ألمح الإعلامي والكاتب الصحفي، إبراهيم عيسى، إلى رفضه الشديد لما تم ترويجه في
مصر من حرص على
استقرار البلاد، طيلة 64 عاما (أي منذ حركة الجيش في عام 1952)، في إشارة هي الأولى من نوعها، على لسان عيسى، إلى سوءات الحكم العسكري، في وقت يعتبره كثيرون أحد عرَّابي انقلاب العسكر على الحكم المدني بمصر عام 2013.
وحذر عيسى من أن الذين يدفعون الدولة إلى نوع مقيت من الاستقرار القائم على القمع، إنما يدفعونها دفعا لمأساة، معتبرا أن أجهزة الدولة التي تروج لهذه الطينة من الاستقرار، إنما تكرر غباءها الشديد المعتزة به، منذ أربعة وستين عاما، بحسب قوله.
جاء ذلك في أحدث مقالات عيسى، تحت عنوان: "دعاة الاستقرار ينشرون الفوضى"، بصحيفة "المقال"، التي يرأس تحريرها، وذلك بعددها الصادر الثلاثاء.
وقال محللون إن عيسى يقصد بالـ64 عاما التي أشار إليها الحكم الذي خضعت له مصر منذ عام 1952، الفترة التي خضعت فيها مصر لحكام عسكريين، سواء جمال عبدالناصر، أو محمد أنور السادات، أو حسني مبارك، أو حتى
عبد الفتاح السيسي، باستثناء عام واحد خضعت فيه مصر لحكم مدني هو عام حكم الرئيس محمد مرسي.
وفي بداية مقاله قال عيسى: "دعاة الاستقرار ينشرون الفوضى، هذا ما تتأكد منه كل يوم حين يخرج علينا المسؤولون وأبواقهم، إما نفاقا وإما اقتناعا، وهم يرددون أن مواجهة الإرهاب تقتضي انتهاك حقوق الإنسان، وأن السعي للاستقرار يستلزم القمع، وأن قوة الدولة تستوجب خنق الحريات، وأن حب الرئيس يستلزم تسليم تيران وصنافير للسعودية".
وأضاف: "دعاة الاستقرار القائم على تغول الدولة الأمنية، وتحويل مصر إلى مجتمع بوليسي يتلقى الجميع أوامرهم من الأجهزة، ويمشي كل سياسي أو صحفي أو إعلامي وملزوق في ظهره زمبلك".
وتابع: "دعاة الاستقرار المبني على كبت الناس، وكتم الأفواه، ويغني الشعب أغنية واحدة على لحن الدولة.. دعاة الاستقرار الذين يريدون للبلد شرطا لاستقراره أن يتحول قطعانا من البشر ببغاء بنبرة واحدة".
وأردف: "دعاة الاستقرار يكررون نفس النغمة العطنة التي عاش عليها المصريون في كل عصر ديكتاتوري مستبد حيث تحويل الحاكم إلى الفرعون الإله".
واستطرد: "دعاة الاستقرار هم في الحقيقة ينشرون الفوضى، فالاستقرار المستمد استمراره من عدد المسجونين وليس من عدد المقتنعين، والاستقرار الساعي لبقائه على حساب الكرامة، والاستقرار الذي يعتمد على المنافقين لا الأحرار، والاستقرار الذي يعيش تحته قرابة نصف الشعب تحت خط الفقر، والاستقرار الذي يقتات على التعتيم، والإخفاء عن الناس، وعلى السرية والغرف المغلقة، هو استقرار السادات في 5 أكتوبر 1981، وهو استقرار مبارك في 24 يناير 2011".
وحذر إبراهيم عيسى من أن هؤلاء الذين يدفعون الدولة إلى هذا النوع المقيت من الاستقرار إنما يدفعونها دفعا لمأساة.
واعتبر أن أجهزة الدولة التي تروج لهذه الطينة من الاستقرار إنما تكرر غباءها الشديد المعتزة به، منذ أربعة وستين عاما.
وأردف الكاتب أن: "الاستقرار لا يتم إلا بالديمقراطية، واحترام الدستور.. الاستقرار لا يستمر بل ولا ينشأ أصلا إلا بالحرية والتعددية.. لا استقرار في ظل حكم فردي.. ولا استقرار لبلد تهدف حكومته إلى جعله سجنا كبيرا مفتوحا.. لا استقرار لبلد ينشد حكامه تحويل مواطنيه إلى رعايا وأطفال يسمعون ويطيعون كلام والدهم".
واختتم عيسى مقاله الخطير بالقول: "لا استقرار صدام حسين وحافظ وبشار الأسد ومبارك وزين العابدين وعلي عبد الله صالح والقذافي ما تحتاج إليه مصر.. هذا ليس استقرارا بل فوضى يصنعها دعاة الاستقرار".