واصلت صحيفة "الغارديان" تغطيتها للحرب الدعائية، التي شنتها الحكومة البريطانية ضد
تنظيم الدولة، مشيرة إلى دور وزارة الخارجية والدفاع في إنشاء برنامج لمساعدة الجماعات السورية المعتدلة المسلحة، وذلك في محاولة للترويج لقيم الثورة، وإيصال رسالة الجماعات المسلحة إلى الرأي العام.
ويشير التقرير إلى أن الوزارتين استخدمتا أساليب مشابهة للبرنامج الذي كشف عن تصميمه داخل وزارة الداخلية؛ لمنع الشبان المسلمين من السفر إلى سوريا، وهو ما يعرف باسم وحدة "البحث والمعلومات والاتصالات" (
ريكو)، لافتا إلى أنه نفذ عبر شركة تعهد هي "بريكثرو ميديا نيت وورك"، حيث أنتجت هذه الشركة مواد دعائية من أفلام وملصقات، ومواد إذاعية وفيديو، وأنشأت صفحات على "فيسبوك"، وأعدت مواد لـ"تويتر".
وتذكر الصحيفة أن الوحدة تخفي دور الحكومة البريطانية، وتقدم نفسها على أنها مبادرة لتقديم النصح حول كيفية دعم اللاجئين السوريين، حيث أجرت لقاءات شخصية مع آلاف الطلاب الذين كانوا يشاركون في زيارات تعريفية بجامعاتهم قبل انتظامهم الرسمي، ودون أن يعرفوا أنهم كانوا يشاركون في برنامج الوحدة.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن ما يميز البرنامج المحلي والخارجي هو أن دور الحكومة البريطانية ظل مخفيا، حيث إن منظمات مجتمعية مسلمة قامت بتنفيذ البرنامج المحلي، وفي البرنامج الخارجي تم الاعتماد على جماعات المعارضة السورية المعتدلة.
وتقول الصحيفة إن الحكومة البريطانية مولت عمليات دعائية لجماعات سورية "معتدلة"، واستعانت وزارة الخارجية بمتعهدين أشرفت عليهم وزارة الدفاع؛ لإنتاج أفلام فيديو وصور وتقارير عسكرية وبرامج إذاعية، وإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل شعارات الجماعات المقاتلة، وإدارة مراكز إعلامية لها، حيث تم نشر المواد عبر الإعلام العربي، ووضعت على الإنترنت، دون إبراز أي دور للحكومة البريطانية فيها.
ويفيد التقرير بأن الحكومة البريطانية حاولت في برنامجها المحلي والخارجي إخفاء دورها، حيث تم تمرير رسالتها عبر جماعات مستقلة، وهي منظمات مجتمعية في
بريطانيا، وجماعات مسلحة في سوريا.
وتبين الصحيفة أن حملة الدعاية لدعم المعارضة السورية بدأت بعد فشل الحكومة في إقناع البرلمان بالمشاركة في حرب عسكرية ضد نظام بشار
الأسد، بعد الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في دمشق عام 2013، مشيرة إلى أنه في خريف العام ذاته بدأت الحكومة في برنامج سري، يهدف إلى التأثير في مسار الحرب، من خلال تغيير مفاهيم المعارضة المسلحة.
وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها "الغارديان" أن الحكومة تعاملت مع المشروع كونه وسيلة للاحتفاظ بموطئ قدم لها في البلاد، إلى حين تدخلها العسكري المباشر هناك، حيث إن البرنامج "يمنح القدرة للتوسع في الفضاء الاستراتيجي إلى حين ظهور الفرصة"، فمن خلال "صندوق النزاع والاستقرار" قامت الحكومة بإنفاق 2.4 مليون جنيه إسترليني على متعهدين يعملون من اسطنبول لتحقيق أهداف استراتيجية الاتصالات ودعم العمليات الإعلامية للمعارضة المسلحة المعتدلة.
ويكشف التقرير إلى أن تلك العقود تعد جزءا من حرب دعائية واسعة في سوريا، وتحتوي على عناصر أخرى، مثل الترويج "لقيم الثورة المعتدلة"، والمساعدة على تشكيل الحس الوطني السوري بطريقة تساعد السوريين على رفض كل من تنظيم الدولة والنظام السوري.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثائق تظهر كيف دعت الحكومة البريطانية المتعهدين إلى اختيار متحدثين قادرين؛ كي يمثلوا الجماعات المسلحة المعتدلة، وليتحدثوا بصوت واحد عنها، بالإضافة إلى توفير لقاءات ودورات تدريبية لقادة المعارضة المسلحة المؤثرين، ونشر مواد المعارضة المعتدلة على مدار الساعة، وتوفير مواد إعلامية مستمرة، حيث نُقل عن مصدر مطلع قوله إن الحكومة البريطانية كانت بالفعل تدير "المكتب الإعلامي للجيش السوري الحر".
وينوه التقرير إلى أن برنامج الدعم استلمته لفترة قصيرة شركة "ريجستر لاركين للاستشارات الدولية"، التي يديرها عقيد سابق في الجيش البريطاني، وعمل في "استراتيجية الاتصالات في وزارة الدفاع البريطانية"، وأنشأ بدوره شركة باسم "إنونفيتف كوميونكيش استراتيجيز" أو (إنكوسترات)، التي استلمت المشروع من "ريجستر لاركين" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014.
وتورد الصحيفة أن متحدثا باسم "إنكوسترات" أكد أن شركته "تقدم الدعم الاتصالي المعلوماتي للمعارضة السورية المعتدلة؛ حتى تستطيع إيصال واقع الحرب للمعنيين بها، لافتة إلى أن المسؤولين أكدوا أن وزارتي الخارجية والدفاع البريطانيتين أشرفتا، وبشكل مشدد، على عمليات المتعهدين، حيث عقد المسؤولون اجتماعات أسبوعية مستمرة معهم، وقال مصدر: "لقد كان القرار النهائي في أيديهم".
وبحسب التقرير، فإن المواد الإعلامية، التي كانت موجهة للمدنيين والعسكريين، تشمل نشرات إخبارية يومية، وفيديوهات لعمليات عسكرية ناجحة، أو أفلام لأعمال إنسانية للمقاتلين المعتدلين وهم يوزعون الطعام.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن وزارة الدفاع أكدت أن الدعم الذي قدمته ذهب إلى الجماعات المعتدلة، وتضم حركة حزم وجيش الإسلام، الذي أنشئ بدعم سعودي.