الخاضعة لإشراف وزارة الدفاع، والتي يقوم عليها ضباط لا يشترط أن تكون لديهم خلفية قانونية في ظل غياب المراقبة الإعلامية والحقوقية.
وأوضحت اللجنة أن تلك المحاكمات التي تمت في القضايا الخمسين المشمولة في الدراسة تفتقر إلى أقل القليل من معايير المحاكمة العادلة، والتي تنسفها المحاكم العسكرية من أساسها، وتبعدها تماما عن أطر العدالة إلى أطر القمع والانتهاك، لافتة إلى انتفاء أي من معايير الاستقلال لدى القضاء العسكري الذي وصفته بالمسيس.
وأكدت لجنة العدالة أنه من خلال دراستها لملفات الخمسين قضية فإن الخطوات التشريعية والقانونية التي أقدمت السلطات المصرية على إقرارها لإضفاء الشرعية على المحاكمات العسكرية بحق المدنيين في مصر قد تم تحصينها من أي محاولة للطعن عليها من قبل محاميي الضحايا أمام القضاء العسكري؛ إذ تم رفض مئات الطلبات للقيام بإحالة القوانين المنظمة للمحاكمات العسكرية إلى المحكمة الدستورية العليا لتبيان حقيقة انتهاكها للمعايير القانونية والدستورية، وكذلك عدم اتساقها مع المعايير الدولية القانونية الخاصة بالمحاكمات العادلة.
وقالت المنظمة العربية للإصلاح الجنائي ولجنة العدالة إن ما يحدث داخل المحاكم العسكرية في مصر من انتهاك واضح لأبسط معايير المحاكمات العادلة، والاعتماد على قوانين غير دستورية لحرمان آلاف الأشخاص من حرياتهم، والحكم على بعضهم بالإعدام، نابع عن عشوائية إصدار القوانين واللوائح المنظمة لتلك المحاكمات وغياب الضمانات القانونية.
وأكدت المنظمتان أنه يجب فورا تطبيق عدد من الخطوات الهامة؛ حتى يتم العمل على إيقاف تزايد الانتهاكات والجرائم المرتكبة أو التي يتم ارتكابها بسبب إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري.
وطالب البيان بضرورة التوقف الفوري من جانب النيابة العامة عن استخدام الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم 14 لسنة 2014، وبالمثل قيام النيابة العسكرية بإحالة كل القضايا التي تقوم بالتحقيق فيها إلى النيابة العامة لعدم الاختصاص.
كما طالب البرلمان بإعادة النظر في القانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن "تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، وإعادة طرحه للنقاش مرة أخرى؛ لما فيه من عوار قانوني ودستوري واضح، وبما تسبب فيه من جرائم وانتهاكات بحق المواطنين وبحق العدالة في مصر".
ودعا لتعديل قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وتعديلاته؛ لتقتصر المحاكم العسكرية على محاكمة العسكريين المتهمين بارتكاب جرائم عسكرية فقط، والجرائم الواقعة داخل الوحدات والثكنات العسكرية، وكذلك إلغاء المواد 5،7،8 مكرر أ والمادة 48 من القانون، والتي تعطي للقضاء العسكري وحده تحديد اختصاصه.
وطالب كذلك بالإفراج الفوري عن المدنيين الصادرة بحقهم أحكام من المحاكم العسكرية، وإصدار قرار من رئيس الجمهورية بإلغاء الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وفقا لقواعد التصديق على الأحكام الواردة في قانون القضاء العسكري المادة 98 وحتى 116، خاصة البند الرابع من المادة 99، على أن يتضمن قرار إلغاء الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية بحق المدنيين الفترة من شباط/ فبراير 2011 وحتى الآن.
وشدّد البيان على أهمية تعديل المادة 204 من الدستور، لتمنع بشكل قاطع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، مطالبا بإحالة كافة القضايا المحكوم فيها عسكريا والقضايا، التي لا تزال تُنظر أمام القضاء العسكري، إلى النيابة العامة أو القضاء الطبيعي، وإعادة إجراءات المحاكمة فيها وفق قانون العقوبات المصري؛ حتى يتمكن المتهمون من الحصول على حقهم في كفالة الدفاع القانوني المناسب لاتهاماتهم.