نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا تحدّثت فيه؛ عن الصعوبات التي تواجه عبد الإله بن كيران بعد تولّيه من جديد منصب رئاسة الحكومة لمدة خمس سنوات قادمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن العراقيل خاصة فيما يتعلّق بالمجال الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن الحوكمة الرشيدة، بقيت تلازم
ابن كيران خلال ولايته الثانية، التي من المفترض أن يتخطاها بسهولة بفضل الخبرة التي اكتسبها خلال الفترة الأولى من ترؤسه للحكومة، والتي جعلته يفهم عن كثب طبيعة المشهد السياسي في
المغرب.
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من الإنجازات الاقتصادية التي حقّقها الأمين العام لحزب
العدالة والتنمية خلال فترة ولايته الأولى، إلاّ أنه تعرّض للعديد من الانتقادات من قبل معارضيه، الذين لم يتوانوْا عن دراسة المؤشرات الأساسية مثل معدل النمو ومستوى الدين العام.
حقق المغرب، بفضل إدارة حكومة ابن كيران، نموا بلغ 3.7 بالمائة، وهو يعتبر أفضل نمو تمّ تسجيله في اقتصادات منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، لكن ذلك لم يمنع معارضيه من انتقاد أدائه الضعيف، لا سيما وأن معدلات البطالة لم تشهد أي تحسن يُذكر.
وأفادت الصحيفة أن تقليص الدين العام هو تحد آخر يواجهه ابن كيران في الفترة القادمة، حيث إن ارتفاع النسب المسجلة منذ توليه الحكم، من 80 بالمائة إلى 82 بالمائة بعد نهاية فترة ولايته الأولى، أصبح أمرا مثيرا للقلق. وقد انتقد بنك المغرب، الذي يحدد السياسة النقدية للبلاد، هذا المستوى من الدين واعتبره بمثابة عبء كبير على كاهل الدولة.
كما أنه على مدى السنوات الخمس المقبلة لا تملك المملكة المغربية خيارا سوى التخلي عن سياسة المديونية التي تتبعها. وبالتالي، يجب على الحكومة المقبلة إيجاد موارد أخرى تمكنها من تقليص حجم هذا الدين، الذي يُقدر بأكثر من 800 مليار درهم، أي نحو 73 مليار دولار، وذلك عن طريق توسيع قاعدتها الضريبية، وإجراء إصلاحات جذرية وفعالة في هذا القطاع، من شأنها أن تُساعد على تمويل المشاريع الاجتماعية.
وذكرت الصحيفة أن حكومة عبد الإله بن كيران لطالما أثنت على إنجازاتها في المجال الاجتماعي على وجه الخصوص. وفي ظل السباق الانتخابي، يبدو أن بعض الوزراء يفتخرون بالقوانين ذات الصبغة الاجتماعية التي قاموا بتركيزها لفائدة الأرامل والعاطلين عن العمل؛ كالدعم المالي والزيادة في الحد الأدنى من الأجور.
وبالتالي، ولتفادي الفشل الذي لحق بمشاريع الحكومة الاجتماعية التي أصدرتها سنة 2013، ينبغي لحكومة ابن كيران هذه المرة الحيلولة دون الإخلاف بوعودها.
وتجدر الإشارة إلى أن ذلك ليس كافيا لإرساء أسس الرخاء في المجتمع المغربي وتحقيق العدالة الاجتماعية، التي لطالما أشاد بها حزب العدالة والتنمية. وفي هذا الإطار، سيتعين على ابن كيران توطيد العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين بما في ذلك النقابات، بهدف تحقيق المزيد من الإصلاحات الاجتماعية.
وقد شملت الإصلاحات الاجتماعية التي قام بها حزب العدالة والتنمية في السابق؛ إحداث صندوق التماسك الاجتماعي بغاية إعادة توزيع الدعم الملغى على المنتجات البترولية وتعويض الدعم في المنتجات الأساسية كالخبز والسكر وغاز البوتان.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القرارات لم تحظ بترحيب من قبل المواطنين المغاربة الذين كانوا يشتكون من ارتفاع أسعار المنتجات البترولية ومن إلغاء الدعم عن المنتجات الأساسية. ونظرا لتأزم الوضع الاجتماعي في المغرب، يجب على حكومة ابن كيران أن تقوم بإصلاحات شاملة في صندوق التقاعد والتوصل إلى اتفاقات مع النقابات من شأنها أن تُخفف من حالة الاحتقان الشعبي التي ساهمت في عرقلة مسار الإصلاحات.
وقالت الصحيفة إنه من بين القضايا الرئيسة التي اتهمّت بها حملة ابن كيران في سنة 2011، هي مكافحة الفساد، حيث كرّس رئيس الحكومة الكثير من جهوده لحلّها، لكن سرعان ما أدرك عدم قدرته على إحداث تغيير فعال في هذه القضية. وقد صرح في أحد اللقاءات التي أجراها مع قناة "الجزيرة" في أغسطس/ آب سنة 2012، أنه "غير قادر على محاربة الفساد".
وفي هذا الصدد، اقتصرت الإجراءات الحكومية في هذا المجال في الفترة الأولى من ولاية ابن كيران على الإعلان عن استراتيجيات وطنية وهمية لمكافحة الفساد.
وفي الختام، بيّنت الصحيفة أن حكومة ابن كيران قدمت رؤية متفائلة خلال الحملة الانتخابية، استنادا على تقارير المجلس الأعلى للحسابات حيث قامت بإحالة 73 ملفا يتمحور حول شتى الانتهاكات، إلى العدالة و47 ألف قضية فساد إلى المحكمة. ومع ذلك، ستبقى هذه القضية إحدى المؤشرات الأساسية والأكثر أهمية لتقييم فترة ولاية ابن كيران الثانية.