قال رئيس مجلس إدارة
صندوق النقد العربي، عبد الرحمن الحميدي، إن المنطقة تحتاج إلى رفع معدلات النمو إلى ما بين 5 و6 في المئة سنويا، لتتمكن من تحقيق خفض ملموس في معدلات البطالة، خصوصا لدى الشباب، التي ترتفع في الدول العربية إلى ضعفي المعدل العالمي، أي 30.6 في المئة مقابل نحو 13.1 في المئة.
وأشاد خلال الاجتماع الذي نظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بجهود الدول العربية لتطوير السياسات وتنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تعزيز استدامة الإيرادات العامة، بما يخدم الاستقرار الاقتصادي ودعم فرص النمو الشامل، مؤكدا في الوقت ذاته أهمية المضي قدما في تنفيذ مزيد من الإصلاحات في السياسات المالية، وتشجيع القطاع الخاص ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ودعا إلى بذل مزيد من الجهود للارتقاء بالمنظومة الضريبية، حيث تمثل الإيرادات الضريبية ما نسبته في المتوسط نحو 18 في المئة فقط من إجمالي الإيرادات العامة في الدول العربية.
وأشارت إحصاءات صندوق النقد العربي إلى أن الاقتصادات العربية حققت في المتوسط معدل نمو بلغ نحو 3.3 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، بينما تشير التقديرات إلى معدل نسبته 3 في المئة خلال العام الحالي.
وقال الحميدي وفقا لبيان تلقت "
عربي21" نسخة منه، إن وتيرة النمو الحالية لا تزال دون المستوى المرجو الذي يمكن دولنا العربية من تحقيق تقدم على صعيد خفض ملموس لمعدلات الفقر والبطالة، في الوقت الذي تواجه السياسات المالية تحديات كبيرة لضبط أوضاع المالية العامة، حيث يتجاوز حاليا عجز الموازنات العامة للدول العربية كمتوسط نسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولا شك في أن ذلك، يبرز أهمية السياسات المالية في المساهمة في استدامة الأوضاع المالية، بما يخدم أغراض تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم فرص النمو الشامل.
ولم ينكر الحميدي أن الدول العربية حرصت على اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة للتعامل مع هذه التطورات والتحديات.
فقد واصلت الدول العربية المصدرة للنفط استراتيجياتها في دعم نمو القطاعات غير
النفطية والتنويع الاقتصادي وإصلاح نظم الدعم، وإصلاح النظم الضريبية وتفعيل
الضرائب غير مباشرة لتعزيز إيراداتها العامة.
ومن جهة أخرى، ساهم الانخفاض في الأسعار العالمية للنفط للدول العربية المستوردة له في تخفيف حدة الاختلالات المالية، إلا أن فرص تعزيز آفاق النمو لدى هذه الدول يرتبط بقدرتها، في ضوء التطورات الداخلية، على مواصلة الإصلاحات الهيكلية لضبط أوضاع المالية العامة ولتحسين بيئة الأعمال بما يشجع على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وتابع: "أصبح تعزيز جهود التنويع الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لكل الدول العربية، بغض النظر عن اختلاف أوضاعها الاقتصادية والمالية، إذ لا تزال أغلب الاقتصادات العربية تعتمد بصورة رئيسة على عدد محدود من صادرات السلع الأولية".
وقال: "لم تكن أبدا فكرة التنويع الاقتصادي بالجديدة على دولنا العربية، حيث بذلت هذه الدول جهودا لتنويع اقتصاداتها منذ ستينيات القرن الماضي لتخفيف أخطار تقلب أسعار النفط والمواد الأولية وتعبئة إيراداتها من مصادر مختلفة، من خلال تحسين وتنمية البنية التحتية وتنفيذ مشاريع في قطاعات اقتصادية مختلفة، تبع ذلك في العقدين الماضيين إيلاء مزيد من الاهتمام لدعم دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية مع الاهتمام بتحسين مناخ الاستثمار والارتقاء بمستويات الخدمات العامة.
وأكد صانعو السياسات المالية في المنطقة أن الصناعات الاستخراجية لا تزال تشكل الجانب الأكبر من اقتصادات الدول العربية على مدار السنوات العديدة الماضية، حيث تمثل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية، مقارنة بأقل من 5 في المئة في الدول المتقدمة.
في المقابل، تستحوذ الأنشطة الخدمية على نحو 50 في المئة في الدول العربية، مقارنة بنحو ثلاثة أرباع إجمالي الناتج بالنسبة الى الدول المتقدمة، الأمر الذي يبرز الأهمية المتزايدة للاقتصاد الخدمي في الاقتصاد العالمي.
وفي مقابل ذلك، لا تتعدى مساهمة الصناعات الاستخراجية ما نسبته 5 في المئة فقط من إجمالي القوى العاملة بالدول العربية، في الوقت الذي يستأثر القطاع العام بفرص أكثر للتوظيف.
وشدد أقطاب السياسات المالية في المنطقة على أهمية دعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق مزيد من فرص العمل، حيث لا تتعدى حصة هذا القطاع 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، و50 في المئة بالنسبة الى التوظيف في الدول العربية، في مقابل 80 في المئة للمؤشرين على الصعيد العالمي.