استنكرت
حكومة الوفاق الليبية ما أسمته عملية اقتحام من قبل مجموعة من أعضاء
المؤتمر الوطني العام وبعض وزراء حكومة الإنقاذ السابقة لمقر مجلس الدولة مساء الجمعة، وأصدرت الحكومة تعليمات لوزارة الداخلية بالتواصل مع مكتب النائب العام لمباشرة إجراءات القبض "على من خطط ونفذ حادثة اقتحام مقر مجلس الدولة من السياسيين"، بحسب بيان رسمي.
من جهته، وصف المجلس الأعلى للدولة اقتحام مقره بأنه محاولة لإرباك المشهد السياسي، مؤكدا خلال بيان رسمي له، الجمعة، الحزم في مواجهة ما أسماه أساليب "البلطجة والابتزاز"، لتهديد أمن العاصمة.
وكان نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق، عوض عبد الصادق، قد دعا أعضاء المؤتمر، إضافة إلى وزراء حكومة الإنقاذ، إلى ممارسة أعمالهم من جديد، مؤكدا أن المؤتمر أصبح في حل من أي أجسام انبثقت عن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية، بحسب مؤتمر صحفي ليل أمس الجمعة.
نزاع الشرعية
وقال أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة عمر المختار، رمضان بن طاهر، أن "سبب محاولة المؤتمر العودة إلى المشهد من جديد، هو القلق من عواقب القبول بنتائج الاتفاق بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي، وكذلك قلقهم على حصتهم في النظام الجديد".
وأضاف لـ"
عربي21": "والسبب في ذلك هو استمرار وطول النزاع على الشرعية السياسية بين برلمان طبرق والمجلس الرئاسي وعدم الوصول لرؤية واضحة تحدد ملامح المستقبل السياسي وبناء الدولة"، واصفا ما يحدث الآن في
ليبيا بـ"عبث وجنون ومهزلة".
الكاتب والمحلل الليبي، فرج كريكش، اعتبر من جانبه؛ أن ما حدث "خطوة تعكس التخبط الذي يسود طرابلس، فمنذ الصخيرات "جرى تفريغ العاصمة من مظاهر الدولة بشقيها التشريعي والتنفيذي والضرب أيضا بالسلطة القضائية عرض الحائط"، مضيفا لـ"
عربي21": "في حين أن الشرق الليبي احتفظ بحكومة الثني وبرلمان عقيلة وجيش
حفتر، وبالتالي فإن بعض الانتفاضات هنا وهناك متوقعة لتصحيح وضع العاصمة".
فرصة حفتر
من جهته؛ رأى المحلل السياسي الليبي وعضو مركز المسبار للدراسات والأبحاث محمد غميم أن ما حدث "عبث سياسي وخطوة غير محسوبة جاءت كردة فعل من القوة المكلفة بحراسة مقر المجلس الأعلى بعد رفض المجلس الانصياع لطلباتهم التي لا تنتهي".
وأوضح خلال تصريحاته لـ"
عربي21" أن "هذه التصرفات ستزيد الأمور سواء في العاصمة وتعرقل المشهد أكثر، وستعطي لمشروع حفتر الفرصة التي يبحث عنها بخصوص إضعاف الاتفاق السياسي وحكومة الوفاق".
ولكن الصحفي والإعلامي الليبي، عاطف الأطرش، قال إن "الصراع المحموم والمتزايد على السلطة يقطع الشك باليقين أن كل أطراف الصراع السياسي يسعون للسلطة لنهب ما تبقى من ثروات الليبيين وليس لحل أزماتهم".
وأضاف لـ"
عربي21": "وبسبب هذا العبث، سيكون هناك تصاعد قوة سياسية مستبدة تلقى قبولا لدى الشارع الليبي لتطيح بالمشهد السياسي الذي أفسده هؤلاء بغبائهم وإيقاف هذه المهازل".
واعترضت الناشطة السياسية من مصراتة، ميرفت السويحلي، على كلمة "عودة المؤتمر"، وقالت: "الميت لا يعود أبدا، والمؤتمر جسم ميت، فلا توجد عودة للمؤتمر على الإطلاق، لأن من لم يلتحق بمجلس الدولة من أعضاء المؤتمر لا يتجاوز عددهم 15 عضوا وهم من قاموا بهذا الأمر".
وأوضحت لـ"
عربي21" أن "هذه المحاولة هي محاولة بائسة لا أكثر، ولن يكون لها أي رد فعل إيجابي على الأرض، وبخصوص المجتمع الدولي فإنه أيد اتفاق الصخيرات واعترف بحكومة الوفاق المنبثقة عنه، ولن يتراجع عن دعمها".
بدوره؛ قال الأكاديمي الليبي والناشط السياسي، طاهر بن طاهر، إن "المجلس الرئاسي وحكومته ساهموا في وصول الأمر إلى هذا الحد، وذلك لتراخيه وتأخيره الحسم في أي موضوع وخلافاته الدائمة وعدم وضوح الرؤية".
وأضاف لـ"
عربي21": "ما حدث خطوة غبية وغير محسوبة، سيراق فيها قليل من الدماء وستفقد بعض المليشيات المسلحة جزءا من امتيازاتها، وفي الأخير سيجلسون ويتلاومون ثم يعودون لسيرتهم الأولى".