شهدت الليلة الماضية تصويتا تاريخيا للبرلمان التركي تم بموجبه إقرار حزمة من القوانين الجديدة التي من شأنها تحويل نظام الحكم في
تركيا من برلماني إلى رئاسي، ما يعني منح رئيس البلاد صلاحيات واسعة .
وطالت التغييرات 18 مادة من الدستور، حصلت جميعها على موافقة نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المعارض، في مقابل رفض نواب حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ولضمان تنفيذ التعديلات بشكل مباشر يتعين موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على المواد الدستورية الجديدة، وهو ما لم يحصل، ما يعني الانتقال للخيار الثاني لانفاذها وهو عرضها للاستفتاء الشعبي بعد توقيع ومصادقة رئيس البلاد، مع اشتراط قبول 50+1 بالمائة من نسبة القبول الشعبي عبر الاستفتاء حتى تصبح نافذة دستوريا وقانونيا.
من جهته قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض " قليجدار أوغلو " في تصريحات صحفية إنه واثق من أن الشعب التركي سيصوت ضد هذه التعديلات، وقال :" "أثق من صميم قلبي بأن الشعب لن يسمح بتمرير اللعبة التي تمت في البرلمان، شعبنا سوف يصحح هذا الخطأ".
وطالب "قليجدار أوغلو"، من نوابه بالتواصل مع المواطنين لشرح أهمية رفض
التعديلات الدستورية.
إمكانية إعلان حكومة وحدة
وتناولت بعض وسائل الإعلام التركية المحلية أخبارا عن إمكانية الإعلان عن حكومة وحدة وطنية تضم عناصر من العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المعارض الذي صوت لصالح التعديلات.
وقال "مصطفى أوزجان" الكاتب والمحلل السياسي التركي إن هناك بعض المؤشرات حول دخول حزب الحركة القومية للحكومة من خلال تصريحات رئيس الوزراء "بن علي يلدريم" ما يفتح الباب لدخول وزراء محسوبين على حزب الحركة القومية في الحكومة قريبا .
وأضاف المحلل السياسي في حديث مع "
عربي21" إن تركيا ستشهد خلال الفترة القادمة مشاركة ما أو ائتلافا ضمنيا بين القوميين والعدالة والتنمية كأنهما حزب واحد.
وأشار "أوزجان" إلى أن بعض أقطاب الحركة القومية قد تعترض على ذلك، ولكن الاتجاه العام لدى الحزب ذاهب نحو الاندماج أو المشاركة الوزارية في الفترة القادمة.
وقال الكاتب إن لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت العام الماضي دور كبير في تغيير قناعات حزب الحركة القومية ودفعها للموافقة على التعديلات المقترحة .
استقرار سياسي
وذكر أن الكيان الموازي_وهو المتهم الأول بالمحاولة الانقلابية_ حاول استهداف الحزب لإزاحة رئيسه "دولت باهتشلي شخصيا من هذا المنصب، ونبه الكاتب أن ذلك أنشأ عداء بين الكيان الموازي و"باهتشلي" خاصة، مما قاده كما قال للتحالف مع حزب العدالة والتنمية.
وذكر المحلل السياسي التركي أن حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي المعارضين سيخوضان معركة من خلال الشارع ضد التعديلات المقترحة، مؤكدا أنهم سيستخدمون الميادين والشارع للتنديد بها.
وختم الكاتب حديثه قائلا إن تركيا على صفيح ساخن، وبأن التعديل وتحويل نظام الحكم فيها إلى رئاسي يهدف لاستقرار سياسي في البلاد، لكنه شدد قائلا :"قد تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، لا أحد يعرف إذا ما كانت هذه التعديلات ستجلب الاستقرار أم لا، هذا ما سنكتشفه في قادم الأيام".
حلم أردوغان
أما الصحفي والمتابع للشأن التركي طه عودة قال إن تحويل النظام البرلماني إلى رئاسي، كان بمثابة "الحلم" للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تمكن من اجتياز عقبة البرلمان بفضل الدعم الذي تلقاه من حزب الحركة القومية، ليجتاز حاجز ال330 صوتا التي تؤهله للاستفتاء الشعبي.
وأضاف عودة في حديث مع "
عربي21" إنه من المبكر الحديث عن حكومة وحدة وطنية بين الحزب الحاكم والحركة القومية، وأضاف :"علينا انتظار نتائج الاستفتاء الشعبي الذي أتوقع أن يمر بسهولة، ولكن تركيا بلد المفاجآت".
وأشار عودة إلى الانتقادات التي وجهتها أحزاب المعارضة داخل وخارج البرلمان لمشاريع حزب العدالة والتنمية الكثيرة، وأضاف:" برأي أن تغييرا جذريا يحصل في نظام الحكم في تركيا، لذا من المتوقع أن يدافع حزب الشعب الجمهوري عن آخر قلاعه فهو يعيش حاليا معركة بقاء بعد سيطرة الحزب الحاكم على المشهد السياسي بالكامل".
وختم عودة أن ما أسماها المعركة الحقيقة بين الحزب الحاكم و"العلمانيين" ستبدأ قريبا بأشكال مختلفة عما كانت عليها في عام 2007 عند انتخاب الرئيس السابق عبد الله غول، وأن معركة اليوم ستغدو صعبة على العلمانيين نظرا لاستعداد أردوغان ورفاقه لها بقوة وجاهزية.