بعد تعتيم كبير على الصعيد الرسمي
المصري، ظهرت المفاجأة خلال الأيام الماضية بعدما كشف أحد مسؤولي
صندوق النقد الدولي أن البيانات التي ذكرتها الحكومة المصرية في إطار مفاوضات حصولها على قرض الـ12 مليار دولار كانت غير دقيقة وأثبت الواقع أنها غير صحيحة.
ما ساقه صندوق النقد الدولي في إطار الإعلان عن مزيد من التفاصيل حول إجراءات موافقة الصندوق على منح القرض، خاصة ما سبق وصول أول شريحة من القرض لمصر وتحديدا معطيات تعويم الجنيه وتحرير سوق الصرف.
ولم تشر البيانات التي ذكرتها الحكومة المصرية للصندوق إلى التوقعات الصحيحة لتحركات سعر الصرف، حيث أشارت البيانات إلى أن الدولار لن يتجاوز الـ13 جنيها حال تعويم الجنيه، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وأصبح المصريون ضحية تعويم الجنيه والقرارات الخاطئة للحكومة المصرية.
لكن يبقى السؤال المهم: من المستفيدون ومن الخاسرون من
تضليل وكذب الحكومة المصرية على صندوق النقد الدولي؟
وثائق قرض صندوق النقد الدولي لمصر، تحدثت عن أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته حكومة شريف إسماعيل، يستهدف الحد من الزيادة السنوية في فاتورة دعم السلع التموينية، حيث تقترب من الصفر، لتصل لأدنى مستوى لها في موازنة العام المالي 2019- 2020 بنسبة 0.37% فقط، مقارنة بمعدلات اقتربت من17% خلال العام المالي الجاري.
وكانت الحكومة المصرية تستهدف من وراء موافقة صندوق النقد الدولي على القرض أن تنجح في بيع سندات دولارية في سوق السندات الدولي، لجمع ما بين 4 و6 مليارات دولار، وهو ما تم بالفعل، وذلك لإتمام موافقة الصندوق على الشريحة الثانية من قيمة القرض، والتي من المتوقع أن تتسلمها الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة.
والحكومة المصرية هي أول مستفيد من هذا التضليل، خاصة مع استمرار ارتفاع عجز الموازنة وتفاقم معدلات التضخم وبلوغها معدلات قياسية تجاوزت الـ20% خلال الفترة الحالية، وفي إطار مواجهة هذه الأزمة فإنها سعت وبكل الطرق للاستفادة من قرض صندوق النقد الدولي في تمويل هذه العجوزات لتظل الأوضاع تحت السيطرة إلى حد ما.
في قائمة المستفيدن من هذا التضليل، يأتي تجار العملة والسوق السوداء للدولار والذين حققوا عشرات الملايين من المكاسب والأرباح بعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر صرف الدولار من نحو تسع جنيهات إلى أكثر من 20 جنيها خلال الفترة الماضية.
وأظهرت وثائق قرض صندوق النقد الدولي لمصر،أن صافي الاستثمارات الأجنبية المتوقع دخولها لمصر ستصل إلى 9.4 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري 2016- 2017 بزيادة 2.7 مليار دولار عن المحقق في العام المالي الماضي، وهو ما يتافى تماما مع الواقع، حيث لا تشير الأوضاع التي تشهدها الساحة المصرية إلى قرب تعافي قطاع الاستثمارات الأجنبية وبالتالي استقرار تواضع حجمها في السوق المصري.
في المقابل، فإن جملة الخاسرين من تضليل الحكومة المصرية لصندوق النقد الدولي تشمل جميع المصريين، الذين يواجهون حاليا العديد من الأزمات المتمثلة في ارتفاعات الأسعار بشكل "جنوني"، وارتفاع معدلات التضخم بنسب قياسية تجاوزت في الوقت الحالي الـ20%.
ولم تنعكس أزمة تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه على جنون الأسعار فقط، بل امتدت إلى الشركات التي تعمل في السوق المصري والتي تواجه خسائر فادحة عند تحويل الأرباح من الجنيه المصري إلى الدولار والتي انخفضت بنسبة 50% على الأقل مع الخسائر الحادة للجنيه المصري مقابل الدولار.