نشرت صحيفة غازيتا الروسية تقريرا حول مجموعة من
المرتزقة الروس، الذين يشاركون في القتال ضدّ تنظيم الدولة، بالقرب من مدينة تدمر السورية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إنّ عناصر من تنظيم الدولة في
سوريا قاموا بنشر صور وأشرطة فيديو لجثث خمسة من الجنود الروس الذين تمّ قتلهم قرب مدينة تدمر.
وبحسب الصحيفة، فقد أعلنت السلطات الروسية أنّ هؤلاء المرتزقة لا يمتون بصلة للوحدات العسكرية الروسية، وتواجدهم على الأراضي السورية هو مرتبط بشركة عسكرية خاصّة تسمى "فاغنيرا"، برزت في دونباس وشبه جزيرة القرم قبل تحولها إلى سوريا.
ونقلت الصحيفة أنّ هؤلاء المرتزقة يُقاتلون في سوريا بموجب عقود مع شركة مقرها في سان بطرسبرغ الروسية، وأنّهم من أصل روسي وأوكراني وهم ينتمون إلى "هيئة السلافية"، وهي جمعية الضباط الفاقدين للمأوى التي يترأسها الكولونيل الأوكراني المتقاعد سيرغيي رازوموفسكي، وهدفهم نصرة نظام بشار الأسد، وخاصّة بعد الموقف الذي أصدرته الكنيسة الروسية الأرثوذكسية.
وأضافت أنّ من يقوم بتنظيم عملية إرسال المرتزقة من بطرسبرغ إلى سوريا هما القائدان العسكريان فاديم غوسيف ويفغيني سيدروف، وذلك تحت إشراف العقيد الروسي فياتشيسلاف كلاشنيكوف.
وذكرت أنّه وفقا لمعلومات رسمية من الشركة، فهي تقدّم مجموعة من الخدمات الأمنية والاستشارات، والنقل والرعاية الصحية.
ونقلت الصحيفة أنّ "هيئة السلافية" تتخذ اسما مستعارا لتواجدها في الجبهة السورية وهو "فاغنيرا"، وهو اسم لقائد المرتزقة الذي يلقبونه بـ"فاغنير"، وهو الذي كان قد شارك في بعض المهام القتالية في دونباس، قبل القدوم إلى سوريا مع الجنود في عام 2015، وذلك قبل البداية الرسمية لعمليات القوات العسكرية الروسية في المنطقة.
وقالت الصحيفة نقلا عن بعض وسائل الإعلام الأوكرانية إنّ "فاغنير" قتل خلال عملية عسكرية بالقرب من مدينة تدمر في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2016.
وقال بوريس تشيكين، أحد المسؤولين في "هيئة السلافية"، أنه لم يكن على علم بمقتل الروس في سوريا، إلاّ عندما نشر مقاتلو تنظيم الدولة صورا ومقاطع فيديو للقتلى الروس في تدمر.
وأضافت الصحيفة أنّ بعض الجنود الذين لقوا حتفهم في تدمر، وفقا للصور التي تم نشرها، تبيّن أن البعض منهم لا يحمل شارة، ويلبسون أحذية رياضية بالية، وواحد منهم ليست لديه سترة واقية من الرصاص. واستخلص الخبراء الذين درسوا الصور؛ أن هؤلاء المقاتلين لا تربطهم أي علاقة بهياكل القوات الروسية.
وذكرت الصحيفة أنّه وفقا للإحصاءات الرسمية، فقد قتل ستة من الجنود الروس وهم على التوالي: الطيار أوليغ بيشكوف، وجندي البحرية ألكسندر بوزونيش، وعنصر سلاح المدفعية فيدور زيرافليف، والمستشار العسكري إيفان شرميسين، والمقاول فاديم كوستينكو، وأخيرا ووفقا لوزارة الدفاع، فقد قام أحد الجنود بالانتحار في القاعدة الجوية ولم يتم الإبلاغ عن اسمه.
وأضافت الصحيفة نقلا عن ميخائيل أنيشكين، رئيس مركز الأمن الدولي، أنّ "المرتزقة يتمّ استخدامهم في العديد من الصراعات، وهؤلاء الناس غالبا ما يكونون خارج إطار القانون". وقال: "ينبغي للمرء ألا يخلط بين الشركات العسكرية الخاصة التي تعمل في مجال حماية البنية التحتية والمرافق، والجيوش العسكرية الخاصة التي تمثل المرتزقة الحقيقيين".
وقال المصدر نفسه إنّ هذه الشركات كانت تعمل في الصراعات المتوسطة الحجم في الغرب، وبرزت خاصّة بعد "الحرب الباردة"، وعادة ما تتألف من عناصر سابقين في قوات الأمن.
وأضافت أنّ هذه الشركات في الغرب تعمل في الغالب لصالح الحكومات والمنظمات الدولية، والشركات المتعددة الجنسيات، وتبلغ إيراداتها السنوية أكثر من 100 مليار دولار، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقالت إنّ لهذه الشركات مرافق التدريب الخاصة بها، وترسانة كاملة من الأسلحة الصغيرة والعربات المدرعة وطائرات الهليكوبتر والنقل، ومعظم أرباح هذه الشركات العسكرية يأتي من عقود تبرمها الدولة مع مناطق الحرب. وهؤلاء المرتزقة لديهم سمعة سيئة، لأنهم دائما يُتهمون بقتل المدنيين وتهريب الأسلحة.
وبحسب الصحيفة، فإنّ مثل هذه الشركات لا يمكن تقنينها في
روسيا لأنه ليس هناك تنظيم تشريعي خاصّ بها، وفي الواقع فإن العديد من هذه الشركات تعمل أساسا في حماية البنية التحتية للنفط والغاز والمرافق الرسمية في روسيا، أي "النقاط الساخنة".
وذكرت أنه في نيسان/ أبريل 2012، أشار رئيس الوزراء الروسي آنذاك، فلاديمير بوتين، إلى ضرورة تبني قانون يسمح للمتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص بأن يقدموا خدمات لحماية المنشآت وتدريب القوات الأجنبية في الخارج، من دون تدخل الدولة، ودعا إلى "تنفيذ المصالح الوطنية دون التدخل المباشر للدولة".
ورأت الصحيفة أنّ الرأي الحقيقي للنخبة الروسية في هذا الصدد هو الذي أعرب عنه رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي فلاديمير جيرينوفسكي، الذي قال إن هذه الشركات ستتسبب في بدء حرب
العصابات في روسيا.
ويرى بعض الخبراء العسكريين أنه، على خلاف الغرب، فإن السلطات الروسية هي ببساطة خائفة من سيطرة هذه الشركات الخاصّة على مراكز الطاقة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنّه يوم الخميس الماضي، رفضت الحكومة الروسية إعطاء هذه الشركات العسكرية الخاصّة الشرعية. ووفقا لمجلس الوزراء والدستور الروسي، فإنّه يمنع إنشاء جماعات مسلحة خاصة في الأراضي الروسية.