في خطوة يرى فيها
الفلسطينيون محاولة لترسيخ سلطة الاحتلال على القدس، تسعى سلطات الاحتلال لنقل مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر من المدينة، بعد أيام من الاعتصام أمام المقر؛ احتحاجا على ما يعتبره الأهالي عدم اهتمام من جانب اللجنة بمسألة حرمان الأسرى من الزيارة.
نوايا الاحتلال
وشكل اعتصام ذوي الأسرى الأسبوعي أمام مقر
الصليب الأحمر، في حي الشيخ جراح وسط القدس، نقطة لكشف نوايا الاحتلال تجاه هذه القضية، حيث قام الاحتلال في 14 من آب/ أغسطس الجاري بفض خيمة الاعتصام لأهالي الأسرى المقدسيين، وإغلاق مقر الصليب الأحمر في المدينة المحتلة لمدة أربعة أيام تمهيدا لنقل المقر من مدينة القدس إلى مدينة تل أبيب، بحسب ما ذكر رئيس لجنة أهالي الأسرى والمحررين في القدس أمجد أبو عصب.
وأضاف لـ"
عربي21" أن الصليب الأحمر "بدأ يثبت يوما بعد يوم أنه يريد إغلاق مقره في مدينة القدس ليتماشى مع أجندة الاحتلال التي ترى أن القدس عاصمة موحدة لدولته، ولا يعتبرها احتلالا".
تجاهل ذوي الأسرى
وأتهم أبو عصب اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتخاذ قرارات "تظهرها بمظهر المتواطئ مع الاحتلال"، موضحا أن ذوي الأسرى حاولوا مرارا الحديث مع إدارة مكتب اللجنة للعدول عن "مواقفها الظالمة"، لكنها لم تلتفت لمطالبهم، كما قال.
وتعمل منظمة الصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية منذ العام 1967، ممثلة بمكتب إقليمي في القدس المحتلة، إضافة إلى 13 فرعا موزعا على المحافظات الفلسطينية. وتتولى المنظمة مهمة تقديم المساعدات والدعم، بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني، في مجالات الصحة والأمن الاقتصادي، ومحاربة العنف، وتنظيم الزيارات للأسرى في سجون الاحتلال.
من جهتها، نقلت مسؤولة برنامج دائرة النشر والإعلام في الصليب الأحمر والناطقة باسم اللجنة في الأراضي الفلسطينية، نادية دبسي، عن جاك دي مايو، رئيس بعثة اللجنة الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية، قوله إن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منظمة محايدة وغير متحيزة ومستقلة، تعمل لخدمة الفلسطينيين منذ 50 عاما، وبموجبه يجب احترامنا وحمايتنا حتى نستطيع تأدية مهامنا، ومن المقلق أن يتم الإساءة إلى تقليد اللجنة الدولية عبر قيام العائلات الفلسطينية بفعاليات في مقراتها لأغراض سياسية"، كما قالت.
وأشارت دبسي لـ"
عربي21" إلى أن "اللجنة الدولية تقوم حاليا بفحص الحقائق وتداعياتها على النشاطات التي تقدمها، في حين تستمر بكامل نشاطاتها في
إسرائيل والأراضي المحتلة من زيارات المحتجزين، وخاصة المضربين عن الطعام، وتسهيل أكثر من 100 ألف زيارة للعائلات الفلسطينية لأقربائهم المحتجزين، كما ونستمر بخدمات الحماية والمساعدة في ظل الاحتلال".
تراجع دور المنظمة
ورصدت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"؛ تراجعا واضحا في عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ودورها في السنوات الأخيرة، حتى على مستوى الخدمات الإنسانية، فقد توقف إدخال صحيفة القدس إلى الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، مع أنها الصحيفة العربية الوحيدة التي تدخل السجون، ودأب الصليب الأحمر على إدخالها للسجناء.
كما أبرم الصليب الأحمر مع سلطات الاحتلال اتفاقية منذ 1/1/2011، تقضي بتقليص الخدمات الطبية للأسرى المرضى، وتقليص مساهمة الصليب الأحمر في تغطية هذه الخدمات، وإلزام الأسير المريض على دفع جزء من نفقة العلاج، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
نفوذ إسرائيلي
وقال الأسير السابق والناشط في مجال الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من غزة، محمد الأي، أن التجربة التي خاضها في السجون الإسرائيلية لمدة ثماني سنوات، أثبتت له أن الصليب الأحمر يعمل كأحد أذرع مصلحة السجون الإسرائيلية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "ما يشاع حول عزم الصليب الأحمر نقل مقره من القدس بسبب ضغوط إسرائيلية خيار ليس مستبعدا، نظرا للنفوذ الإسرائيلي على المنظمات العاملة في الأراضي الفلسطينية بما يخدم مصالحه".
والتقت "
عربي21" مع العديد من أهالي الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقد أكدوا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تزال غير قادرة على إيجاد حلول لزيارة الأقارب من الدرجة الأولى للأسرى في السجون الإسرائيلية، إذ إن الاحتلال يرفض الموافقة على الزيارة بذريعة "أسباب أمنية"، فيما لم تستطع اللجنة سوى تنظيم زيارات للممنوعين، مرة واحدة كل ستة أشهر، أو سنة في بعض الحالات، مع عجز اللجنة عن تنظيم زيارات لعائلات أسرى قطاع غزة؛ الممنوعة من زيارة أبنائها الأسر منذ أكثر من خمس سنوات.
وذكر رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، أحمد أبو حلبية، أن هناك "محاولات صهيونية رصدتها لجنة القدس في السنوات الأخيرة للسيطرة على المدينة المقدسة، ونفي أي منظمات ومؤسسات محلية ودولية تثبت أحقية الفلسطينيين في المدينة، من خلال مصادرة الأراضي وسحب الهويات المقدسية بحجج كثيرة أهمها الأمن".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "إخطار الاحتلال الإسرائيلي لمكتب الصليب الأحمر بنقل مقره من المدينة، هو تجاوز لقوانين المجتمع الدولي التي تثبت عنجهية الاحتلال في تعامله مع كل ما هو داعم للقضية الفلسطينية"، بحسب تعبيره.