نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتبة ساندرا ليفالي، تقول فيه إن عدد قضايا العنف ضد
النساء والفتيات في إنجلترا وويلز وصل إلى رقم قياسي العام الماضي، بحسب ما قالته مديرة الادعاء العام أليسون سوندرز، التي حذرت من ازدياد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتهديد والسيطرة.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"،
عن سوندرز، قولها إن سهولة ارتكاب هذه الجرائم على الشبكة العنكبوتية ساهمت في ارتفاع عدد القضايا، مشيرة إلى أن عدد الاعتداءات على النساء، بما في ذلك العنف البيتي، والاغتصاب، والاعتداءات الجنسية، ارتفع بنسبة 10% إلى 117568 حالة في عام 2015.
وتقول سوندرز للصحيفة، بعد نشر النيابة العامة لتقريرها السنوي حول العنف ضد النساء والفتيات، إن "استخدام الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من التكنولوجيا لإهانة الأشخاص والسيطرة عليهم وتهديدهم في حالة ازدياد، وهو شيء قد نلمس ازدياده في المستقبل، ودون شك فإنه من الأسهل ارتكاب الكثير من هذه الجرائم على شبكة الإنترنت، حيث يقوم الناس بذلك دون تفكير، إنها مباشرة أكثر، فالأمر له علاقة بمدى الوصول، والتمكن من التواصل مع عدد كبير من الناس".
وتشير ليفالي إلى أن القانون الجديد، الذي يمنع الانتقام عبر نشر صور فاضحة، دون إذن الشخص المعني، الذي تم فرضه في نيسان/ أبريل 2015، زاد عدد القضايا، حيث كانت هناك 206 قضايا نشر انتقامي لصور فاضحة وصلت إلى المحاكم، واعترف العديد بارتكاب الجريمة، بحسب النيابة العامة.
وتذكر الصحيفة أن من بين هذه الحالات، قضية شخص أرسل صورا فاضحة لامرأة عبر "فيسبوك" لعائلتها، وهدد بنشر المزيد على الشبكة، وتم سجنه 12 أسبوعا مع وقف التنفيذ لمدة 18 شهرا، بعد أن اعترف بارتكاب جنحة نشر صور جنسية دون موافقة المعني بالأمر، لافتة إلى أن شخصا آخر قام بنشر صور على "فيسبوك" لامرأة لم تكن تعلم بوجود تلك الصور، فحكم عليه بالخدمة المجتمعية لمدة 12 شهرا، وغرامة 110 جنيهات إسترلينية، ودفع تكاليف المحكمة 295 جنيها إسترلينيا، وفرض عليه أمر تقييدي لمدة غير محددة.
ويستدرك التقرير بأن عدد القضايا الـ206، التي وصلت إلى المحاكم، هو مجرد نسبة ضئيلة من شكاوى النشر الانتقامي للصور الفاضحة، حيث اتصلت 3700 ضحية بالخط الساخن، الذي تم تخصيصه العام الماضي للمساعدة في هذه الحالات، خلال الاثني عشر شهرا الأولى من الإعلان عنه.
وتلفت الكاتبة إلى أن من الجوانب الأخرى التي أسيء فيها استخدام الشبكة، استخدامها أداة للمضايقة والتخويف، وهي ضمن الرقم القياسي لقضايا الملاحقة التي وصلت إلى المحاكم، مشيرة إلى أن المحاكم شهدت قضايا ملاحقة ومضايقة خلال 2015- 2016، أكثر من أي وقت سابق، حيث وصل عدد القضايا إلى 12086 قضية، ومن ذلك الرقم حوالي نسبة 70% تضمنت عنفا منزليا، وقام العديد من مرتكبي الجنح باستخدام الشبكة في ارتكابهم تلك الجنح.
وتفيد الصحيفة بأن حجم الاعتداءات كان كبيرا، إلى درجة أنه سيتم إصدار إرشادات خاصة للمدعين حول تنامي ظاهرة الملاحقة عبر الشبكة؛ لتطوير عملية المقاضاة في المحاكم، لافتة إلى أن هناك إرشادات للمدعين حول الملفات الشخصية المزورة، والمواقع التي يتم إنشاؤها على الشبكة باسم الضحية، التي تحتوي على معلومات كاذبة ومضرة؛ بهدف المضايقة والتخويف.
ويورد التقرير نقلا عن النيابة، قولها إن قلة التبليغ عن حالات الملاحقة والعنف البيتي والاغتصاب والاعتداءات الجنسية، تعني أن عدد الحالات التي تصل إلى المحكمة لا تمثل سوى نسبة من الاعتداءات التي تحصل في الواقع، منوها إلى أن هناك زيادة كبيرة في عدد الرسائل المسيئة والبذيئة، التي ارتفعت بنسبة 32%، بالإضافة إلى الرسائل المخالفة للمادة 127 من قانون الاتصالات بنسبة 20%.
ويحسب ليفالي، فإن سوندرز تحدثت عن مصدر قلق جديد، يتعلق بتداول مواد إباحية عنيفة، مثل عمليات اغتصاب لنساء، أو نشر صور لنساء عانين من إصابات بالغة، أو يتم تعريضهن لعنف سادي، مشيرة إلى ارتفاع عدد القضايا، حيث تمت مقاضاة 1737 حالة العام الماضي، بموجب قوانين جديدة تتعامل مع هذه المخالفات.
وتقول سوندرز إن "على الجميع، ابتداء من شركات التكنولوجيا، مثل (تويتر) و(فيسبوك)، والشرطة والادعاء، بالإضافة إلى المجتمع، بذل المزيد من الجهد لمعالجة الحجم المتنامي للاتصالات العدوانية والمهددة على الشبكة"، وتضيف: "أما الوجه الآخر لهذا الأمر، فهو أن الدليل هناك (على الشبكة) غير قابل للجدل تقريبا، وقد عملنا مع (تويتر) و(فيسبوك)؛ لتقوما بتدريب المدعين ليكونوا على دراية بالأدلة المتوفرة، والحديث معهم عن كيفية مساعدتنا ومساعدة الضحايا"، بحسب الصحيفة.
وينوه التقرير إلى أن هذه الجنح تشكل حوالي 19% من عمل النيابة، وهي نسبة أعلى من أي بند من بنود الجريمة، بما في ذلك الإرهاب والاحتيال، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يرى فيه البعض، مثل عضوة البرلمان ورئيسة لجنة النساء والمساواة في مجلس العموم، ماريا ميلير، أن على شركات التكنولوجيا بذل المزيد من الجهد وتحمل المسؤولية حول ما ينشر على مواقعها، أو أن تدفع تكاليف مراقبة الجرائم على الشبكة، فإن سوندرز ترى أن شركات التكنولوجيا تقوم بفعل المزيد لإيقاف حسابات المخالفين.
وتضيف سوندرز: "أنا متأكدة من أنه بإمكان شركات التكنولوجيا فعل المزيد لوقف هذا الطوفان، فهناك الكثير الذي يستطيع جميعنا فعله، ويستطيع المجتمع فعله؛ لمعالجة هذا الأمر، وجعله غير مقبول، ويجب علينا إبقاء
الشرطة والنيابة على اطلاع على كيفية استخدام الناس لمواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الجديدة، وما هو نوع الأدلة التي نحتاج إلى جمعها، وكيف يمكن استخدامها في المحاكم".
وتبين الصحيفة أن المديرة المشاركة لائتلاف "أوقفوا
العنف ضد المرأة" راشيل كريز، رحبت بارتفاع عدد القضايا، التي وصلت إلى المحاكم، وقالت إن تلك إشارة إيجابية، حيث تقول كريز: "نرحب بهذا التقرير الشامل، والشفافية التي يمتاز بها، وبالاهتمام الذي توليه النيابة للعنف ضد النساء والفتيات بأشكاله كلها. وزيادة عدد القضايا في المحاكم يدل على زيادة عدد النساء اللواتي يسعين لتحقيق العدل".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول كريز: "لكن يبقى الحال هو أن أكثرية النساء والفتيات اللواتي يتعرضن لهذه الجرائم لا يقمن بإخبار الشرطة عنها، والمؤسسات التي تقدم الخدمات المتخصصة تكافح لأجل البقاء".