نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الوثيقة التي وزعتها المملكة العربية
السعودية على أعضاء الكونغرس الأمريكي لتبين من خلالها جهود الحكومة السعودية في مكافحة
الإرهاب والتطرف وتفند الانتقادات اللاذعة التي يتهمونها فيها باتباع سياسة اللين مع الجماعات المتطرفة.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "المملكة وزعت وثيقة تحمل في طياتها تفاصيل عن خططها وجهودها في مكافحة الإرهاب".
وأضافت المجلة أنها خطوة تأمل من خلالها إزالة الشكوك والاتهامات التي توجهها الولايات المتحدة، حيث يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن المملكة لم تقم بأية إجراءات لمحاربة المتطرفين".
وتابعت أن "السعودية تسعى بهذه الخطوة إلى عرقلة بعض التشريعات المعادية لها لعلّ أبرزها تلك المتعلّقة بمقاضاتها على خلفية ما اعتبره البعض تورّطها في أحداث 11 أيلول/سبتمبر".
وذكرت المجلة أن "الوثيقة التي وزعتها المملكة تضم حوالي 104 صفحات وهي تعد الوثيقة الأولى من نوعها المتعلقة بمكافحة التطرف التي تظهر للعلن حيث تغطي ثلاثة مواضيع رئيسية وهي؛ الإجراءات الأمنية التي تستهدف الإرهابيين، والضوابط المالية المُصممة لعرقلة تمويلهم والجهود المبذولة لإنهاء التطرف في المساجد والمدارس وغيرها من الأماكن العامة".
وقد نصت الوثيقة في جزء منها على أن "المملكة هي إحدى الدول الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب، وهي تعمل عن كثب مع حلفائها على جميع الجبهات، حول هذا الصدد"، وجاء فيها أن "المملكة العربية السعودية تشاطر الولايات المتحدة نفس أعدائها الإرهابيين وتقاتل في نفس الحرب ضد الإرهاب باعتبارها شريكة أمريكا على مدى أكثر من عقدين من الزمن".
وأشارت المجلة إلى أنه "على الرغم من أن 15 سعوديا من أصل 19 شاركوا في أحداث 11 أيلول/سبتمبر، إلا أن حكومة الرياض لطالما نفت بشدة ضلوعها في مثل هذه الأحداث، ولم تتهم كذلك أمريكا رسميا حليفتها الغنية بالنفط بالتواطؤ، بل على العكس، أشاد المسؤولون الأمريكيون بمساعدة الجانب السعودي في محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، الذي هدف إلى الإطاحة بالأسرة الحاكمة في السعودية".
وأضافت المجلة أن "الشكوك لا تزال تحوم حول تورط المسؤولين السعوديين في أحداث 11 أيلول/سبتمبر سنة 2001، حيث أنه خلال هذا الأسبوع، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع على مشروع قانون يجعل من السهل على عائلات ضحايا هذه الأحداث رفع دعوى قضائية ضد السعودية إذا ثبُت تورطها".
وأفادت المجلة أنه "على الرغم من أن حكومة السعودية تعرف بعدم شفافيتها، على حد قولها، إلا أن هذه الوثيقة لفتت النظر خاصة وأنها فصلت نسبيا الإجراءات التي اتخذتها المملكة سواء من تلقاء نفسها أو بالتنسيق مع حلفائها في المنطقة بهدف محاربة التطرف. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من هذه الإجراءات تلت الأحداث الإرهابية التي استهدفت المملكة خلال سنتي 2003 و2004".
وتابعت: "فعلى سبيل المثال، راقبت حكومة الرياض حوالي 20 ألف مسجد من أصل 70 ألفا، واتخذت خطوات جادة تجاه الجمعيات الخيرية حتى لا يقوم بعضها بتمويل الإرهاب وحجبت حوالي 400 ألف موقع على شبكة الإنترنت بهدف "التصدي للهجوم العدواني الذي تشنه هذه المواقع، بما في ذلك مواقع التطرف الديني التي تنتهك مبادئ الإسلام والأعراف الاجتماعية".
وذكرت المجلة أن "الوثيقة تحتوي على سجلات (الاعتقالات والحوادث الإرهابية) التي وقعت داخل الأراضي السعودية منذ سنة 2003 وصولا إلى سنة 2016، بما في ذلك حادثة قتل الضابط السعودي التي جدّت خلال 5 نيسان/أبريل والتي تبناها تنظيم الدولة".
وأفادت أن "السلطات السعودية اعتمدت على معلومات سريّة استقتْها من مصادر أمريكية سرية من ضمنها وزارة الخزانة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي".
ونقلت المجلة تصريح محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألترمان، الذي أفاد أنه "على الرغم من أن هذه الوثيقة ستكون بمثابة الردّ على الاتهامات العنيفة التي تُوجّه للسعودية، إلا أنني لا أعتقد أنها ستجعل من أعداء المملكة أصدقاء لها حيث أنه يجب التنويه بمدى قلق الأمريكيين تجاه التحالف الذي يجمع كلا من الولايات المتحدة والسعودية والذي يعتبرون أن من شأنه أن يجعل من أمريكا أقل أمنا".
وأشارت المجلة إلى أن عددا من المسؤولين الأمريكيين، فضلا عن المرشحين للرئاسة هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وجهوا خلال الفترة الأخيرة انتقادات لاذعة للسعودية حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتقد اعتماد الجانب السعودي على المساعدات العسكرية الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أن أوباما كان قد هدد في وقت سابق باستخدام حق النقض ضد مشروع القانون الذي يسمح برفع دعاوى قضائية ضد السعوديين بسبب هجمات 11 أيلول/سبتمبر معتبرا أن هذه التشريعات يمكن أن تعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية مماثلة، لكن إذا كان الدعم في مجلس النواب قويا كما هو الحال في مجلس الشيوخ، فإن أوباما سيضطر حينها إما لتغيير رأيه أو أنه سيتم رفض حقه في النقض.
وفي الختام، بينت المجلة أنه تحت الضغط المتنامي، أصبحت إدارة أوباما مجبرة خلال الأسابيع القادمة على تقديم 28 صفحة من التحقيق الذي قام به الكونغرس سنة 2002 والمتعلّق بدور السعوديين في هجمات 11 أيلول/سبتمبر، إلى العلن. لكن بعض الأوساط السعودية استنكرت التداعيات السلبية التي ستطال المملكة على خلفية نشر هذه الوثائق.