أكد خبراء ومتخصصون، أن دول مجلس التعاون الخليجي، بحاجة ماسة الآن، إلى البدء في إنشاء جهاز ضريبي، يكون أحد روافد التمويل لاقتصاديات تلك الدول.
وقالوا في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" إن تأخر
دول الخليج في إنشاء جهاز ضريبي في وقت الرخاء، سيزيد من الآثار السلبية الناتجة عن إنشائه وقت الشدة والاضطرار إليه، لافتين إلى أن النظام الضريبي معمول به في كافة دول العالم، وأنه لا عيب فيه طالما يحقق العدالة الضريبية.
وأوصت، مديرة
صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، خلال مشاركتها في المنتدى الثاني للمالية العامة في الدول العربية والقمة العالمية للحكومات، بدبي، الحكومات الخليجية باستحداث نظام ضريبي فعال وشامل يتضمن فرض
ضرائب غير مباشرة كضريبة القيمة المضافة، وضرائب مباشرة كضريبة الدخل.
وقالت إن هذه الضرائب ينبغي أن تكون في إطار برنامج إصلاح شامل لتنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات العامة، مشيرة إلى أن انخفاض
أسعار النفط أدى إلى خسارة دول المجلس أكثر من 340 مليار دولار أي نحو 20% من ناتجها المحلي الإجمالي العام الماضي.
وقال المحلل الاقتصادي، عمرو السيد، إن الضرائب تعد رافدا من روافد تنوع مصادر الدخل في غالبية اقتصاديات العالم، مشيرا إلى أن دول الخليج كانت تتمتع طوال السنوات الماضية بخلوها من النظام الضريبي، لكن تهاوي أسعار النفط جعلها تعيد النظر في ذلك.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "
عربي21" أن دول الخليج أدركت أنها بحاجة ماسة إلى تنويع مصادر الدخل لاقتصاداتها "الريعية"، واتفقت بالفعل على البدء بتطبيق ضريبة القيمة تدريجيا بنسب تتراوح بين 3 و5 % ابتداء من عام 2018، (وهي ضريبة غير مباشرة يتم فرضها على السلع والخدمات مطبقة حاليا في أكثر من 150 دولة حول العالم).
وفيما يتعلق بإمكانية وصول دول الخليج "الغنية" إلى مرحلة فرض ضرائب مباشرة على الدخل، عملا بوصية كريستين لاغارد، أكد المحلل الاقتصادي أن اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن لا يزال محصورا في الضرائب غير المباشرة كضريبة القيمة المضافة، مضيفا: "ولكن ممكن أن يحدث هذا في حالة تراجعت أسعار النفط إلى أقل من 40 دولارا للبرميل، واستمرت الأسعار لما دون الـ 40 دولارا لفترة طويلة".
والضرائب المباشرة، هي التي تفرض على شخص بعينه على دخله مباشرة أو ما يمتلكه، ويذهب لسدادها مباشرة مثل ضرائب الدخل.
وقال وكيل وزارة المالية الإماراتية، يونس الخوري، إنه لا توجد حاليا أي دراسة لفرض ضرائب مباشرة من جانب دول الخليج، ولكن الأمر متروك لكل دولة حسب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية في سن تشريعات بضرائب أخرى، كما استبعدت مصادر في وزارة المالية السعودية فرض ضرائب على الدخل الشخصي بالمملكة خلال الفترة المقبلة، وقالت في تصريحات صحفية إنه لا توجد أي نية لفرض ضريبة دخل على المواطنين أو المقيمين، على الأقل في السنوات الثلاث المقبلة.
وقال، كبير محللي التصنيفات السيادية لدى وكالة موديز، ستيفن ديك، في تصريحات صحفية: "كانت الضرائب تشكل الخيار الأخير لدول مجلس التعاون الخليجي لكننا الآن نرى أن هذا الخيار قد بدأ يأخذ مجراه… وأعتقد أن الخيار الآن هو فرض ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك لكن إذا بقيت أسعار النفط ضعيفة فلا مفر أمام هذه الدول سوى فرض ضرائب دخل على نطاق واسع".
وفي تقرير الأسبوع الماضي، ذكرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن خطة تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي قد تفرض مخاطر تشغيلية على الشركات وضغوطا على الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين، وكذلك على التدفقات النقدية في بعض القطاعات.
وتعليقا على الوقت الذي ستضطر فيه دول مجلس التعاون الخليجي إلى فرض ضرائب مباشرة على الدخل، قال مدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، مسعود أحمد: "لا أستطيع أن أحدد متى سيتم تطبيق ضرائب على الدخل في دول الخليج لأن لكل دولة خليجية أجندتها الخاصة بها، لكن تقلبات أسعار النفط ستدفع حكومات تلك الدول إلى فرض المزيد من الضرائب".