في حلقة جديدة من مسلسل مصادرة الحقوق والحريات في
مصر، وافق مجلس النواب على مشروع قانون جديد ينظم عمل المنظمات غير الحكومية يرى رافضوه أنه يقضي على آخر ما تبقى من المجتمع المدني في البلاد.
وأحال مجلس النواب مشروع القانون إلى مجلس الدولة لمراجعته قبل التصويت عليه بشكل نهائي.
ويعاقب مشروع القانون المنظمات في حال خالفت أحكامه بعقوبة مالية والسجن لغاية خمس سنوات.
ويمنع مشروع القانون المنظمات الأهلية من القيام بأعمال ميدانية أو استطلاعات دون تصريح كما يمنعها من التعاون بأي شكل من الأشكال مع أي هيئات دولية دون الحصول على الموافقات اللازمة.
وينص المشروع على تشكيل جهاز قومي لتنظيم عمل "المنظمات الأجنبية"، ويختص بالبت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر.
ولقي مشروع القانون رفضا واسعا في الأوساط الحقوقية، إذ طالبت
منظمة العفو الدولية، بعدم التصديق على قانون تقول إنه "الأكثر قمعا" بحق الجماعات الأهلية والحقوقية بالبلاد.
واعتبرت المنظمة أن توقيع مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية سيكون بمثابة "تفويض لموت الجماعات الحقوقية المصرية".
وانتقدت تمريره من البرلمان دون نقاش عام "على الرغم من أن صدوره سيكون له تأثير واسع النطاق ومدمر على المجتمع المدني"، وفق البيان ذاته.
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا محمد جميل، رأى أن هذا القانون أعد في أروقة السلطة السياسية ثم مرر للبرلمان لشرعنته ولا يملك البرلمان من أمره شيئا.
وقال جميل في حديث لـ"
عربي21" إن قرار البرلمان مثير للسخرية في بلد تقيد فيه السلطات منظمات المجتمع المدني بالأصل، لكنها تريد أن تشرعن الإجراءات التعسفية بنص القانون.
ولفت إلى أن المعني بالقانون ليست المعارضة، غير الموجودة أصلا على الساحة المصرية، بل البقية الباقية من مؤيدي النظام، وكل من يفكر بإعادة الروح المدنية للبلاد.
وعن حجة التمويل الأجنبي، أضاف الحقوقي أن التمويل الأجنبي ليس عيبا إذا ما كان غير مشروط، ولا يؤذي المواطن المصري، مشيرا إلى أن أغلب هذه الجمعيات ذات طابع حقوقي، أو معنية بالتوعية في القضايا الحقوقية أو توعية المرأة أو حتى محو الأمية.
واعتبر جميل القانون اعترافا من النظام المصري بارتكابه انتهاكات بحق النشطاء والحقوقيين، ورسالة للعالم أن ما يجري من مراقبة لعمل هذه الجمعية يأتي ضمن إطار القانون.
ويخشى حقوقيون أن يقضي القانون على منظمات المجتمع المدني في مصر خاصة التي تقدم خدمات التوعية والخدمات الاستشارية والعون القانوني.
وكانت السلطات أمرت بتجميد الحساب المصرفي لمركز النديم "لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، وأصدر البنك المركزي المصري قرارا بتجميد أرصدته المالية.
وتعتقد منظمة العفو الدولية بحسب بيان لها أن السلطات تستخدم تجميد الحساب المصرفي للمركز لإجباره على إغلاق أبوابه، ردا منها على عمله في مساعدة ضحايا التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وتقديمه العون لأفراد عائلات من أخضعوا للاختفاء القسري.
المحامي المصري عادل عيد قال إن القانون ما يزال قيد النظر، لكنه أكد لـ"
عربي21" أنه سيمر ويصبح قانونا نافذا، مشيرا إلى أن من وضعه، وضعه ليقضي على ما تبقى من المجتمع المدني.
وأضاف أنه رغم الصياغة إلا أن القانون يهدف لحصار منظمات المجتمع المدني وأن حجة التمويل الأجنبي ما هي إلا محاولة لتشويه هذا المنظمات وتقييد عملها.
وعن الخطوات التي ستتخذها المنظمات، قال عيد إنها لم تجمع على رأي واحد، غير أن كثيرا منها سيغلق أبوابه، وستبذل أخرى محاولات للبقاء، غير أنه غير متفائل شخصيا.