وصلت معارك عملية "
درع الفرات" لمنعطف خطير بعد تحرير الثوار قريتي "العجمي" و"دوبري" القريبتين من مدينة الباب، وقطعهم للطريق الواصل بين مدينتي منبج والباب بشكل كامل.
وشملت السيطرة مؤخرا كذلك قرى "برشايا" و"جب الدم" بعد اشتباكات عنيفة مع قوات سورية الديمقراطية "قسد" التي يشكل الكرد عمودها الفقري، وتزامنت المعارك مع قصف الطيران السوري للقوات التركية المساندة للثوار في عمليّة درع الفرات مما أسفر عن قتلى وجرحى أتراك.
أهمية قطع طريق منبج- الباب
وتأتي أهمية السيطرة على القرى المذكورة من حرمان قوات
سوريا الديمقراطية من مواصلة زحفها نحو الباب عبر منبج، حيث قال أنس شيخ ويس، قائد فيلق الشام في الشمال، لـ"
عربي21": "قطع طريق منبج-الباب يعني نهاية حلم قوات الحماية الكردية بتقسيم سوريا، وبناء دولتهم المزعومة".
ويرى العقيد أديب عليوي أن قطع طريق منبج- الباب يحقق أمرين آخرين سوى ما ذُكِرَ: "يمنع قطع الطريق التقاء قوات سوريا الديمقراطية مع قوات النظام، كما يسهل عزل وتطويق الباب من ثلاث جهات"، بينما تبقى جهة الجنوب مفتوحة على النظام، ومنها يخشى الثوار الخطر.
تكثيف التعاون مع النظام
وردت "قسد" على خطوة قطع الطريق من قبل الثوار سريعا من خلال زيادة التنسيق مع النظام السوري الذي بادر للتحرك جوا وبرا، فتحركت قواته المحتشدة في مطار الكويرس نحو الشمال حيث مدينة الباب، ولم يعد يفصلها عن المدينة سوى بضع كيلومترات، كما قصف طيرانه قوات "درع الفرات".
وقال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، لـ"
عربي21": "تستهدف طائرات الأسد قواتنا المرابطة على مشارف مدينة الباب بهدف تخفيف الضغط عن داعش".
ورأى شيخ ويس أن قصف النظام كان متوقعا منذ فترة، موضحا أن ذلك يندرج في إطار التحالف الاستراتيجي للنظام مع الكرد: "طبيعي أن يتحالف النظام مع قسد وجماعة إيران والبي كي كي، فهم بالنتيجة وجه لعملة واحدة".
وقد يدفع قصف الطيران السوري للقوات التركية لتسريع وتيرة العمليات القتالية لقوات "درع الفرات"، ولاسيما أنّ القصف ترافق مع تحرك برّي للنظام والكرد معا.
إلى ذلك، قال العميد أحمد رحال لـ"
عربي21"، إن "قصف النظام لعناصر تركية صار مبررا لدخول الأتراك أكثر، وسيؤثر القصف السوري بالتالي إيجابيا على عملية درع الفرات".
وبينما رأى محللون خلاف ذلك في حال كان قصف النظام للأتراك نتيجة ضوء أخضر روسي، قال العقيد أديب عليوي لـ"
عربي21"، إن "الخوف من أن ينتهي شهر العسل مع روسيا، فحينها ستكون
تركيا في وضع لا تُحسَد عليه"، بينما أكد العميد رحال صعوبة تخلي أمريكا عن تركيا: "أمريكا لا تضحي بتركيا من أجل الأكراد، فالأكراد ورقة لا ملف، وماتزال الولايات المتحدة تستخدم قاعدة أنجرليك".
تحالف الثوار مع تركيا مستمر
وأكد الثوار في هذا السياق استمرار التحالف مع تركيا، حيث قال شيخ ويس إن "الثوار مستمرون مع حليفنا التركي في تحقيق أهداف الثورة، وتحرير الأرض من كل ألوان الإرهاب سواء كان أحمر أو أسود أو أصفر"، بينما رأى سيجري أن قصف النظام للأتراك لن يمر بسلام: "النظام سيدفع ثمن وقاحته، واستهدافه للجنود الأتراك قريباً".
وأثبتت معركة الباب التحالف الوثيق بين "قسد" والنظام السوري، فالمواقع الموالية للنظام تتحدّث صراحة عن هذا التعاون، ولا سيما في معركة الباب، وخاصة بعد قطع الثوار لخط الإمداد من منبج للباب.
معركة الباب أهميتها فيما بعدها
ويدرك الثوار والأتراك وكل الأطراف المتصارعة أن المعركة لا تتعلق بمدينة الباب بل بما بعد الباب، وهذا ما يفسر حجم التعقيدات وإصرار كل الأطراف على السيطرة على المدينة.
وقال العقيد أديب عليوي إن "الملف شائك ومعقد، فالثوار باتوا على بعد أقل من 2 كم، بينما قسد 8 كم، والتجاذبات السياسية الدولية ضبابية".
واتصل الرئيس التركي أردوغان بالرئيس الروسي بوتين مستفسرا عن القصف الروسي، فالأتراك يعدون معركة الباب معركة أمن قومي، حيث قال العميد رحال إن "تصريحات القادة الأتراك في تصعيد، إذ يقولون: سنقيم المنطقة الآمنة شاء من شاء، وأبى من أبى. وإقامة المنطقة الآمنة يعني منع إقامة الدولة الكردية".
ولن تتأخر نتائج المعركة فتحركات الأطراف تتسارع، إذ أن سيطرة النظام على الباب تمهد لسقوط كل الريف الحلبي، وسيطرة الكرد تنعش آمال الكرد بحلم الدولة الكردية، وسيطرة الثوار تعني استمرار الثورة، وتأمين الأمن القومي التركي، وفتح الباب مشرعا لتوجه الثوار نحو الرقة.