نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للأستاذ المتخصص في مجال الطاقة نيك باتلر، يحذر فيه
السعودية من استخدام
النفط سلاحا في المواجهة مع أمريكا.
ويقول الكاتب إنه "قبل عشرة أيام من انعقاد مؤتمر الدول المنتجة والمصدرة للبترول (
أوبك)، فإن السعودية لا تزال تنتج 10.7 مليون برميل في اليوم، فيما زادت
إيران من إنتاجها، حيث افتتحت ثلاثة حقول نفط، التي ستنتج مجتمعة 220 ألف برميل في اليوم، ولا يزال موقف إيران المعلن هو إنها ستواصل رفع مستويات الإنتاج من 3.3 مليون برميل إلى 4.2 مليون برميل في اليوم، وهو ما تعتقد أنه حصتها من الكارتل".
ويضيف باتلر في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "كلا الطرفين ليسا مستعدين للتنازل، والاتفاق الذي تم التوصل إليه، عندما التقى وزراء دول نفط أوبك في أيلول/ سبتمبر، لن ينفذ على ما يبدو عندما تلتقي الدول مرة أخرى في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، وقد يتم التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة، لكنه لن يؤدي إلا إلى التأثير في فائض الإنتاج مقابل الطلب عليه، خاصة أن الطلب العالمي انخفض من منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، من 52 مليون برميل إلى 45 مليون برميل الأسبوع الماضي".
ويعلق الكاتب قائلا إن "السعودية سترد على هذا الوضع بالتهديد برفع مستويات إنتاجها إلى 11 مليون برميل في اليوم أو أكثر، ويبدو أن السعوديين يريدون العودة إلى الأساليب السابقة، وهي أن زيادة معدلات الإنتاج قد تؤدي إلى الضغط على بقية الأطراف لمنحها حصتها من السوق العالمية، وهذا صحيح مع الولايات المتحدة وإيران، لكن هذا النهج في النظام العالمي الجديد، بعد انتخاب دونالد
ترامب، يبدو خطيرا ومضرا في الوقت ذاته".
ويجد باتلر أنه "في ظل عدم وجود اتفاق هذا الشهر، فإن الأسعار ستظل في انخفاض متواصل، في ظل توفر مخزون منه، حيث أشار تقرير لمنظمة الطاقة العالمية إلى أن حجم الإنتاج في تواصل مستمر من دول أوبك، حيث ارتفع من 240 ألف برميل في اليوم في شهر أيلول/ سبتمبر، إلى رقم قياسي، وهو 33.1 مليون برميل، ومن الدول غير الأعضاء في الكارتل، حيث يحاول المنتجون زيادة مستويات الإنتاج إلى الحد الأقصى، وستفتح حقول نفظ جديدة في البرازيل وكندا وكازاخستان في الأشهر المقبلة، ويبدو أن الطلب على النفط في الدول النامية متدن جدا، فيما توقفت الصين عن شراء كميات إضافية من النفط كي تزيد من احتياطيها".
ويرى الكاتب أن "انخفاضا متزايدا في أسعار النفط سيؤثر ف الدول التي تعتمد في مواردها المالية عليه، من فنزويلا إلى نيجيريا، ومن هنا، فإن أي زيادة إنتاج سعودي جديدة ستؤدي إلى زيادة الوضع سوءا".
ويقول باتلر إن "المسؤولين في الرياض ربما توصلوا إلى نتيجة، وهي أن على الدول الأخرى أن تعاني، ويجب مع ذلك أن يكونوا حذرين عندما يتعلق الأمر بأمريكا، فالمنتجون الأمريكيون، الذين يعتمدون على الصخر الزيتي، يعانون، مع أن الوضع يتراوح في الولايات المتحدة؛ بسبب تراوح أسعار آبار النفط من ولاية لأخرى، لكن السوق رتب نفسه على سعر 50 دولارا للبرميل عندما ارتفع سعر النفط، وكانوا يخططون لزيادة مستويات الإنتاج، لكنهم لم يرتبوا أنفسهم للإنتاج في مستويات سعر البرميل فيها 40 دولارا أو أقل، ومع أن الكثيرين منهم تحملوا الوضع، ولم يوقفوا الإنتاج، أو يلجأوا إلى إعلان الإفلاس، إلا أنهم سيجبرون على إغلاق حقولهم في حال لم يستطيعوا دفع الفواتير".
ويتساءل الكاتب قائلا: "ألا يقوم هذا السوق على المنافسة التي تخرج الضعيف من المعادلة؟"، ويجيب: "نعم هذا صحيح، لكن السعودية تعتمد على الولايات المتحدة في الدعم العسكري، وتقديم الضمانات السياسية لها".
ويشير باتلر إلى أن "العلاقات بين البلدين متوترة منذ تولي باراك أوباما السلطة، لكن ذلك سيكون شيئا لا يذكر، في حال أجبر منتجو النفط من الصخر الزيتي على إغلاق عملياتهم، وخسروا موارد مالية وفرص عمل، وعلى خلاف القادة الجمهوريين، مثل جورج دبليو بوش، فإن الرئيس الأمريكي المنتخب لا يقدر السعوديين، فهو يستطيع الحكم عليهم من خلال مواقفهم المرتبطة بالمصالح الأمريكية".
ويذهب الكاتب إلى أنه "في حالة عبرت الإدارة الأمريكية عن سخطها، فإنها قد تقوم بعمل أي شيء، من نشر التحقيق الكامل في هجمات11/ 9، والدور السعودي فيها، وأي نزاعات أخرى قتل فيها أمريكيون، وقد تقوم بوقف الدعم للحملة التي تقودها السعودية في اليمن، وربما أعاد ترامب التفاوض حول شروط التعاون العسكري بين البلدين".
ويقول باتلر: "ربما قال اللوبي السعودي في الولايات المتحدة إن واشنطن لن توقف صفقات الأسلحة؛ حتى لا تؤثر في صناعة السلاح الأمريكية، وتؤدي إلى فقدان أعمال بسبب هذا الأمر، وهذا غير صحيح، فأي حكومة سعودية بحاجة إلى شراء المعدات من الولايات المتحدة، وكل ما تريده أمريكا هو حكومة مستقرة، وبمستوى من النظام، الذي لن يتحقق دون السيطرة على سوق النفط".
ويعتقد الكاتب إلى أن "السعودية تواجه خيارات صعبة، مثل التوصل إلى اتفاق مع أوبك لموازنة أسعار السوق، (وهذا لا يعني تجميد الإنتاج إلى مستوى معين، لكن تخفيض مستمر له) ويبدو مستحيلا، والقيام بالتخفيض صعب؛ لأن معظم الإنتاج يتم استلاكه محليا، حيث وصل الطلب المحلي للنفط العام الماضي 3.9 مليون برميل في اليوم، بحسب أرقام (بي بي ستاتستيكال ريفيو)، بالإضافة إلى أن الطلب في تزايد، مع زيادة النمو السكاني إلى 30 مليون نسمة، بشكل سيزيد على استهلاك اليابان، البالغ عدد سكانها 127 مليون نسمة، فخفض بمعدل مليوني برميل في اليوم لن يسمح للبلاد إلا بتصدير كمية لا تزيد على 4.5 مليون برميل يوميا".
ويخلص باتلر إلى أن "القبول في الواقع يبدو الخيار الواقعي للسعوديين، وهي نقطة البداية، بدلا من التفكير بأن مصالحهم القومية يتم الحفاظ عليها من خلال تهديد الدولة التي وفرت لهم الحماية خلال العقود الخمسة السابقة".