منذ توتر
العلاقات المصرية السعودية، على خلفية تباين مواقف البلدين من العديد من القضايا السياسية في المنطقة المضطربة بالحروب والصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، رصد مراقبون وسياسيون تحولا وصف بأنه "غير مهني" في لغة
الصحافة المؤيدة لنظام عبد الفتاح السيسي؛ تجاه السعودية.
الصحافة مرآة النظم غير الديمقراطية
وفي هذا السياق، استبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، في حديث لـ"عربي21"؛ أن تفسد الصحافة وحدها العلاقة بين أي بلدين "إلا إذا كانت العلاقات سيئة بالفعل، فعندئذ يمكن أن تزيدها سوءا".
وتابع: "إذا طبقنا الأمر على مصر والسعودية، فبعد التباين في المواقف بين البلدين في سوريا والعراق واليمن، أسهمت الصحافة بلا شك في زيادة التوتر، ولكنها لا تخلقه؛ فهي انعكاس لمواقف البلدين من الآخر"، وفق تقديره.
ورأى أن "الصحافة في النظم الديمقراطية لا تؤثر على طبيعة العلاقات بين الدول، ولكن في النظم غير الديمقراطية فهي تعبّر عن مواقف الحكومات، ولا أعتقد أن
الإعلام مستقل سواء في السعودية أو مصر، فحملات التشهير بينهما لم تظهر إلا بعد ظهور الخلافات".
وبشأن إمكانية عودة العلاقات إلى طبيعتها، قال: "لا أرجّح أن يكون هناك تحسن في العلاقات في ظل استمرار تباين وجهات النظر في عدد من الملفات في المنطقة، فعودة العلاقات أمر غير محتمل في الوقت الراهن"، وفق قوله.
الصحافة غير الرشيدة
ويقول قال مدير إدارة شؤون دول مجلس التعاون الخليجي في الخارجية المصرية سابقا، السفير أحمد القويسني، لـ"عربي21": "أعتقد أن دور الإعلام الآن مهيمين ومؤثر، وبالتالي أحيانا يخرج عن دوره كناقل للخبر، ومن هنا فالصحافة غير الرشيدة تزيد الأمور تعقيدا"، على حد قوله.
وعن حملات التشهير التي انتهجتها بعض الصحف المصرية الخاصة، قال القويسني: "قد تكون الصحافة جزءا من حملة تدفع بها السلطة التي تنتمي لها هذه الصحافة، فعندما تشن الصحافة المصرية أو السعودية حملات متبادلة؛ قد تكون مدفوعة من حكومات الدولتين، أو رد فعل شعبي تعكسه الصحافه أو تصنعه".
ولكنه حذر من استمرار الجفاء بين البلدين، قائلا: "العلاقات المصرية السعودية علاقات استراتيجية، فإذا سقطت مصر ستسقط السعودية، والعكس، ولكن هذا لا يمنع وقوع توتر، فهو مسموح به في جميع العلاقات"، كما قال.
واستدرك قائلا: "لا يمكن اختزال العلاقات بين القُطرين في اتفاقية تجارية أو موقف سياسي، فحجم الاتفاق التجاري بين الهيئة المصرية للبترول وشركة أرامكو لا شيء؛ مقارنة بطبيعة العلاقات الاستراتيجية بينهما".
يأس السعودية من الجنرال
أما الباحث في الإعلام، محمد حسن، فقال لـ"عربي21": إن "الأموال الضخمة التي تضخها المملكة في الإعلام المصري والعربي بشكل عام لا يمكن إغفالها، وقد كشفت وثائق ويكيليكس عن العطايا التي تمنحها المملكة لكبار الصحفيين المصريين بهدف ضبطهم وتحسين صورتها بشكل عام"، على حد قوله.
وتابع: "بدا واضحا أن تغير توجهات النظام السعودي بعد وفاة الملك عبد الله وتولي الملك سلمان السلطة؛ لم يأت على هوى النظام المصري، خاصة في ظل وجود الخلاف الواسع على معظم ملفات المنطقة".
وأشار في معرض حديثه إلى "لقاء خاص مع إعلامي سعودي شهير مقرب من النظام، سأله أحد الزملاء قبل شهور: لماذا تواصل الرياض إرسال المال لنظام السيسي رغم الخلاف الكبير بينهما؟ فأجاب: حتى تسكته!! وهذا يوضح أن المملكة قد يئست من استمالة الجنرال كحليف حقيقي، وبقي فقط أن تتجنب شروره"، وفق تعبيره.
وبشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، قال:"إن العلاقة بين الطرفين غالبا ستستمر لأن المصالح بينهما أكبر من أن يتم تجاوزها، لكن لن يكون هناك تعاون مثمر أو حتى علاقات طبيعية وسيعمل كل منهما على إضعاف الآخر".
عدم فهم
أما رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة، أنور ماجد عشقي، فقد قال لـ"عربي21"؛ إن "الصحفيين الذين يؤججون النار لا أتهمهم بأنهم يريدون إفساد العلاقات السعودية المصرية، وإنما هم يجهلون طبيعتها"، مشيرا إلى أن "السلبيات التي تصدر من الصحف المصرية تنم عن عدم فهم"، وفق تقديره.
وشدد عشقي على ضرورة التفريق بين علاقات البلدين على المستويين الاستراتيجي والسياسي، "فالعلاقة على المستوى الاستراتيجي لم تتزعزع، أما على المستوى السياسي فهي عرضة للمد والجزر، فكل دولة لها خصوصياتها، والحق في التعامل مع الأحداث بالطريقة التي تراها متسقة مع سياستها".