ملفات وتقارير

من هو قاضي "الجزيرتين"؟ وما الذي يعنيه الحُكم لقضاء مصر؟

هل "يرمم" الحكم الذي تلاه الشاذلي (يمين) ثقة الشارع بالقضاء؟
هل "يرمم" الحكم الذي تلاه الشاذلي (يمين) ثقة الشارع بالقضاء؟
يتساءل محللون حول ما إذا كان الحكم التاريخي في قضية جزيرتي تيران وصنافير، التي شغلت الرأي العام على مدى عدة أشهر، بداية للمصالحة بين القضاة والشارع المصري، وذلك بعد سلسلة أحكام صادمة بالإعدام بحق معارضي الانقلاب على مدى أكثر من ثلاث سنوات.

وكانت المحكمة الإدارية العليا رفضت، الاثنين، طعن الحكومة في حكم محكمة أدنى بوقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وأعلنت تأييد مصرية الجزيرتين.

جسد نزيه أفسدته السلطة

ويرى المحلل السياسي محمد الزواوي "أن الحكم أكد فرضية أن الجسد القضائي في معظمه جسد نزيه وعادل، ويسعى إلى تطبيق أحكام القانون والدستور".

وأشار الزواوي، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن هذا القضاء نفسه هو الذي أعطى المعارضة، ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين، 88 مقعدا ببرلمان 2005، ومنح الإسلاميين أغلبية برلمان الثورة في 2011، وتأكدت نزاهته بانتخابات الرئاسة"، كما قال.

وقال الزواوي: "تدخلات السلطة التنفيذية هي التي تفسد القضاء وتشوه منظومة العدل، لا سيما بعد الانقلاب، عندما تم عمل دوائر خاصة لما أسموه الإرهاب، بقضاة معروف عنهم عداؤهم للإسلاميين وللثورة"، مضيفا: "جاءت معظم أحكام دوائر الإرهاب ظالمة، ولم تأخذ بالإجراءات القانونية المعتبرة، ولم تعترف بالشهود ولا الأدلة، وأخذت بتحريات الشرطة، خصم المعتقلين والثوار".

خسائر بالجملة

وأكد الزواوي أن "حكم تيران وصنافير يؤكد قاعدة نزاهة القضاء، كما يؤكد وجود شواذ القاعدة أو الاستثناء في الجسد القضائي ممن يخالف منهم ضميره والقانون"، محذرا من أن هذا "يفت في عضد القضاء، ويقسم البلاد، ويزيد الشقاق بين طرفي المجتمع، ويحول الخصومة من سياسية إلى جنائية"، على حد قوله.

مواقف لا تدعو للثقة

من جهتها، قالت الكاتبة الصحفية أسماء شكر: "لا أعتقد أن هناك من يثق بالقضاء، ولكن -من باب الإنصاف- تنبغي التفرقة بين قضاة مجلس الدولة وباقي هيئات القضاء؛ وذلك لأن مجلس الدولة لم يصله إلى حد ما تخريب وتسييس مبارك"، وفق تقديرها.

وأكدت شكر لـ"عربي21" أنه "من غير المنطقي أن نثق بقضاء يصدر أحكاما ظالمة: بحبس البنات، والإعدام والمؤبد لأصحاب الرأي وكبار السن، وتجديد حبس الأبرياء بقرارات أمنية، والصمت على جرائم الإخفاء القسري، وتلفيق الاتهامات، واستشعار الحرج عند اللزوم".

وأضافت: "هذا القضاء هو من منح نظام مبارك البراءة، ولم يعاقب من تورطوا في جرائم قتل (شهداء الثورة، ومجلس الوزراء، ومحمد محمود، وماسبيرو، ورابعة، والنهضة)، وما زال صامتا على جرائم القتل والتعذيب في المعتقلات، دون إدانة أو محاكمة"، كما قالت.

فرصة لا تتكرر

أما الإعلامية والناشطة السياسية صفية سري، فترى أن القضاء يجب أن يبقى بعيدا عن أي صراع، وأنه "بقدر حفاظ المنظومة القضائية على تلك المساحة، بقدر ما يعلو في عيون مواطنيه، فإن اهتز ميزان العدالة اهتز المجتمع كله"، بحسب تعبيرها.

وأضافت سري لـ"عربي21": "الانقلاب نجح في جر منصة القضاء لساحة الصراع، واستخدم "ذهب المعز" بزيادة الرواتب والبدلات والانتدابات والإعارات، بجانب العصا بتسريب وزج أسماء قضاة بملفات تمس السمعة والنزاهة".

ورأت أنه "بين وقت وآخر، يثبت قضاة أنهم ما زالوا يتمسكون بقيم العدالة، ليس في حكم تيران وصنافير فقط، ولكن في أحكام عديدة أصدرتها محكمة النقض"، لكنها رفضت اعتبار الحكم الأخير بمثابة "عربون" تصالح مع القضاء، معتبرة أن "الأحكام القضائية الغريبة التي تصدر الآن باتت بمثابة جرح صعب اندماله، ولكن هذا الحكم هو فرصة ربما لا تتكرر لعودة القضاء لمكانته اللائقة"، على حد وصفها.

من هو قاضي الجزيرتين؟


هو المستشار أحمد محمد صالح الشاذلي، (62 عاما) ينتمي لأسرة الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة بحرب أكتوبر، وتلميذ القاضي الشهير طارق البشرى.

ولد الشاذلي في كانون الثاني/ يناير 1955، بمحافظة الغربية، ودرس الحقوق في جامعة القاهرة، والتحق بسلك القضاء عبر مجلس الدولة عام 1977، وترأس الدائرة الخامسة في المحكمة الإدارية العليا عام 2013، ثم الدائرة الثانية في 2014، ويترأس الدائرة الأولى التي أصدرت حكم مصرية الجزيرتين.

انتدب الشاذلي سابقا للعمل مستشارا قانونيا لشركة "إيجاس"، من عام 2013 وحتى الآن، وهي إحدى شركاء اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

أهم أحكامه

وكان الشاذلي شريكا في إصدار أحكام بقضايا شغلت الرأي العام، منها قضية عمال سجاد المحلة عام 1989، بحكم أيد حق العمال في الإضراب، وشارك بحكم إلغاء قرار الحكومة بطرد سكان جزيرة القرصاية، وحظر بيع الجزيرة عام 2010، بجانب أحكام بطلان بيع شركتي عمر أفندي وطنطا للكتان.

كما أوقف الشاذلي في أحد أحكامه قرارا حكوميا برفض تأسيس الجمعيات الأهلية بناء على "أسباب أمنية"، فيما سمح للأقباط بالزواج الثاني، وأصدر حكما بإصدار وثائق للطفل ثمرة علاقة الزواج العرفي، وحكما آخر بأحقية أبناء الفلسطينيين لأم مصرية بالجنسية، ورفض إسقاط الجنسية المصرية دون مبرر موضوعي أو قانوني، كما رفض حجب موقع فيسبوك.
التعليقات (1)
مصري
الأربعاء، 18-01-2017 08:50 ص
اللهم سلمه من شر خلقه بما شئت وكيف شئت اللهم امين .

خبر عاجل