تتحسر السورية نجلاء جموّل (30 عاما) على عدم تعلمها
اللغة التركية طوال الأربع سنين التي مرت على وجودها في
تركيا، إذ لم يكن بحسبانها أن فترة اللجوء ستكون طويلة إلى هذا الحد.
وفي السنوات القليلة التي مرت؛ كانت نجلاء -خريجة كلية التاريخ- تحجم عن تعلم اللغة التركية، بحجة أن لا حاجة لها بمخالطة الأتراك، لكن بعد أن طلبت السلطات التركية منها مؤخرا استكمال الإجراءات القانونية للحصول على الجنسية التركية؛ قررت استدراك ما فاتها.
واليوم؛ تفاضل جمّول الأم لطفلتين، بين معاهد تعليم اللغة التركية المنتشرة في مدينة غازي عنتاب التركية، بالنظر إلى الشهرة والتكلفة الاقتصادية والبعد الجغرافي عن منزلها، على أمل أن تنتقي المناسب منها، لتبدأ رحلتها في تعلم اللغة.
تقول جمّول لـ"
عربي21": "سأبذل قصارى جهدي في تعلم اللغة التركية؛ لأني سأحمل جنسية هذه البلاد، ومن غير المعقول أن أكون مواطنة لبلد لا أعرف التحدث بلغته".
لماذا أهملها السوريون؟
وعلى النقيض تماما من حالة جمّول؛ بدأت الناشطة الاجتماعية أسوان نهار، بتعلم اللغة التركية، مع أنها قدمت إلى تركيا منذ مدة لا تزيد على خمسة أشهر فقط، وذلك لأنها تخطط للبقاء هنا.
وأشارت نهار في حديثها لـ"
عربي21" إلى رغبتها في الاندماج بالمجتمع التركي، خلافا لكثير من
السوريين الذين يصنفون تركيا على أنها "محطة عبور مؤقتة" نحو البلدان الأوروبية.
من جانبه؛ قال الباحث الاجتماعي محمد عارف نعمة، إن الغالبية العظمى من الفئة الشبابية والطلابية "تعلمت اللغة التركية بمستويات متفاوتة"، مضيفا أنه "في بالمقابل؛ هناك قطيعة بين بقية الفئات العمرية من
اللاجئين السوريين، وبين اللغة التركية".
وعن أسباب تلك "القطيعة"؛ تحدث نعمة عن أسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية، قائلا: "قلصت الظروف الاقتصادية السيئة من حجم إقبال السوريين على تعلم اللغة، ومن جهة أخرى ساهم عدم تقبل المجتمع التركي في كثير من الأحيان للسوريين في نفور بعضهم من اللغة، لكن أعتقد جازما بأن حلم العودة إلى
سوريا كان هو العامل الأهم".
وأشار نعمة إلى صعوبة تعلم اللغة التركية لغير الناطقين بها، مبينا أن "البنية المنطقية اللغوية التركية تختلف عن اللغة العربية التي تعتمد ترتيب الفعل والفاعل والمفعول به في تركيب الجملة".
دور كبير للشارع
ويُحسب للعمل عند أرباب العمل الأتراك؛ دور كبير في تعلم كثير من السوريين للغة التركية، كما أوضحت أسوان نهار أن الشريحة الفقيرة العاملة من اللاجئين السوريين؛ تعلمت اللغة التركية أكثر من غيرها، "فهؤلاء كانوا مرغمين على تعلم اللغة؛ نظرا لحاجتهم إلى العمل مع الأتراك، لكن بخلاف ذلك لم يُقبل أصحاب الشهادات من السوريين على تعلمها؛ بسبب عملهم مع جهات سورية، أو مع منظمات دولية، لا تعنى باللغة التركية".
وتابعت: "لقد صادفت فتاة سورية تعمل في صالون للتجميل، وهي تتكلم اللغة التركية بطلاقة. وفي المقابل؛ أعرف كثيرين من أصحاب الشهادات الذين لا يجيدون حتى الكلمات الترحيبية باللغة التركية".
من جانبه؛ خالف الصحافي السوري فراس الديب، ما ذهبت إليه نهار، قائلا إن "ساعات العمل الطويلة منعت المئات من الشبان السوريين من تعلم اللغة التركية؛ لعدم توفر الوقت الكافي لذلك".
تقصير من الجانب التركي
وحمّل أحد الأطباء السوريين، الجانب التركي، مسؤولية عدم تعلم السوريين للغة التركية "لأنه لم يفتتح لهذا الغرض دورات مجانية لنحو ثلاثة ملايين لاجئ يعيشون في البلاد".
وقال الطبيب -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- إن توفير السلطات التركية لمترجمين في القطاعات الحكومية، وخصوصا في المشافي العامة؛ ساهم في عدم إقبال السوريين على تعلم اللغة التركية.