نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ريتشارد كوهين، يتحدث فيه عن الرئيس المنتخب دونالد
ترامب، وأوجه الشبه التي تجمعه مع الرئيس الأمريكي ليندون بينز
جونسون.
ويقول كوهين في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إنه "سواء كان يعرف ذلك أم لا، فإن شبح ليندون بينز جونسون يطارد دونالد جون ترامب، فهناك تشابهات غريبة، فهما رجلان ضخما البنية استسلما للبذاءات والتصرفات الخرقاء، والتبجح، وشديدا الحساسية للنقد، بالإضافة إلى أنهما لا أخلاقيين سياسيا، ويحبان الانتقام، وغير متسامحين، والأهم من ذلك كله أنهما يعدان رئيسين غير شرعيين، وبالنسبة لجونسون، فإنه الأمر أخذ بعض الوقت ليستوعب ذلك، أما ترامب فقد أدرك ذلك".
ويضيف الكاتب: "صعد جونسون إلى الرئاسة بعد وفاة جون ف. كندي، وفاز فوزا ساحقا في الانتخابات على باري غولدووتر، لكن أحاطت به أجواء غير شرعية، مثل رائحة تأبى الزوال، وزادت هذه الأجواء مع زيادة المعارضة لحرب فيتنام، ووصلت ذروتها في تقديري بقصة مفبركة عام 1967، كتبها بول كراسنر في مجلة الثقافة المعارضة (ذي رياليست)، ادعى فيها الكاتب أن جونسون دخل تابوت كندي وفعل معه ما لا يفعل، ومع أن القصة مقيته وغير لائقة، وتستحق أي شتيمة تصفها بها، إلا أن البعص صدقها، وأنا أعرف ذلك، وسمعته من البعض".
ويتابع كوهين قائلا: "إذا انتقلنا نصف قرن إلى الأمام، إلى القصص المتعلقة بترامب وتصرفاته المدعاة في روسيا في زمن ليس بالبعيد، فإن الروايات التي لم تمحص مقرفة، كتلك التي لفقت حول جونسون، ولا يمكن فهمها، إلا من خلال تصرفات ترامب، وهو الشخص الذي يبدو صبيانيا ويمكن أن يصدق عنه أي تصرف، وقال ترامب عن التقرير إنه أخبار ملفقة كعادته، ولام حامل الرسالة (الإعلام والمخابرات.. إلخ)، لكن كان عليه أن ينظر في المرآة ليرى لماذا يراه الكثير من الناس بتلك البشاعة".
ويمضي الكاتب قائلا: "إن كان كراسنر شخصية مغمورة من ستينيات القرن الماضي، فإن عضو الكونغرس جون لويس ليس كذلك، فهو الممثل الديمقراطي لجورجيا، وقال قبل أيام إن رئاسة ترامب ليست شرعية، وإنه بصفته عضوا مدعوا في الكونغرس لن يحضر حفل التنصيب، وأتى رد ترامب على شكل تغريدة تنتقص منه بالأسلوب ذاته الذي استخف فيه ببطولة جون ماكين تحت التعذيب، فقال إن لويس (يتحدث كثيرا.. ويفعل قليلا)".
ويشير كوهين إلى أن "لويس هو أحد أبطال حقبة الحقوق المدنية، فتظاهر واحتج وأصيب بكسر في جمجمته، عندما هاجمت الشرطة المحتجين بالهراوات على جسر أدموند بيتس في مدينة سيلما في ألاباما، وكان ذلك عام 1965، حيث ضربته الشرطة ضربا مبرحا، وكاد عناصرها أن يتسببوا بوفاته، إنه رجل يمتلك الكثير من الشجاعة، أكثر من ترامب بكثير في هذه النواحي".
ويقول الكاتب: "صحيح أن ترامب فاز بأصوات المجمع الانتخابي، وللأسف هذا ما يهم، لكن في القضية الأكبر فإن لويس محق، حيث أدار ترامب حملة انتخابات قذرة، وتفتقر إلى الأمانة، ولطخ الرئاسة التي فاز بها، لقد شكك في شرعية باراك أوباما، واتجر بالعنصرية والديماغوجية، ويبدو أنه كان لديه موظفون يساعدونه على كسب الانتخابات في موسكو.. ومع ذلك فإنه سيكون الرئيس".
ويستدرك كوهين بأنه "يجب على ترامب أن يستمع للويس وما يمثله، فالرئيس سيؤدي القسم وهو لم يحصل إلا على أقلية أصوات الشعب، فقد حصل على ثلاثة ملايين صوت أقل من منافسته، وهو يدخل البيت الأبيض بعدد أصوات كئيب تاريخيا، وهي الآن أقل مما كانت عليه عندما كسب الانتخابات، فلم يفعل شيئا ليجذب أغلبية الأمريكيين الذين رفضوا ترشيحه، وبدلا من ذلك، فإنه حافظ على عادة طالب المدرسة الذي يغرد حول كل ما يشعر أنها مظالم، ويشتم كل منتقد له، ويتعامل مع القضايا الخطيرة، مثل تغير المناخ وموضوع التطعيمات، كأنها مسرحية ساخرة".
ويلفت الكاتب إلى أن "ليندون جونسون سيحذر ترامب دون شك، وكأنه يقف على طبقة رقيقة من الجليد، وستنكسر به في اللحظة التي يستنتج فيها مدى عدم شعبيته، لقد كان جونسون رجلا لديه إمكانيات سياسية كبيرة وخبرة، وما حققه لأجل الحقوق المدنية يؤهله لمكانة كبيرة في
التاريخ، ومع ذلك، فعندما أصبحت الحرب في فيتنام غير مقبولة تحول رأي الشعب، وبدا بعد فترة وكأن صفاته التي صورها كل من ديفيد ليفاين وجولز فيفر في رسومهما الكاريكاتورية وكأنها غطت على إنجازاته، ورآه الناس قادرا على أن يفعل أي شيء -من كذب وأنواع الانحرافات كلها- وهذا هو الموقف الذي يقفه ترامب اليوم".
ويخلص كوهين إلى القول: "في نهاية هذا الأسبوع سيكون ترامب رئيسا، أتمنى له كل خير وكل سوء، والمشكلة هي كيف تفصل بين بغضك للشخص وحبك للوطن، أترك ذلك للزمن ليحل هذه الأحجية، أما ترامب فسيسعد بلحظته، لكن عندما تبدأ الأمور بأخذ الاتجاه الخاطئ سيتم طرده من المكتب -كما حصل مع جونسون- وقد عرف الإغريق القدامى ذلك جيدا: صفات الرجل تحدد مصيره، وفي هذه الحالة، فإن رئاسة ترامب محكوم عليها بالفشل".