يسعى البرلمان
المصري إلى ضم أموال صناديق
النذور والتبرعات الخاصة بالمساجد والأضرحة؛ للموازنة العامة للدولة، في محاولة جديدة من نظام قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، وسد عجز الموازنة.
وأموال النذور هي تبرعات وصدقات يدفعها المواطنون للمساجد، ليتم الإنفاق منها على إعمارها، أو على احتياجات الفقراء والمحتاجين، وتتولى إدارتها وإنفاقها لجان مشتركة من
الأوقاف والطرق الصوفية والقائمين على شؤون كل مسجد، دون وجود رقابة رسمية حقيقية على ذلك، بحسب مراقبين.
وتقدمت عضو مجلس النواب، شادية ثابت، بطلب إحاطة لوزير الأوقاف بشأن صناديق النذور والتبرعات التي تقدم للمساجد، حيث طالبت بضم أموالها إلى الموازنة العامة للدولة "كي تكون تحت الإشراف الكامل للدولة".
وبررت النائبة طلبها بـ"الحاجة لتشديد الرقابة على أموال
التبرعات، خاصة وأن ترميم المساجد يتم على نفقة الدولة، وهو ما يعني أن الدولة من حقها وضع يدها على أموال النذور مثل باقي الصناديق الخاصة".
ودعت إلى تشديد الرقابة على أموال الصناديق "حتى لا يتم الاستيلاء عليها من قبل جهات أخرى، أو الأفراد القائمين على لجان النذور بالمساجد، الذين يمنعون وصولها لبيوت الله" على حد قولها.
لا رقيب عليها
ورحب أستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد نجيب، بضم التبرعات للموازنة العامة الدولة، قائلا إنه "سيكون أمرا جيدا، خصوصا وأنها تشبه الصناديق الخاصة، ولا يعلم عنها أحد أي شيء، وتصل لمليارات الجنيهات كل عام".
وأضاف نجيب لـ"
عربي21" أن الجهة الوحيدة التي تتعامل مع النذور "هي وزارة الأوقاف، لكن لا رقيب ولا حسيب على الوزارة، لذلك فإن تفكير البرلمان في ضمها للموازنة خطوة إيجابية"، مطالبا بـ"ضم كافة الصناديق الخاصة في الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة، وليس النذور فقط، وخصوصا في ظل عجز الموازنة الذي تعاني منه البلاد بسبب قرار تعويم الجنيه".
لكن نجيب أبدى عدم ثقته في رقابة البرلمان على تلك الصناديق، قائلا إن "البرلمان نفسه فيه شبهة فساد، وخاصة بعد الأزمة الأخيرة لرئيس المجلس، وشراؤه سيارات لنفسه من ميزانية الدولة بملايين الجنيهات"، مشيرا إلى أن "من الأفضل أن تقوم جهات أخرى مستقلة بالرقابة والإشراف على الصناديق الخاصة وأموال النذور".
وحذر النائب إيهاب الخولي، في بيان له، من استمرار الفوضى داخل صناديق النذور، سواء في توزيعها أو استغلالها فى غير الأغراض المخصصة لها، مطالبا بوضعها تحت رقابة هيئة الرقابة الإدارية أو الجهاز المركزى للمحاسبات.
خطر كبير
في المقابل؛ رفض بعض النواب هذا الطلب، مؤكدين أن المواطنين سيمتنعون عن التبرع للمساجد إذا علموا أن هذه الأموال ستؤول إلى الدولة.
وقال النائب ممتاز دسوقي في تصريحات صحفية، إن "الناس يتبرعون بأموالهم لغرض محدد، وهو إعمار المساجد، وليس للحكومة".
من جانبه؛ أعلن شيخ مشايخ الطرق الصوفية، علاء أبو العزايم، رفضه الشديد لهذه الخطوة من جانب مجلس النواب.
وقال أبو العزايم لـ"
عربي21" إنه "لو تم ضم صناديق النذور لموازنة الدولة؛ فسيكون ذلك خطرا كبيرا؛ لأن أناسا كثيرين سيفقدون مصدر دخلها الوحيد"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد بند في الموازنة العامة يغطي أجور عمال المساجد والمشايخ ومقيمي الشعائر، كما أن وزارة الأوقاف لا تدفع إلا رواتب الخطباء والأئمة التابعين لها فقط".
وأكد أن كثيرا من الصوفيين الذين يقومون على خدمة مساجد آل البيت ليس لها رواتب ثابتة، لذلك ابتكر المصريون صناديق النذور حتى تغطي نفقاتهم تحت اشراف وزارة الأوقاف، طالبا بتوفير حل بديل لعلاج العجز في الموازنة بعيد عن أموال النذور.
وأضاف أن "القانون ينظم طبيعة صناديق النذور وعملها، وينص على أن صناديق النذور التابعة لوزارة الأوقاف تفتح كل أسبوع أو شهر أو سنة، حسب نظام المسجد، ويفتحها مسؤولون من الأوقاف، ويتم توزيع الأموال على المشايخ ومقيمي الشعائر وعمال المساجد، وهذا ما تقوم به الأوقاف منذ سنين؛ لأنها لا تملك ميزانية لدفع أجور عمال المساجد أو المشايخ الذين يقومون على خدمة المساجد".
وأوضح أبو العزايم أن "القانون نص على منح الطرق الصوفية 10 بالمئة من أموال الصناديق، لكن وزارة الأوقاف تعطينا 5 بالمئة فقط، بعد خصم الرسوم والدمغات".
"أموال النذور لا تنهب"
وحققت صناديق النذور بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف؛ إيرادات تقدر بنحو 67 مليون جنيه خلال عام واحد، بحسب بيان لوزارة الأوقاف في حزيران/ يونيو الماضي.
وكان وزير أوقاف الانقلاب مختار جمعة، قد نفى بشدة تعرض أموال النذور للنهب أو الإهدار.
وأكد جمعة في كلمة له أمام مجلس النواب في 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، أن اللجنة الدينية بالبرلمان ناقشت مؤخرا تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، ولم يتم إثارة أي ملاحظة تتعلق بنهب أموال النذور على الإطلاق.
وأشار إلى أن "المبالغ المخصصة للأوقاف من الموازنة العامة للدولة تبلغ 144 مليون جنيه فقط، وهي لا تغطي موازنة الوزارة البالغة 400 مليون جنيه، وهو ما يوضح أنها تعتمد على الموارد الذاتية، ومن أهمها أموال التبرعات والنذور التي يتم استخدامها في عمارة المساجد ودفع رواتب الأئمة والقائمين على المساجد"، مشددا على أن "مال الوقف له طبيعة خاصة، وليس مالا عاما، ولا يجب أن يمس".