أكدت قوى وشخصيات
مصرية ليبرالية ويسارية أنها تابعت ببالغ القلق ما انتهت إليه مفاوضات السلطة التنفيذية وبعثة
صندوق النقد الدولي، التي تزور البلاد حاليا، بموافقة البعثة على منح مصر قرضا بمبلغ 12 مليار دولار، وما اتخذته السلطة التنفيذية من إجراءات مالية واقتصادية بالغة الحدة والقسوة على أغلبية الشعب المصري من الفقراء ومتوسطي الحال.
وذكروا – في بيان مشترك لهم الأحد – أن السلطة المصرية شرعت في إجراءاتها حتى من قبل الإعلان عن تلك المفاوضات، في تجاهل تام لجموع الشعب المصري بنقاباته واتحاداته وقواه السياسية.
وقالوا: "لقد قامت السلطة التنفيذية بالتنسيق مع البنك المركزي بتعويم جزئي للجنيه المصري تمهيدا لعمل تعويم كلي امتثالا لشروط صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى تقديمها لقانون الخدمة المدنية ومشروع قانون ضريبة القيمة المضافة وخطط لبيع أصول وممتلكات الشعب المصري من بنوك وشركات ناجحة في ظل وضع
اقتصادي تعس وصل فيه حجم الدين المحلي إلى ما يقرب من 2,500 مليار جنيه مصري، بينما بلغ حجم الدين الخارجي نحو 53 مليار دولار في نهاية آذار/ مارس 2016".
وتابع البيان: "إذا ما أخذنا بالاعتبار ما أُعلن عنه من اتفاق لاقتراض 25 مليار دولار لتمويل مشروع الضبعة النووي، و21 مليار دولار أخرى من صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات أخرى، فسيصل حجم الدين العام إلي مستويات لم يشهد تاريخ الاقتصاد المصري الحديث مثيلا لها".
وأشاروا إلى أن هذا يأتي في وقت أحجم فيه بعض المستثمرين المصريين والعرب والأجانب عن ضخ أموال جديدة بمصر، وقام البعض الآخر بسحب أمواله وتحويلها للخارج مع تردي أحوال السياحة، والانخفاض الملموس في دخل قناة السويس، وأسعار النفط وتدهور احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى نحو 15.5 مليار دولار بنهاية تموز/ يوليو 2016.
وشدّد الموقعون على البيان أن المسار الذي تتبعه السلطة التنفيذية سيُورد البلاد موارد التهلكة، حيث حُدد هذا المسار في ضوء نظرة ضيقة لإمكانات حل الأزمة الاقتصادية الاجتماعية بمعزل عن الأزمة السياسية، واعتمادا فقط على توصيات صندوق النقد الدولي الذي أثبتت تجارب الدول التي مرت بظروف شبيهة كالمكسيك واليونان وغيرهما أنها توصيات بالغة السوء، ومن شأنها أن تعمق من حدة الأزمات التي تمر بها البلاد في ظل وضع إقليمي بائس تتهدد فيه دول المنطقة بمخاطر الإرهاب والتقسيم والتغييرات الديموغرافية".
وتابعوا: "نحن إذ نرفض رفضا قاطعا هذا المسار الذي سيغرق البلاد في فخ الديون والتبعية ويكبل استقلالية قرارها السياسي ويلقي على كاهل الأجيال القادمة بما تنوء عن حمله الجبال من التزامات مالية ضخمة، وبما سيضع المجتمع بأكمله على فوهة بركان اقتصادي اجتماعي لا تحمد عقباه، ندعو رئيس الجمهورية (عبد الفتاح السيسي) للإيقاف الفوري للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي وعدم التوقيع على أي اتفاقية بشأنه".
وطالبوا "السيسي" بالبدء في تطبيق برنامج "وطني" للإنقاذ الاقتصادي من خلال إصلاح المالية العامة، والتخطيط لتغيير نمط الاقتصاد من استهلاكي-ريعي إلي إنتاجي- تنموي، ووقف برنامج الخصخصة، وتطوير شبكة الأمان الاجتماعي للفقراء، واسترداد ثروات مصر المنهوبة في الداخل وأموالها المهربة في الخارج، وضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة، وإلغاء دعم الطاقة من الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة التي تبيع بالأسعار العالمية.
كما دعوا "السيسي" إلى إلغاء دعم المصدرين والاحتياطيات العامة، وتخفيض الإنفاق الحكومي على الكماليات ومرتبات المستشارين، وفرض الضريبة التصاعدية، حسب النص الدستوري على دخول الأفراد، وكذا الضريبة على معاملات البورصة وضريبة الثروة لمرة واحدة فقط، وتحديد هامش للربح، وضرب الاحتكارات والفساد".
وطالبوا "السيسي" باتخاذ كافة "الإجراءات الكفيلة بخلق حالة من الانفتاح السياسي على كل قوى المجتمع ممن لم يتورطوا في جرائم كالإرهاب وسفك الدم بالإفراج الفوري غير المشروط عن المسجونين في قضايا الرأي ودمجهم بالمجتمع لتحقيق أعلى استغلال لكفاءات هو الأيدي العاملة به، مع إلغاء القوانين سيئة السمعة كقانون الخدمة المدنية وقصر حق التقاضي على طرفي التعاقد وبيع الأراضي لغير المصريين بسيناء وتعديل قانون التظاهر بما يتماشي مع النص الدستوري" .
واختتموا بيانهم الذي تم تسليمه إلى مؤسسة الرئاسة، قائلين: "إدراكا منا للحظة الفارقة التي يمر بها الوطن واستشعارا للخطر المحدق بالبلاد، نطالب رئيس الجمهورية بتبني مقترحاتنا وتوصياتنا ونضع أمامه وأمام الشعب المصري بأكمله هذه الرسالة كتيب مؤتمر (مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية) الذي انعقد في أيار/ مايو الماضي، وقام بإعداده مجموعة من الخبراء الوطنيين كنموذج لبرامج وطنية للإنقاذ في العديد من المجالات بعيدا عن فخ الديون".
ووقع على البيان أحزاب، التحالف الشعبي، والكرامة، ومصر الحرية ، والتيار الشعبي ، والشيوعي المصري. ومؤسسات المجتمع المدني الموقعة هي: المنتدى الوطني، والنقابة المستقلة للعمالة غير المنتظمة، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، ومصريون ضد التمييز الديني.
ومن بين
الشخصيات العامة الموقعة: أحمد دراج (أستاذ جامعي)، وأحمد كامل البحيري (باحث سياسي)، والسيد الطوخي (رئيس تحرير جريدة الكرامة)، وأمين إسكندر (قيادي بحزب الكرامة)، وتامر جمعة (القيادي بحزب الدستور)، وتامر هنداوي (كاتب صحفي)، وجمال الجمل (كاتب)، وجمال عطية (نقيب العمالة غير المنتظمة)، وجورج إسحاق (المنسق الأول لحركة كفاية)، وحسام مؤنس (كاتب صحفي)، وحلمي شعراوي (مؤسس مركز البحوث العربية والأفريقية)، وحمدين صباحي (مرشح رئاسي سابق)، وخالد البلشي (وكيل نقابة الصحفيين)، وزياد العليمي (محامي)، وسالي توما (طبيب)، وشهيدة الباز (مدير مركز البحوث العربية والإفريقية)، وعبد الرحمن الجوهري (منسق حركة كفاية)، وفاروق الفيشاوي (ممثل)، وكمال أبو عيطه (مؤسس النقابات العمالية المستقلة)، ومحمد سيف الدولة (مهندس)، ومعصوم مرزوق (مساعد وزير الخارجية الأسبق)، وممدوح حمزة (مهندس استشاري)، ومنى مينا (وكيل نقابة الأطباء).