نشرت صحيفة "لي اوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا؛ سلطت فيه الضوء على الأسباب السياسية والاستراتيجية التي تشجع
إيران على جعل
البحرين هدفها القادم، وهذا يرتبط بالسياسة الجديدة التي بدأت الولايات المتحدة والقوى الغربية في اعتمادها في الشرق الأوسط.
ولفتت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إلى بعض ما جاء على لسان الجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، في حواره مع وكالة الأنباء الإيرانية. وقد اعتبر الجنرال في حديثه أن "انتصار حلب سيمهد الطريق لتحرير البحرين، وسينعم الشعب البحريني أخيرا بما كانوا يطمحون إلى تحقيقه داخل دولتهم. وبذلك سيتذوق الشعب اليمني طعم الفرح، وستحتفي الموصل أخيرا بالنصر الذي نحتاجه.. هذه هي وعود الله".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الكلمات ستغلق كل منافذ الشك فيما يتعلق باستراتيجية إيران مع البحرين. وقد شهد الشرق الأوسط منذ زمن تدخلا مباشرا لإيران في كل من سوريا والعراق ومثله في اليمن، عن طريق تمويل الحوثيين في صراعهم ضد المملكة العربية السعودية، وكلها تدعم أقوال سلامي.
وأضافت الصحيفة أن إيران عازمة على الدفاع عن طموحاتها التي تشمل البحرين، التي أصبحت تعتبرها المعنى الحقيقي "للهدف الجديد"، على الرغم من المزاعم التي أكدت أنها ستكون من نصيب تنظيم الدولة الذي أضافها، منذ سنة 2011، إلى خطته التوسعية لـ"الجمهورية الإسلامية" إثر الثورات العربية التي حملت تسمية "الربيع العربي".
وأفادت الصحيفة أن البحرين تمتلك من الميزات ما يجعلها غنيمة وافرة لإيران، فهي تعتبر أصغر دولة في آسيا، بعد جزر المالديف ودولة سنغافورة. وتشتهر بالأساس بإنتاجها لحجر اللؤلؤ، وهي أيضا من أكثر دول الخليج العربي احتواء للطائفة الشيعية، مقارنة بعدد السكان.
وأوضحت الصحيفة أن العاصمة البحرينية شهدت، عقب الثورات التي شملت تونس ومصر، احتجاجات كثيرة طالب من خلالها
الشيعة بتغيير جذري في الحكومة، وخاصة الهيئات الحكومية التي يسيطر عليها السنة، وانتهى المطاف بالكثير من المحتجين في السجون.
وأضافت الصحيفة أن المواجهة بين السلطات البحرينية والمجموعات الشيعية تواصلت في سنة 2014، فقد خلفت المظاهرات ما يقارب 80 قتيلا من الشيعة، وتعرض حزب الوفاق، أكبر أحزاب المعارضة الشيعية، إلى وابل من الاتهامات، تمثل أهمها في نشر العنف الطائفي وتهديد الدولة والتواطؤ مع التحركات الإرهابية.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدة أطراف استنكرت ممارسات السلطات البحرينية، بسبب الاضطهاد والتعذيب، في الوقت الذي تغاضت فيه الصحافة الدولية عنها. ويمكن ردّ هذا الصمت والإنكار إلى حقيقة أن الولايات المتحدة قد اختارت البحرين لتكون مكانا لأكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، ولن يكون باستطاعة البحرين رفض دعم هذا الحليف لأجل الشيعة.
ونقلت الصحيفة تصريح نبيل رجب، مدير جمعية حقوق الإنسان في البحرين، الذي أفاد فيه في سنة 2012 بأن "حكومة الولايات المتحدة تدعم النظام الملكي في هذا الجزء من العالم، فهي لا تدعم إلا الأنظمة الديكتاتورية الحقيقية.. لا نرى الأمريكيين يتحدثون بنبرة جدية وصارمة إلا عندما يتعلق الأمر بسوريا وليبيا، لكن عندما يتعلق الأمر بحلفائهم، تتغير هذه النبرة وتصبح أكثر تساهلا".
وأشارت الصحيفة إلى أن التطورات الأخيرة ستكون حتما في صالح إيران في المستقبل. فبعد الصمت الرهيب للولايات المتحدة والقوى الغربية، ستنجح إيران في تسليط نفوذها والتقدم في خطتها في البحرين. وقد بدأت أولى التحركات عندما أرسلت إيران تهديدات في الأيام الأخيرة إلى السلطة في البحرين إثر إلغاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجنسية عيسى قاسم، الزعيم الروحي الأكثر تأثيرا بين الشيعة في هذه الدولة، واتهمته بالتحريض على الاحتجاجات ضد الملك.
وأضافت الصحيفة أن شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي شهد أيضا عمليات مداهمة في قرية دراز، شمال غرب البحرين، حيث حاصرت جملة من السيارات المدرعة للشرطة والجيش، مكان إقامة هذا الزعيم، الذي كان تحت حراسة مجموعات من الشباب الشيعة. وتواصلت الاشتباكات في عدة مناطق في البحرين، رفع خلالها المتظاهرون لافتات حملت صورة عيسى قاسم، تبع ذلك عشرات الاعتقالات.
وقالت الصحيفة إن السيناريو الذي يجري اليوم في البحرين يشبه في تفاصيله سيناريو مماثل أدى إلى تأجيج التوتر بين إيران والمملكة العربية السعودية، ثم تعميقه بعد اندلاع الأزمة في اليمن. وفي الحقيقة، إن الجميع في الشرق الأوسط يتمنى وضع حد لهذا التوتر، لكن البيانات الواضحة تفيد بأن الأحداث تتجه نحو الأسوأ.